تمديد إجازة الأبوة بالمغرب.. مطالب واقعية أم مزايدات سياسية؟
سناء القويطي-الرباط
اختلاف واستغراب
ورأى البرلمانيون الذين اقترحوا هذا التعديل القانوني أنه "يأتي في إطار العدالة والمساواة في تطبيق القوانين والحرص على التوازن بين الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، وتدعيما لآليات التوفيق بين الحياة المهنية والأسرية، وأهميّتها في بناء خلية أسرية متوازنة تتقاسم مسؤولياتها فيما يتعلق برعاية الأبناء، وذلك انطلاقا مما تتحمله الزوجة قبل الولادة وبعدها من أعباء كثيرة تفوق طاقتها، نتيجة لغياب أو انشغال الأب".
إلا إنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يقترح فيها تعديل قانوني بشأن إجازة الأبوة، فقد سبق أن تقدمت الأغلبية البرلمانية في يناير/كانون الثاني الماضي بمقترح ينص على رفع إجازة الأمومة إلى 16 أسبوعا، ورفع إجازة الأبوة من ثلاثة إلى عشرة أيام.
واختلف مغاربة في تفاعلهم مع فكرة تمديد إجازة الأبوة حسب تعليقات تابعتها الجزيرة نت على بعض المواقع الإلكترونية المغربية. ففي الوقت الذي رأى فيه البعض أن الإجراء القانوني المقترح من شأنه إشاعة ثقافة جديدة تشجع الأب على المشاركة في رعاية أبنائه، سخر آخرون منه وتوقعوا أن يقضي بعض الآباء إجازة الأبوة في حال تمديدها في المقاهي وليس مع الأسرة.
الرعاية المشتركة
وعبر مراقبون عن استغرابهم من أن المقترح قدمه حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الحكومة) الذي يعرف بكونه تجمعا لرجال الأعمال، ورئيسه الحالي ليس سوى الملياردير عزيز أخنوش، بينما رئيس الحزب السابق هو رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب حاليا.
وفي تعليقها على الموضوع، قالت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية عزيزة البقالي إن مطالب جمعيتها ترتكز أساسا على الرفع من فترة إجازة الأمومة إلى 16 شهرا، رغم تقدمها بمقترح داعم يقضي بزيادة إجازة الأبوة.
واعتبرت هذا من الحلول التي يمكن أن تساعد على تحقيق التوازن داخل الأسرة في إطار الرعاية المشتركة للأبناء.
ومع ذلك ترى البقالي أن القانون وحده لا يكفي لتفعيل هذا المطلب، بل لا بد أن تسبقه كما ترى نقاشات عمومية تسهم في تشكيل ثقافة أسرية جديدة يكون فيها للوالدين معا دور في رعاية الأبناء.
مراعاة الواقع
أما رئيس جمعية "أمل" للمقاولات الطيب أعيس فهو لا يدعم مقترح تمديد إجازة الأبوة لثلاثين يوما لأنه "لا يراعي الواقع الاقتصادي والثقافي للبلاد"، وقال إنه مشكلة مفتعلة يحاول من يقف وراءها صرف النظر عن المشاكل الحقيقية للبلاد التي لا يتكلم عنها أحد، وفق تعبيره.
وتساءل عن أهداف هذا المقترح ما دامت الثقافة المغربية لا تعطي للأب مسؤولية رعاية الأطفال الرضع وما دام الآباء أنفسهم والمجتمع لم يطالبوا بهذا الأمر.
وأشار أعيس إلى أن مدونة الشغل مليئة بالثغرات والإشكالات الحقيقية، معتبرا موضوع الرفع من إجازة الأبوة ليس ذا راهنية بل مجرد مزايدات سياسية.
وبعد أن قيم الإنتاج في المغرب بأنه ضعيفة جدا، قال المسؤول الجمعوي مستغربا "بينما يعمل الناس في الصين وتركيا والدول الآسيوية ليل نهار من أجل تقوية اقتصاداتها، يقدم بالمغرب مقترح لإجازة أبوة مدتها شهر".