لماذا يكذب مستشار سعودي بشأن الوساطة مع إيران؟

تغريدة للمستشار في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني

يوما بعد يوم تثبت الوقائع أن الكذب والتضليل الإعلامي باتا السمة البارزة في إعلام الدول المحاصِرة لـ قطر، والتي لم يعد بعض مسؤوليها يتورعون عن الكذب والتزوير علانية سعيا منهم لتعزيز وضع دولهم، في الوقت الذي يفشل الحصار في تحقيق أهدافه.

لم تكن حالةً فريدةً، قرصنةُ وكالة الأنباء القطرية أواخر مايو/أيار الماضي، وبث أخبار زائفة عبر موقعها والتي كانت منطلق أزمة جافت أسبابها كل منطق. ففي الأسابيع القليلة الماضية ضُبط مسؤولون سعوديون وغيرهم "متلبسين" بتصريحات وصلت حد التدليس على مسؤولي دول أجنبية في مواقف تتعلق بأزمة الخليج.

في أحدث الوقائع، نشر سعود القحطاني -المستشار برتبة وزير بالديوان الملكي السعودي- تغريدة في حسابه بموقع تويتر يزعم فيها أن وزارة الداخلية العراقية أصدرت بيانا تنفي فيه تصريحات للوزير قاسم الأعرجي يؤكد فيها طلب السعودية وساطة العراق مع إيران، وورد نص التغريدة كالآتي "بيان لوزير الداخلية العراقي يتراجع فيه عن تصريحه: السعودية لم تطلب من العبادي التوسط بينها وبين إيران".

لكن البيان المزعوم كان فقط من نسج خيال القحطاني، فلا أثر له في كل المواقع الرسمية الداخلية العراقية، كما أن وهاب الطائي (مستشار الأعرجي) نفى في مقابلة مع "التلفزيون العربي" صدور بيان بهذا المعنى، وأكد أن تصريحات الوزير العراقي صحيحة تماما، وأنه سمع بنفسه طلب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان موضوع الوساطة حيث استقبل الأعرجي في الرياض مؤخرا.

وكان الأعرجي قال في تصريحات له بالعاصمة الإيرانية إن السعودية طلبت بشكل رسمي من رئيس الوزراء حيدر العبادي التدخل للتوسط بين المملكة وإيران، وأضاف أنه نقل وجهة النظر السعودية للجانب الإيراني، وأن الإيرانيين ينظرون للطلب بشكل إيجابي، وسيسعون لتطبيع العلاقات.

والنفي الرسمي السعودي اللاحق لطلب الوساطة، والتأكيد على رفض أي تقارب مع إيران طالما أنها تصدر "الإرهاب" وتشيع الاضطرابات في المنطقة، لا يعفي المستشار القحطاني من التزوير الفج الذي طبع الحملة السياسية والإعلامية غير المسبوقة على قطر منذ أيامها الأولى.

لم يكن القحطاني أول مسؤول سعودي يلجأ إلى هذا الأسلوب، ففي أوائل يوليو/تموز الماضي نُقل عن وزير الثقافة والإعلام السعودي عواد بن صالح العواد عقب زيارته ألمانيا أنها توافق أو تتفهم الحصار على قطر، ليخرج لاحقا رئيس البرلمان الألماني ونائبته يكذبان المسؤول السعودي.

مواقف سياسية
والواقع أن أسلوب اختلاق التهم والتصريحات لم يتفرد به بعض المستشارين أو الإعلاميين من دول الحصار على توتير، بل كان ضمن مواقف سياسية عبر عنها مسؤولون بالدول الأربع في أعلى المستويات، أو من خلال وسائل إعلامها.

فعلى سبيل المثال، اعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير -في مؤتمر صحفي عقب اجتماع رباعي الحصار في المنامة الشهر الماضي- أن قطر طلبت "تدويل الحج" ووصف ذلك بإعلان حرب.

والحقيقة أنه لم يصدر تصريح بذلك من أي مسؤول قطري، كما أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في أكدت أنها تقدمت فقط بشكاوى جراء العراقيل التي تحول دون أداء القطريين مناسك الحج في الأراضي المقدسة، نافية أن تكون طالبت بتدويل الحج.

كما كان التلفيق بشأن العلاقة مع إيران محركا رئيسا في حملة محاصري قطر، ففي الوقت الذي كانوا فيه يقولون إن على الدوحة خفض علاقاتها مع طهران، كانت وسائل إعلام سعودية وإماراتية ومصرية تردد مزاعم وجود قوات إيرانية في قطر، وهو ادعاء لم تستطع أي من الدول الأربع إثباته.

المصدر : الجزيرة