مصر وتركيا.. هل يذيب الاقتصاد جليد السياسة؟

صورة من ملتقى جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين الذي انعقد الشهر الماضي الصور مرسلة من المصدر (جمعية رجال الأعمال الأتراك – المصريين)
جانب من ملتقى جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين الذي انعقد الشهر الماضي (الجزيرة)

عبد الرحمن رمضان-القاهرة

أثارت عودة مجلس الأعمال المصري التركي إلى العمل مرة أخرى بعد تجميد أنشطته غداة انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 تساؤلات بشأن مدى تأثير تزايد النشاط الاقتصادي بين البلدين على علاقتهما السياسية، وإمكانية إذابة جليد الخلافات العميقة بين البلدين.

وعاد المجلس إلى نشاطه منذ أيام بالقاهرة عبر لقاء موسع شاركت فيه جمعية رجال الأعمال الأتراك-المصريين و11 شركة تركية، وبحث تفعيل التعاون الاقتصادي بين الجانبين، كما تناول المشروعات القومية في مصر التي يمكن أن يسهم الجانب التركي بضخ استثمارات فيها، حسب ما صرح به رئيس الجانب المصري في المجلس عادل لمعي.

وأشار لمعي في مؤتمر صحفي عقب اللقاء إلى أن الصادرات المصرية إلى تركيا ارتفعت خلال العام الماضي. ولفت إلى أن الميزان التجاري يميل لصالح تركيا بنسبة 60 %، في وقت كشف فيه رئيس الجانب التركي بالمجلس مسعود توبراك عن سعي تركيا لمضاعفة استثماراتها في مصر خلال المرحلة المقبلة.

وذهب مراقبون وخبراء إلى أن تحسن العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا من شأنه أن يساعد في تقريب المسافات بينهما سياسيا، بينما رأى آخرون أن هذا التحسن طبيعي ومتوقع ولن يكون له أي أثر على العلاقات السياسية بين البلدين.

لا انقطاع
وفي هذا السياق، يقول رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك-المصريين أتيلا أتاسيفين "إن العلاقات التجارية بين البلدين لم تنقطع في الأصل وإن أصابها فتور وتباطؤ بعد أحداث الثالث من يوليو 2013، وإن العديد من الشركات التركية استمر نشاطها في مصر".

‪أتاسيفين: زيادة النشاط الاقتصادي تشكل ضغطا على رجال الدولة لتجاوز خلافاتهم‬ (الجزيرة)
‪أتاسيفين: زيادة النشاط الاقتصادي تشكل ضغطا على رجال الدولة لتجاوز خلافاتهم‬ (الجزيرة)

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن "الخلاف السياسي قد يؤثر على العلاقات الاقتصادية، لكن زيادة النشاط الاقتصادي والتجارة المتبادلة تمثلان كذلك وسيلة فعالة لتقريب المسافات وتشكيل ضغط على رجال الدولة لتجاوز خلافاتهم السياسية".

وتابع "نحن أذكى من أن نختلف، وأن يستمر الخلاف بما لا يخدم مصالح البلدين".

وأشار أتاسيفين إلى أن "تركيا ومنذ تشكيل حكومتها الأخيرة برئاسة بن علي يلدرم اتخذت نهجا جديدا في التعامل مع الأطراف في المنطقة يقوم على البحث عن المشتركات وتطوير العلاقات ومحاولة تجاوز الخلافات".

وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يتراوح بين أربعة وخمسة مليارات دولار، كما أن هناك مساعي لمضاعفته.

مصالح
ورأى أتاسيفين أن الاقتصاد له دور مهم في رأب الصدع والمصالح، وقال "نحن دعونا مؤخرا رجال الأعمال من الطرفين إلى عدم خلط الملفات ببعضها، وكما أنه من السهل سلوك سبل تؤدي إلى الخلاف فإن إيجاد طرق الاتفاق ليس صعبا".

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري أبو بكر الديب إن "مصر وتركيا عمودا خيمة الشرق الأوسط ولا يمكن أن تستغني إحداهما عن الأخرى رغم التوتر الحاصل بين البلدين منذ الثلاثين من يونيو/حزيران 2013".

ورأى الديب في حديثه للجزيرة نت أن تنامي العلاقات الاقتصادية بين البلدين من شأنه أن يصلح ما أفسدته السياسية، خاصة مع إدارة تركيا ظهرها لأوروبا في ظل التصعيد الحاصل بينهما، كما عبر عن اعتقاده بأن لتركيا مصلحة في تنامي العلاقات الاقتصادية مع مصر، وفق تعبيره.

وأضاف أن تركيا ترى في مصر "بوابة لصادراتها إلى أفريقيا، كما أنها سوق مهم لمنتجاتها المختلفة".

واعتبر الديب أن "تنامي العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا سيدفع نظاميهما إلى التقارب السياسي وإن كان بحدود". 

‪الديب:‬ تنامي العلاقات الاقتصادية بين البلدين قد يصلح ما أفسدته السياسة
‪الديب:‬ تنامي العلاقات الاقتصادية بين البلدين قد يصلح ما أفسدته السياسة

علاقات عميقة
في المقابل، ذهب الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب إلى أن عودة نشاط مجلس الأعمال التركي المصري وتنامي التبادل الاقتصادي يعدان شأنا اقتصاديا وتجاري بحتا لا علاقة له بالخلاف السياسي الحاصل بين البلدين.

وقال عبد المطلب في حديث للجزيرة نت "لا يخفى على أحد أن هناك ارتباطا وثيقا بين رجال أعمال البلدين، وعمقا في علاقة الشعبين".

وأضاف "رغم الخلاف السياسي الحاصل بين نظامي البلدين فقد استمر رجال الأعمال المصريون في الاستيراد من تركيا، ومن يتابع الأسواق سيلاحظ أن البضائع التركية تملأ الأسواق المصرية".

واستبعد عبد المطلب أن يكون لتوطد العلاقات الاقتصادية تأثير إيجابي على علاقة القيادة السياسية في البلدين.

ورأى أن ذلك يأتي في إطار "حرص رجال الأعمال في البلدين على الدفاع عن مصالحهم المشتركة، كما أنه رسالة منهم للقيادة السياسية بعدم الخلط بين الاقتصاد والسياسة".

المصدر : الجزيرة