أي أفق لجبهة توافق جديدة بين قوى يناير بمصر؟

الجبهة تمثل إطارا واسعاً لكل الحركات المنتمية لثورة يناير . (تصوير خاص لتظاهرات 6 ابريل ضد النظام في ذكرى تأسيسهاـ القاهرة ـ 2015).
الجبهة الوطنية تمثل إطارا واسعا لكل الحركات المنتمية لثورة يناير (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

وُلدت الجبهة الوطنية المصرية في الذكرى الرابعة للانقلاب العسكري في مصر ككيان جامع لكل المعارضين للنظام الحالي، غير أن المفارقة كانت في معارضة بعض مناهضي النظام لها، إما لأنها تضمنت تنازلات للفرقاء يعتبرونها أساسية، كمطلب عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، أو لأنها لم تتضمن تنازلات صريحة من جانب الفرقاء.

وضمت الجبهة تشكيلة سياسية منوعة من الرموز والحركات السياسية المختلفة، وتضمنت وثيقتها 11 بندا، وركزت على الأمور التوافقية بدل القضايا الخلافية.

ونصت الوثيقة على "التمسك بمبادئ ثورة يناير واستعادة مكتسباتها وإزالة آثار الانقلاب عليها، وبناء دولة مدنية حديثة، وتجاوز خلافات الماضي والتطلع للمستقبل، والاعتراف بالمسؤولية المشتركة عما آلت إليه الأمور، والاتفاق على فترة انتقالية عقب الخلاص من الحكم العسكري، تدار فيها الدولة على أسس تشاركية توافقية لا تعتمد الأوزان النسبية، وتحسم كل قضاياها بالحوار والتوافق أو بالاحتكام للشعب".

‪العربي: بنود الوثيقة أرضية مشتركة لكل المخلصين من قوى يناير للعمل‬  (الجزيرة)
‪العربي: بنود الوثيقة أرضية مشتركة لكل المخلصين من قوى يناير للعمل‬ (الجزيرة)

أسس مشتركة
ورأى الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للصحافة قطب العربي -وهو أحد الموقعين على البيان التأسيسي للجبهة- أن "بنود الوثيقة أرضية مشتركة لكل المخلصين من قوى يناير للعمل، تراعي مخاوف الجميع".

وتابع "ولدت الجبهة بعد تعثر جهود سابقة في تحقيق اصطفاف وطني واسع، بسبب الاستقطاب السياسي بين شركاء الثورة، لكن الآن تبددت كل أوهام سلطة الانقلاب، وتوالى ظهور اعتذارات كثيرين ممن دعموا الثورة المضادة من قبل".

وذكر العربي بحديثه للجزيرة نت أن إعلان الجبهة جاء بعد حوارات ممتدة تركزت على التوصل إلى المبادئ المشتركة بين قوى يناير.

ودافع عن تجاهل الإشارة لشرعية الرئيس مرسي، بالقول إن "وثائق العمل المشترك تركز بالأساس على المتفق عليه، ولم تطلب الجبهة من أحد التنازل عن ثوابته، بل إن وثيقتها التأسيسية أقرت بحق كل طرف موقع عليها بالتعبير عن مشروعه السياسي، مع الاحتكام للشعب عند الخلاف، ومن هنا أصدر الإخوان بيانا داعما للجبهة، مع تجديد تمسكهم بشرعية مرسي".

ويرى العربي أن الجبهة تختلف عن سابقاتها في أنها تضم العديد من القوى والرموز السياسية البارزة، وتمتلك خطابا سياسيا واعيا بالمرحلة ومتجاوزا لحالة الاستقطاب، وقادرا على الوصول لقطاعات شعبية واسعة، حيث ستعتمد بالأساس على تفاعل الشعب وخصوصا الشباب مع أنشطتها في الداخل والخارج.

‪مؤيدو الرئيس مرسي لا يزالون يرونه رمزا لكسر الانقلاب‬ (الجزيرة)
‪مؤيدو الرئيس مرسي لا يزالون يرونه رمزا لكسر الانقلاب‬ (الجزيرة)

شكوك
بالمقابل، ينظر عضو جبهة الضمير محمد شرف للجبهة "ككيان متكرر، بنفس الكلام ونفس الشخصيات، ولا يقدم جديدا"، مشككا في جدواها وأهدافها.

وتابع شرف بحديثه للجزيرة نت أن "تدهور أحوال البلاد ضاعف الضغط على الانقلاب للبحث عن مخرج، فزاد الضغط على المعتقلين وأهاليهم، ولذلك تتوالى المبادرات المشبوهة، كما لو أن هناك تنسيقا كاملا فيما يرددون مع بعضهم بتناغم، ثم يُطرح الاصطفاف على قاعدة تجاهل شرعية الرئيس مرسي".

وأضاف شرف أن "الحقيقة هي أن هؤلاء ليس هدفهم إسقاط الانقلاب أصلا، بل هم مشاركون في لعبة الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعضهم كوصيف وآخرون كمحللين للعسكر، وكلهم غير متضررين من الانقلاب مكتفين بنضال الفنادق وفضائيات تدعى الثورية، بينما من يمولها داعمو الانقلاب، للسعي بوتيرة عصبية لحلحلة الموقف المتكلس، أو لإعادة تدوير الانقلاب، ومنهم من شاركوا في تظاهرات 30 يونيو 2013، من منتسبي جبهة الإنقاذ".

ويرحب رئيس تحرير تقرير التنمية العربية عن الأمم المتحدة نادر فرجاني بإعلان الجبهة، موردا تحفظين، أولهما يتعلق بعضوية الهيئة التأسيسية، التي ينبغي توسيع المشاركة فيها خصوصا داخل مصر، ومساهمة القوى المعارضة للحكم التسلطي، خلاف جماعة الإخوان وحلفائها، "وبعض من وردت أسماؤهم ضمن المؤسسين يضرون بالمصداقية الوطنية للجبهة".

أما التحفظ الثاني "فيتعلق بمبادئ العمل السياسي التي تضمنتها الوثيقة التأسيسية"، وألمح فرجاني إلى أن "المبادئ الموردة من الروعة والكمال بحيث يصعب على ضوء الخبرة السابقة تصور أنها ستنفذ، ومنها كمثال تفادي هيمنة الأغلبية على القرار، ولو كان تحالف الإخوان قد طبق المبادئ المذكورة أثناء تولي حكم مصر لما نشأت الحاجة إلى 30 يونيو، ولما تمخضت الأوضاع عن انقلاب 3 يوليو".

المصدر : الجزيرة