ماذا ستكشف الجزيرة عن "صفقة" أوكرانيا؟

فيلما تحقيقيا بعنوان (الأوليجاركي: الطغمة المنتفقة" من اعداد إدارة التحقيقات الخاصة التابعة للشبكة
160 مليون دولار صدر قرار بتجميدها من قبل قاض أوكراني (الجزيرة)
ويل جوردان-وحدة التحقيقات الصحفية بالجزيرة

تكشف الجزيرة في الفيلم الوثائقي "الأوليجاركي.. الطغمة المنتفعة" الذي يبث الليلة عن صفقة لبيع جزء من ممتلكات قيمتها 1.5 مليار دولار يشتبه في أن رئيس أوكرانيا السابق فيكتور يانوكوفيتش كان قد اختلسها.

حصلت وحدة التحقيقات في شبكة الجزيرة، بشكل مستقل ومنفصل، على وثيقة غير موقعة تضع تاجر الغاز أليكساندر أوناشينكو وشركته القبرصية "فاستيلو ليمتد" في الصميم من صفقة لشراء عشرة ممتلكات غير مشروعة تقدر قيمتها بما يقرب من 1.5 مليار دولار يمكن تقفي آثارها إلى بطانة الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش.

يقول أوناشينكو -المطلوب الأكبر للعدالة في أوكرانيا- الذي يبدو في حالة من الاسترخاء والطمأنينة يستغربها المرء من رجل في مثل وضعه المطلوب للعدالة "لست فاسداً.. إنما أنفذ التعليمات الصادرة عن الرئيس. ففي بلدي لا يملك المرء سبيلاً آخر".

وتعتبر المديرة التنفيذية لمركز الفعل المناهض للفساد (أنتاك) داريا كالينيوك أن ما كشف عنه التحقيق "لا يكاد يصدق.. إنه أشبه ما يكون باتفاق مبرم بين رؤساء عصابات إجرامية. بإمكانك أن توقع عليها بدمك".

كانت السلطات الأوكرانية قد جمدت في يونيو/حزيران 2014 الأموال المملوكة للعديد من الشركات في قبرص والمملكة المتحدة وبنما وبيليز وجزر فيرجين البريطانية، ويعتقد بأن مبلغ 1.5 مليار دولار ما هو إلا جزء ضئيل من المبلغ الإجمالي الذي اختلسه يانوكوفيتش.

تملك الشركة القبرصية "كويك بايس" نحو 85 مليون دولار نقداً مودعة في حسابات بنكية بمصارف أوكرانية، و75 مليون دولار على شكل سندات، يحين موعد صرفها قريباً. إلا أنها جميعاً صدر قرار من قاض أوكراني بتجميدها، أي ما مجموعه 160 مليون دولار، سيعمل أوناشينكو بالتعاون مع أوليجاركي آخر على شرائها فقط بمبلغ 30 مليون دولار تدفع نقداً وعلى شكل طائرة نفاثة خاصة.

يقول الكاتب المناهض للفساد أوليفر بولو "أعتقد أن هذا في الواقع اكتشافا مثيرا للاهتمام.. ذلك أشبه بالحصول على شركات رفض أصحابها سداد ديونهم، فتعرضها للبيع بـ20% من قيمتها، ثم يبذلون قصارى جهدهم لاستعادتها وجني الأرباح من ذلك". الفرق هنا هو أنه من غير المشروع التلاعب بالأموال المجمدة.

من جهته، يقول الرئيس السابق لوحدة الفساد الدولية في الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا جون بينتون "الفكرة بمجملها هي أنني جمّدت الأموال لاعتقادي بأنها إيرادات نشاطات إجرامية".

ويضيف في تصريح للجزيرة "يشبه ذلك الاتجار بالبضائع المسروقة بعد أن وضعت الشرطة يدها عليها. وكأنك تضع النقد داخل السيارة المعدة لهروب اللصوص، أليس كذلك؟".

وينص العقد على أن المشترين سيتعاونون من أجل "اتخاذ الإجراء الكافي لإزالة التجميد المفروض على الأموال"، ولكي يتمكنوا من ذلك فإنهم بحاجة لإقناع قاض بإصدار أمر برفع التجميد.

لا توجد لدى داريا كالينيوك ثقة كبيرة في القضاء، إذ "لا يزال معظم القضاة الذين تعرض أمامهم القضايا في أوكرانيا هم أنفسهم الذين عينوا في عهد يانوكوفيتش، وهم أنفسهم غارقون في الفساد".

بافيل فوخس
المشتري الثاني الذي يرد اسمه في الوثائق إلى جانب أوناشينكو هو رجل الأعمال في قطاع العقارات بافيل فوخس، الذي يتخذ من موسكو مقراً له ويرتبط بعلاقات وثيقة برئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب وبأعماله التجارية.

ويرد اسم فوخس في العقد على أنه مالك "دورتشيستر إنترناشيونال ليمتد"، وهي شركة مسجلة في سانت كيتس ونيفيس، الملاذ المعفى من الضرائب في منطقة الكاريبي.

يقول أوليفر بولو إن ما يثير الاهتمام بشأن فوخس هو مدى ما يذهب إليه ليثبت أن الفصل بين أوكرانيا وروسيا، على الرغم من أنهما بلدان مختلفان، يمكن أن يكون سطحيا.

وأضاف أن "النخب في أوكرانيا وفي روسيا ذهبوا إلى المدرسة معاً، وخدموا في الجيش معاً، وكانوا في المخابرات الروسية معاً. فهم يشعرون كما لو كانوا في بلد واحد. ولذا ينساب المال ذهاباً وإياباً، وتتجه الصفقات التجارية إلى الأمام وإلى الخلف". 

سيرهي كيرتشينكو
وتشير الوثائق التي حصلت عليها الجزيرة، بما في ذلك رسائل إلكترونية واتفاقية قرض بمبلغ 160 مليون دولار تعود إلى العام 2013، إلى أن الممتلكات تباع من قبل سيرهي كيرتشينكو.

يقول المحققون الأوكرانيون إنه يتصرف كما لو كان "محفظة نقود عائلة يانوكوفيتش"، يزود الرئيس السابق بالمال حسب الطلب.

برز ملك الغاز الأوكراني ذو الوجه الطفولي كملياردير ولما يتجاوز السابعة والعشرين من عمره، ليدير قطاعات ضخمة من صناعة النفط والغاز في أوكرانيا.

وبعد ثورة الميدان الأوروبية في أوكرانيا والتي انطلقت في فبراير/شباط 2014، هرب كيرتشينكو إلى المنفى في موسكو وما زال رهن العقوبات التي فرضتها عليه الولايات المتحدة وأوروبا. 

محاربة الفساد
بعد ثورة 2014 مباشرة، بدأت الحكومة الموالية للغرب في أوكرانيا سلسلة من الإصلاحات التي اشتملت على تأسيس المكتب الوطني لمكافحة الفساد.

وفي يونيو/حزيران 2016 اتهمت الحكومة أوناشينكو، تاجر الغاز والسياسي المشارك في صفقة كويك بايس، بالاحتيال على الدولة بما يقرب من مئة مليون دولار أثناء ممارسته عمله التجاري في قطاع الغاز.

جُرد أوناشينكو من مقعده في البرلمان ومن الحاصنة من الملاحقة القضائية التي يتمتع بها في العادة كافة أعضاء البرلمان الأوكراني.

يقول مدير المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا أرتيم سيتنيك "ثمة مقاومة شديدة من قبل النخب التي توجد في السلطة حالياً، وكلما مضينا قدماً في التحقيق، واجهنا المزيد من المقاومة".

ويضيف للجزيرة أن قضية أوناشينكو "أزعجت خصومنا"، معلنا أن مكتب المدعي العام المنافس والقضاة الفاسدين والبرلمان والحكومة ذاتها كلهم معادون للوكالة.

وتابع أن البرلمان يعكف على اتخاذ خطوات لتهميش إدارة وكالة مكافحة الفساد وتولي الأمر بنفسه.

وتبث الجزيرة مساء اليوم الأحد فيلما وثائقيا بعنوان "الأوليجاركي.. الطغمة المنتفعة" الساعة 22:05 بتوقيت مكة المكرمة (19:05 بتوقيت غرينتش).

المصدر : الجزيرة