زيارة السراج للخرطوم.. هموم مشتركة وشكاوى متبادلة

البشير والسراج .
الرئيس السوداني مستقبلا السراج أمس (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

وضع الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فايز السراج أكثر الهموم التي تشغلهما معا على طاولة تشريح، سعيا للتوصل لمكمن الداء فيها الذي ظل يشكل حالة غير طبيعية في جسدي بلديهما المثقلين بالجراح، غير أن محللين سياسيين يشككون في قدرة الطرفين على حل خلافاتهما.

ولم يختلف البشير والسراج -الذي كان في الخرطوم أمس الأحد في زيارة هي الأولى من نوعها- إلا على شكليات طفيفة لكن مجمل حديثهما عاد نحو تلك الهموم المتمثلة في أمن بلديهما، وكأنهما يطلبان من بعضهما التوقف عن دعم كل طرف لما يقلق الآخر.

ففي حين لفت الرئيس السوداني إلى التكلفة العالية التي تبذلها بلاده في مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية وتهريب وتجارة البشر والجريمة العابرة للحدود، أبدى السراج أمله في أن يتم تأمين الحدود بين السودان وليبيا.

لكن البشير، الذي يضع أزمة دارفور نصب عينيه، ذكّر السراج بوجود "مرتزقة سودانيين مع المقاتلين الليبيين مما يهدد الأمن في السودان"، نافيا أي أجندة لبلاده غير أمن ليبيا واستقرارها لما لها من روابط مشتركة مع السودان.

استقرار ليبيا
وقال الرئيس السوداني في مؤتمر صحفي مشترك مع السراج بعد مباحثات بينهما إن "الكل يعمل لأجل استقرار ليبيا بعدما استبشرنا خيرا بوجود حكومة توافق معترف بها دوليا".

وأما السراج الذي جاءت زيارته للعاصمة السودانية بعد أيام من زيارة رئيس الوزراء التشادي باهيمي باداكيه، فنادى بتفعيل الاتفاقيات الأمنية بين الخرطوم وطرابلس، مضيفا أن "السودان دولة جارة تمثل عمقا إستراتيجيا بالنسبة لليبيا". ولم ينس المسؤول الليبي التذكير بأن الأطراف الليبية تسعى للاستفادة من أخطاء الماضي لخدمة الشعبين السوداني والليبي على السواء.

ورغم تشكيك محللين سياسيين في قدرة البلدين على وضع الدواء في مكان الداء بسبب تقاطعات دولية تحرك مجمل المنطقة كيف تشاء، فإنهم يعتقدون أن الخرطوم وطرابلس وصلتا حد الكفاية من تردي الأمن وعدم الاستقرار في بلديهما.

ويرى رئيس المجموعة الاستشارية للدراسات والتنمية الحاج حمد محمد أن ما أسماها أجندة الخريطة الدولية لا تزال متباعدة "لتأتي الأزمة الخليجية لتصبّ الزيت على النار المشتعلة أصلا في ليبيا"، ويربط حمد محمد في تصريح للجزيرة نت استقرار ليبيا بالعلاقة بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر والسراج.

حفتر والسراج
ويقول المتحدث نفسه إن العلاقة بين حفتر والسراج "ستكون القاسم المشترك في مستقبل العلاقة بين السودان وليبيا"، لافتا إلى اتهامات سابقة أطلقها حفتر تجاه الخرطوم بدعمها بعض الجماعات التي تهدد استقرار ليبيا.

‪حمد محمد لا يستبعد أن يكون البشير والسراج تلقيا من بعضهما ضمانات لوقف دعم أطراف تزعزع استقرار بلديهما‬ (الجزيرة)
‪حمد محمد لا يستبعد أن يكون البشير والسراج تلقيا من بعضهما ضمانات لوقف دعم أطراف تزعزع استقرار بلديهما‬ (الجزيرة)

ولا يستبعد حمد محمد أن تكون الخرطوم قد تلقت ضمانات من السراج بوقف دعم بعض متمردي إقليم دارفور، في مقابل وعود سودانية مماثلة من بينها الإجابة على انشغالات حفتر وغيره ممن يتهمون السودان بزعزعة استقرار ليبيا.

وفي الاتجاه نفسه، يذهب أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة إلى القول إن زيارة السراج تضفي عليه شيئا من الشرعية والمشروعية، ويضيف الدومة أن "السراج ليس هو السلطة الوحيدة على التراب الليبي، وإنما تأييده دوليا واتفاقه مع حفتر يجعله الجهة القادرة على مخاطبة الجيران بشأن أزمات ليبيا".

دارفور والحدود
ويرى الدومة أن السودان سيحقق من زيارة المسؤول الليبي أهدافا عدة، ومن بينها أن يشعر خليفة حفتر أنه باستطاعة السودان إزعاجه وتهديده حتى يتوقف عن دعم المتمردين بدارفور، رابطا بين أزمة دارفور وعدم استتباب الأمن في ليبيا.

ويضيف الأستاذ الجامعي أنه لا يستبعد أن يكون السراج قد حصل على طمأنة من الخرطوم على الأقل بالحد من تدفقات اللاجئين والفارين والمهاجرين عبر الحدود السودانية الليبية، مشيرا إلى أن "هذا هو القاسم المشترك بين هموم الطرفين، إلى جانب الأزمة في دارفور والجماعات الإسلامية في ليبيا".

المصدر : الجزيرة