قضايا المراهقين.. البالغون بحاجة لأن "يكبروا" ليفهموها

Palestinian youths demonstrate their parkour skills on a street in Gaza City January 15, 2016. REUTERS/Suhaib Salem
رياضة الباركور بأحد شوارع غزة (رويترز)

قالت "نيتشر" العلمية إنه من المستغرب أن يكون حجم البحث العلمي ضئيلا بشأن الفترة الضبابية بين الطفولة والبلوغ والتي يعيشها المراهقون. وقالت المجلة البريطانية إنه في الوقت الذي لا يتصور وجود نظام للرعاية الصحية الحديثة -دون التركيز على التحديات المتعلقة بطب الأطفال أو طب الشيخوخة- فإنه لا يوجد أي جهد مماثل يتعلق بفئة المراهقين.

ويشتكي المراهقون من أنه لا أحد يفهمهم، ولا يقتصر الأمر على الآباء فقط بل حتى الأطباء وعلماء النفس والأعصاب والاجتماع وخبراء القانون والتربية، وذلك رغم أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عشر و24 سنة يشكلون ربع سكان المعمورة.

و"المراهقة" تعني باللاتينية "أدولزير" ومعناها "يكبر" ولكن في العديد من السياقات الأخرى فإننا نفتقد لتعريف سهل لهذا المصطلح، إذ تصنف منظمة الصحة العالمية الأشخاص بين عشر و19 سنة بفئة المراهقة، في حين تتقاطع هذه الفئة العمرية مع أخرى، فالأمم المتحدة تصنف الشباب ما بين 15 و24 عاما.

كما أن هناك تداخلا بين الطفولة والشباب عندما يعرف الطفل بأنه كل شخص دون سن الثامنة عشرة، والشاب بأنه كل شخص يتراوح عمره بين عشر و24 سنة.

وينبغي ألا يفاجئنا بعد ذلك أن هناك تباينا كبيرا في جميع أنحاء العالم بخصوص الفترة التي يكلف فيها الشباب باتخاذ القرارات التي يتخذها الكبار.

تناقض
ويقول لورانس شتاينبرغ أستاذ علم النفس بجامعة تيمبل الأميركية ومؤلف كتاب "فرصة الفرصة.. دروس من العلوم الجديدة للمراهقين" إن هناك خلطا كبيرا فيما يخص التعامل مع فئة المراهقين، ففي الوقت الذي يحاكم فيه مجتمعٌ شخصا عمره 12 سنة بتهمة ارتكاب جرائم خطيرة لأنه ناضج بما فيه الكفاية، فإن يمنع على شخص يبلغ من العمر عقدين من شراء الخمور لأنه غير ناضج بما يكفي للتعامل مع الخمر.

‪عراقيون بأحد مقاهي الإنترنت في مدينة الصدر بالعاصمة بغداد‬ عراقيون بأحد مقاهي الإنترنت في مدينة الصدر بالعاصمة بغداد (رويترز)
‪عراقيون بأحد مقاهي الإنترنت في مدينة الصدر بالعاصمة بغداد‬ عراقيون بأحد مقاهي الإنترنت في مدينة الصدر بالعاصمة بغداد (رويترز)

ويوفر علم الأحياء مؤشرا واضحا لتمييز فترة المراهقة، فهي تبدأ مع أول سن البلوغ حيث تتطور الأعضاء التناسلية، ولكن أنماط البلوغ تختلف في جميع أنحاء العالم، وحتى داخل البلد الواحد.

وتبين إحدى الدراسات أنه في منتصف القرن الـ 19 كانت الفتاة في البلدان المتقدمة تصل إلى الفترة الأولى من البلوغ بين 15 و16 سنة. وبحلول عام 2000، انخفض سن البلوغ إلى ما دون 13، وهو تغير يعزى إلى تحسن التغذية والرعاية الصحية. كما يحدث البلوغ أيضا في وقت سابق بالنسبة الأولاد، ويعتقد أن السمنة في مرحلة الطفولة عامل تسريع للبلوغ.

ويقول شتاينبرغ إن دماغ الشاب يواصل نضجه منتصف العشرينات، وتعتمد التغيرات العصبية بشكل جزئي على الهرمونات، ويمكن لهذه التغيرات أن تدفع باتجاه البحث عن المتعة والمخاطر والسلوك المندفع. وبناء على ذلك، يقول أستاذ علم النفس الأميركي إن مرحلة المراهقة تمتد بين عشرة و25 عاما.

صِدام
ما يجري اليوم هو أن الخطوات الخاطئة التي قد يرتكبها الشباب يتم رصدها ومشاركتها في العالم الرقمي، كما أن الصدام بين عقول المراهقين والقواعد التي يضعها البالغون قد يفسر بعض الإحصائيات أكثر القتامة التي تتعلق بالشباب، إذ إن الأسباب الرئيسية لوفاة المراهقين هي على التوالي حوادث الطرق وفيروس نقص المناعة المكتسب والانتحار.

إن صحة المراهقين تستحق عناية خاصة لأن عادات الشباب يمكن أن تصبح ملمحا رئيسيا لمرحلة البلوغ، فالمراهقون الذين يدخنون القنب الهندي أو النيكوتين أو الذين يتعاطون الخمور غالبا ما يصبحون مدمنين مدى الحياة. كما يتم تشخيص إصابة المراهقين بأمراض عقلية طبقا للمعايير المطبقة على البالغين، ويعالجون بأدوية مخصصة لمن هم أكبر سنا.

المصدر : فايننشال تايمز