تجريم التطبيع بتونس.. المعركة الأخيرة

جانب من احتجاجات شعبية في تونس على قرار ترمب/العاصمة تونس/ديسمبر/كانون الأول 2017
احتجاجات شعبية في تونس على قرار ترمب (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

أحيل مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى جدول أعمال لجنة التشريع العام داخل البرلمان التونسي من أجل مناقشته وتعديله قبل تمريره إلى جلسة عامة للتصويت عليه وذلك بعدما دفن طويلا داخل رفوف البرلمان.
 

ونفضت حركة الشعب ذات التوجهات القومية الغبار عن هذا المشروع بعدما جمعت أكثر من مئة توقيع من مختلف الكتل بهدف تسريع النظر في القانون، ولاقت الخطوة تجاوبا داخل البرلمان احتجاجا على اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل.

والأسبوع الماضي درس مكتب مجلس نواب الشعب (البرلمان) فحوى تلك العريضة وصادق في الأخير على تمرير مشروع القانون على أنظار لجنة التشريع العام، وهي خطوة مهمة لمناقشة القانون، بحسب قول أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي.

لكن تسريع مناقشة مشروع قانون تجريم التطبيع داخل لجنة التشريع العام في البرلمان يبقى مرتبطا بمدى استمرار وتسليط الضغط الشعبي وضغط المجتمع المدني على البرلمان كي لا يقبر مشروع القانون من جديد في رفوف اللجنة، وفق تصريحه.

ومشروع هذا القانون كانت قد تقدمت به الجبهة اليسارية في سنة 2015، لكنه لم يحل إلى جدول أعمال لجنة التشريع العام وبقي مطمورا مثله مثل مشروع القانون الذي تقدمت به حركة وفاء للمجلس التأسيسي سنة 2012 في زمن حكم "الترويكا".

ويحوي مشروع قانون الجبهة الشعبية ستة فصول تجرم جميع المعاملات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، ويعاقب المطبعون بالسجن من سنتين لخمس سنوات وغرامة من عشرة آلاف دينار إلى مئة ألف دينار (من أربعة آلاف إلى أربعين ألف دولار).

 زهير حمدي طالب بإحالة المشروع إلى لجنة التشريع (الجزيرة)
 زهير حمدي طالب بإحالة المشروع إلى لجنة التشريع (الجزيرة)

ولا يخفي زهير المغزاوي مخاوفه من إمكانية "اختلاق" عذر من الأعذار من قبل أحزاب الأغلبية المشكلة للحكومة داخل البرلمان والمتكونة أساسا من كتلتي حركة نداء تونس وحركة النهضة لتأجيل النظر بمناقشة مشروع قانون تجريم التطبيع.

لكن حتى إن أحيل مشروع القانون إلى المداولات داخل لجنة التشريع العام فإن المغزاوي ليس متأكدا من أن يحظى بالتصديق في الجلسة العامة والسبب هو اختلال موازين القوى التي ترجح كفة أحزاب الأغلبية الحاكمة "الرافضة لتمرير القانون".

والأهم بالنسبة إليه هو أن يتمكن الشعب التونسي المتعاطف مع القضية الفلسطينية من أن يقوم بعملية فرز حقيقية للأحزاب السياسية بين أحزاب تدافع عن السيادة الوطنية وتجريم التطبيع وأحزاب تتاجر سياسيا فقط بشعار فلسطين.

ولا يختلف النائب عن الجبهة الشعبية اليسارية زهير حمدي مع هذا الموقف، فرغم ترحيبه الشديد بإحالة مشروع قانون تجريم التطبيع إلى لجنة التشريع العام يرى أن طريق التصديق عليه ليس سهلا في الجلسة العامة بسبب "رفض الأغلبية".

ارتهان
ويقول إن تجريم التطبيع هو معركة أخيرة تدور بين أحزاب معارضة ترفض التطبيع وتمتلك أقلية المقاعد، وبين أحزاب أغلبية كحركة النهضة (68 مقعدا) وحركة نداء تونس (56 مقعدا) "ترفض القانون لأنها مرتهنة وتخشى من الإضرار بمصالحها".

وسيحتاج التصديق على مشروع القانون الأساسي لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى أغلبية مطلقة من الأصوات أي 109 أصوات من جملة المقاعد 217 في البرلمان التونسي، وحسابيا لا يمكن تمرير هذا القانون من دون موافقة "الأغلبية الحاكمة".

ولأجل تقوية الدعم السياسي بشأن هذا القانون دعا حمدي الأحزاب إلى تغليب المصلحة الوطنية على مصالحها والدفاع عن السيادة في وجه اختراقات أجهزة الكيان الصهيوني وعدم الخضوع لقرارات الغرب المتحالف مع إسرائيل والرافض لتمرير القانون.

ومن أبرز الأمثلة التي عددها حمدي على اختراق الأجهزة الصهيونية اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري العام الماضي، وقصف مدينة حمام الشط في تونس عام 1985 واغتيال القياديين الفلسطينيين أبو جهاد وأبو إياد سنتي 1988 و1991.

وردا على اتهام حزبه برفض تجريم التطبيع يقول عضو مجلس شورى حركة النهضة فرجاني دغمان إن حزبه يتعرض لاتهامات باطلة رغم مساندته المطلقة للقضية الفلسطينية، مذكرا بأن حزبه نص بتوطئة الدستور الجديد على الدفاع عن القضية الفلسطينية.

العيادي: رئيس الجمهورية من يحسم مستقبل المشروع(الجزيرة)
العيادي: رئيس الجمهورية من يحسم مستقبل المشروع(الجزيرة)

وهذا يعني أن حزبه ضمنيا ضد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وفق دغمان الذي شدد على أن مواقف حركة النهضة السياسية متطابقة تماما مع السياسة الخارجية التونسية الرافضة لقرار الرئيس الأميركي بشأن القدس والمقاطعة للعلاقات مع إسرائيل.

نقاش حزبي
وبشأن موقف حركة النهضة من التصديق على مشروع قانون تجريم التطبيع يقول النائب عن حركة النهضة فتحي العيادي إن تمرير مشروع القانون يتطلب قبل كل شيء فتح باب النقاش مع الأحزاب السياسية ورئيس الجمهورية المكلف بالسياسة الخارجية.

ويضيف للجزيرة نت أنه يأمل من خلال اللقاءات والمشاورات التي ستعقد مع كافة الأحزاب ورئيس الدولة والحكومة أن يتم التوصل لاتفاق على صياغة توافقية بشأن مشروع القانون ثم تتم دراستها بمجلس شورى حركة النهضة قبل التعبير عن موقفها.

ويقول "القضية ليست قضية بسيطة إنما تحتاج إلى بحث ونظر، وسنتخذ الموقف الذي تحتمله أوضاعنا ويخدم القضية الفلسطينية".

المصدر : الجزيرة