نميمة الهاتف.. صراع الفلسطينيين مع التنصت الأمني

A 3G sign is seen on the building of Jawwal company, in the West Bank city of Ramallah January 24, 2018. REUTERS/Mohamad Torokman
شركة الجوال الفلسطينية تواجه تهما بالتواطؤ في عمليات التنصت على زبائنها (رويترز)

عاطف دغلس-نابلس

من جديد أعاد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء توفيق الطيراوي مساءلته للنيابة العامة والقضاء الفلسطيني بشأن شكوى رسمية كان تقدم بها سابقا ضد بعض الأجهزة الأمنية وشركة الاتصالات الخلوية (جوال) يطالب فيها بالتحقيق في عمليات تصنت على اتصالات قادة فلسطينيين.

وفي بيان له قال الطيراوي إنه ومنذ أكثر من شهر طالب القضاء بالبت فيما اعتبره "انتهاكا صارخا للحريات وتطاولا" على الصلاحيات والمسؤوليات المنوطة بهذه الأجهزة، وعلى القوانين المنظمة لقطاع الاتصالات في فلسطين.

وفي حديث للجزيرة نت أكد الطيراوي صحة نسبة البيان إليه، واعتبر أن الأولى بالأجهزة الأمنية حماية القيادات الوطنية من هذا النوع من الرقابة لا "التشكيك بانتمائها".

ويقول الطيراوي إنه توجه إلى القضاء لثقته العالية بنزاهته وسيادة القانون، دون أن يمنعه ذلك الإهابة بالرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه للإسراع ببحث حيثيات القضية و"إنصاف المتضررين".

ومما هو أكيد أن الاتهامات بالتصنت لم تكن جزافا أو كيدا ولم يكن الطيراوي حالة منفردة، فقد أكدت نقابة المحامين الفلسطينيين أن "تصنتا مثبتا" جرى على "أعضاء" في مجلسها النقابي.

وكشف أمين سر النقابة المحامي داود درعاوي أن التصنت تم فعلا، وتم "تفريغ" بعض المكالمات عبر وثائق نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يحرك أحد ساكنا من النيابة أو المحكمة التي لم تستمع لإفادات المشتكين ولم تطلب بيناتهم، على حد قوله.

وحسب درعاوي، فإن ذلك يدل على "جدية" الاختراق ووقوف جهات "متنفذة" لها دوافعها خلفه، وأضاف أن أي إجراء يتخذه النائب العام سيؤدي للوصول إلى "رأس الخيط".

‪الطيراوي طالب‬ الأجهزة الأمنية بحماية القيادات الوطنية بدل التشكيك فيها (الجزيرة)
‪الطيراوي طالب‬ الأجهزة الأمنية بحماية القيادات الوطنية بدل التشكيك فيها (الجزيرة)

صراع داخلي
ولم تتهم نقابة المحامين جهة بعينها كما فعل الطيراوي، لكنها أرجعت التنصت إلى هدف "أمني" كونه تزامن واحتجاجات للمحامين مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رفضا "لتغول" الأمن على القضاء وانتهاكه حرمة المحاكم.

وهذا التوجس الذي قاد للتصنت على قيادات فلسطينية عزاه درعاوي إلى "الصراع" على السلطة وداخل حركة فتح على خلافة الرئيس محمود عباس، ويرتبط أيضا بالواقع الإقليمي تجاه القضية الفلسطينية برمتها.

ويشدد درعاوي على أن التنصت "جريمة أخلاقية" قبل أن تكون قانونية، في حين يؤكد خبير الإعلام وحقوق الإنسان ماجد العاروري أن المواطن محمي من أي كشف لخصوصيته.

ويمنع القانون الفلسطيني والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفق (المادة 17) التنصت واعتراضات مكالمات الأشخاص إلا بأمر قضائي وفي حالات محددة تتعلق بحالة اشتباه جنائي خطير. 

ويشير درعاوي إلى أن القانون يفرض قيودا على تفريغ المكالمات، ويصف التنصت بأنه جريمة دستورية لا تسقط بالتقادم (المادة 32)، ويمكن ملاحقة من يقومون بها والتعويض للمتضررين أيضا.

ويؤكد على المسؤولية القانونية لشركات الاتصال سواء كان التنصت حدث "بتواطؤ" منها أو بغير علمها، إذ يفترض بها حماية زبائنها من أي خروقات.

‪المحامون اعتصموا في وقت سابق أمام محكمة نابلس لرفض هيمنة الأمن على القضاء‬ (الجزيرة)
‪المحامون اعتصموا في وقت سابق أمام محكمة نابلس لرفض هيمنة الأمن على القضاء‬ (الجزيرة)

دولة بوليسية
وتقول مؤسسة الحق الفلسطينية إن التنصت مؤشر خطير وانزلاق تجاه "الدولية البوليسية" إذا ثبتت صحته، خاصة أنه يطال محامين وشخصيات وقيادات في الضفة الغربية وغزة.

ولم تعلق شركة جوال على القضية، في حين اكتفت وزارة الاتصالات بالقول على لسان مسؤول فيها -فضل عدم ذكر اسمه- إنها "ليست جهة اختصاص لموضوع المحتوى".

كما حاولت الجزيرة نت الاتصال بالناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري للتعليق على الموضوع، لكنه لم يجب.

ورغم حجم القضية وتقديم الشكوى من جهات مسؤولة وفاعلة بالمجتمع فإنه لم تتسرب أي معلومات عن الملف الذي لا يزال "قيد التحقيق".

هذا التعتيم ربطه صلاح أبو زهير رئيس قسم الإعلام في مكتب النائب العام  بالحرص على تجنب أي "تأثيرات خارجية" على سير التحقيق، ووعد بإصدار بيان علني فور انتهاء التحقيق.

المصدر : الجزيرة