ما تداعيات حماية الجيش التونسي لمنشآت الإنتاج؟

جانب من خطاب الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي/قصر المؤتمرات العاصمة تونس/مايو/آيار 2017
السبسي انتقد أول أمس الأربعاء مطالب المحتجين وأعلن عن إجراءات جديدة لحماية منشآت الطاقة (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

لم يجد الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي خيارا يضمن عودة الإنتاج في منشآت الطاقة سوى الأمر بنشر قوات الجيش لتحصينها من الاحتجاجات والاعتصامات.

ونجح السبسي في جذب الأنظار إلى خطابه أول أمس الأربعاء الذي أعلن فيه جملة من الإجراءات، أبرزها قرار تسخير قوات الجيش لحماية منشآت البترول والفوسفات.

وانتقد السبسي في خطابه ارتفاع مطالب المحتجين، ولا سيما بمحافظة تطاوين أقصى الجنوب، حيث واصلوا الاعتصام في خيامهم والتمسك بمطالبهم.

وبينما استحسن بعض السياسيين هذا القرار لتحريك عجلة الإنتاج المتعثرة عبر آخرون عن رفضهم إقحام الجيش في مواجهة المحتجين.

وأبدى سليم بسباس النائب عن حركة النهضة وزير المالية الأسبق تأييده الإجراء الذي اتخذه السبسي، قائلا إنه يضمن هيبة الدولة ولكنه جاء متأخرا.

ورأى بسباس أنه لا يوجد أي تناقض بين توجهات الدولة الديمقراطية الناشئة وتكليف الجيش بحماية منابع الإنتاج لتفادي مزيد من الخسائر المكلفة على الاقتصاد.

وقال إن البلاد "تخوض معركة اقتصادية بامتياز في وجه إرهاب جديد هو إرهاب الاقتصاد".

وأعرب عن تفهمه لمطالب المحتجين في المناطق المحرومة والتي ترتفع فيها نسب البطالة والفقر، قائلا إن الدولة بصدد اعتماد مبدأ "التمييز الإيجابي" لتوجيه أكبر قدر من المشاريع إلى تلك المناطق.

لكنه نبه إلى أن الدولة لن تكون قادرة على القيام بهذا الدور في ظل تراجع النمو وتعطل الإنتاج.

‪تطاوين التونسية تشهد احتجاجات واعتصامات ضد البطالة والفقر والغلاء‬ (الجزيرة)
‪تطاوين التونسية تشهد احتجاجات واعتصامات ضد البطالة والفقر والغلاء‬ (الجزيرة)

تعكير الأوضاع
غير أن أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي شدد على أن خطاب السبسي كان خاليا من أي حديث عن إجراءات عملية لحل الأزمة ولم يشر لمحاربة الفساد الذي نخر البلاد.

وقال المغزاوي إن الرئيس التونسي اكتفى بتسخير قوات الجيش لتكون في مواجهة المحتجين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة في التشغيل والتنمية.

ويضيف المغزاوي -وهو نائب بالبرلمان- أن قرار إقحام قوات الجيش في شأن سياسي محض سيعمق الأزمة الاجتماعية ويزيد من تعكير الأوضاع.

واعتبر أن القرار يعكس "عجز منظومة الحكم الحالية التي أفرزتها انتخابات 2014 عن بلورة سياسات تستجيب لتطلعات الشعب في حياة لائقة".

ومع أن المغزاوي يستبعد حدوث اشتباكات بين الجيش والمحتجين السلميين، لكنه يرى أن وقوع مثل هذه الاحتمالات "تبقى قائمة".

ويقول للجزيرة نت إن قرار السبسي "غير رصين" على اعتبار أن من شأنه أيضا أن يشتت تركيز قوات الجيش ويضعف جهودها في محاربة الإرهاب وحماية الحدود البلاد.

لكن العميد السابق في الجيش التونسي مختار بن نصر يؤكد أن القرار لن يؤثر على أداء القوات المسلحة لأنها "تملك الإمكانات والوسائل والتدابير الضرورية لحراسة المناطق الحساسة والإستراتيجية".

ويشير إلى أن السبسي اتخذ القرار بعد اجتماع بمجلس الأمن القومي الذي يضم وزير الدفاع وقيادات من الجيش.

‪المحتجون رفضوا مسامحة المتهمين بالفساد من خلال قانون المصالحة الاقتصادية‬ (رويترز)
‪المحتجون رفضوا مسامحة المتهمين بالفساد من خلال قانون المصالحة الاقتصادية‬ (رويترز)

تعافي الاقتصاد
ويذكر بأن الجيش نجح بعد الثورة في حماية الحدود والمنشآت ومساعدة اللاجئين القادمين من ليبيا والمساعدة على إجراء امتحانات الباكالوريا ومحاربة الإرهاب.

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن إجراء نشر قوات الجيش أمام المنشآت الإنتاجية لحمايتها من تأثيرات الاحتجاجات "فيه مغامرة" لأنه في حال فشله قد يعيد البلاد إلى مربع الانفلات والاضطرابات، لكنه يؤكد أن نجاح هذا الإجراء "سيعيد للاقتصاد عافيته".

ويقول الشكندالي للجزيرة نت إن قرار السبسي "خطوة إلى الأمام" من أجل إعادة عجلة الإنتاج إلى سالف عهدها.

وأشار إلى أن الدولة تتكبد خسائر بملايين الدولارات في قطاعي النفط والفوسفات بعد هبوط الإنتاج بسبب الاعتصامات والاحتجاجات العشوائية.

ويرى أن حماية الجيش لهذه القطاعات ستنعكس إيجابا على الاستثمار وارتفاع نسب النمو وبالتالي على التنمية والتشغيل.

لكنه شدد على ضرورة توجيه خطاب حكومي جديد في إطار إستراتيجية عامة ومبسطة للرأي العام وإشراك منظمات المجتمع المدني من أجل التحسيس بأهمية إعادة دواليب الإنتاج لسالف نشاطها بعيدا عن سياسة لي ذراع "حتى لا ينقلب السحر على الساحر".

المصدر : الجزيرة