تحالف "نداء تونس" و"النهضة".. بداية النهاية؟

تحالف نداء تونس والنهضة.. بداية النهاية
اجتماع ضم قيادات من "النهضة" و"نداء تونس" و"الاتحاد الوطني" في وقت سابق من هذا الشهر (الجزيرة)

 خميس بن بريك-تونس

تتجه الأنظار السبت والأحد المقبلين لاجتماع هياكل حركة "نداء تونس" بشأن النظر في إمكانية فك ارتباطها السياسي مع حركة "النهضة" حليفتها الأبرز بالائتلاف الحكومي، ويأتي ذلك عقب تحميل الأخيرة مسؤولية هزيمة حزب "نداء تونس" مؤخرا في الانتخابات الجزئية بدائرة الانتخابات للمغتربين التونسيين في ألمانيا.

وأحدثت نتائج الانتخابات التي جرت أيام 15 و16 و17 من الشهر الجاري زلزالا سياسيا مدويا بعد الفوز المفاجئ للمرشح المستقل ياسين العياري بمقعد في البرلمان، بينما فشلت الأحزاب المرشحة باقتلاع ذلك المقعد وعلى رأسها "نداء تونس" الفائزة في انتخابات 2014.

وفاز العياري -المحسوب على التيار المدافع عن مطالب الثورة- بـ 284 صوتا، بينما حصلت "نداء تونس" على 253 صوتا ما اعتبر هزيمة قاسية للحزب في اختبار يسبق بأشهر انتخابات البلديات، وسجل مشاركة ضعيفة للغاية لم تتجاوز 1300 ناخب من جملة 27 ألف ناخب مسجل. 

فك الارتباط
وقد أجريت الانتخابات عقب تعيين النائب عن حركة "نداء تونس" بألمانيا حاتم الفرجاني بمنصب كاتب للدولة مكلفا بالدبلوماسية الاقتصادية بالحكومة الحالية وتقديم استقالته كنائب وفقا للقانون، مما وضع المقعد الوحيد للجالية التونسية بألمانيا في المزاد الانتخابي أمام الأحزاب السياسية. 

ورغم وزنها الانتخابي، لم تشارك حركة النهضة في تلك الانتخابات وإنما دعت علنا قواعدها للتصويت لصالح مرشح حليفتها "نداء تونس" لكن هزيمة الأخيرة دفعت قادتها للظن بأن النهضة هندست فوز العياري عبر دعم قواعدها بألمانيا له سرا، وهو اتهام نفته الحركة.

‪بن سالم اعتبر أن الحديث داخل
‪بن سالم اعتبر أن الحديث داخل "نداء تونس" عن إنهاء التحالف مع "النهضة" مجرد ردة فعل‬ بن سالم اعتبر أن الحديث داخل "نداء تونس" عن إنهاء التحالف مع "النهضة" مجرد ردة فعل (الجزيرة)

ورافق اتهام "النهضة" بازدواجية الخطاب بيان صادر من "نداء تونس" يفوض اجتماع هياكله للقيام بمراجعات في علاقتها ببعض الأحزاب، فيما فُهم منه بأنها تلوح بفك الارتباط مع "النهضة" استجابة لرغبة قواعدها كما قال القيادي بالحزب منجي الحرباوي.  

واعتبر الحرباوي أن من أبرز الأسباب المؤدية لموجة الاستقالات والانشقاقات التي عصفت سابقا بـ "نداء تونس" بعد فوزها بانتخابات 2014 -وتذمر قواعدها وعزوف ناخبيها عن التصويت لصالحها بالانتخابات بألمانيا- هو تحالفها مع النهضة والتي كانت حتى ماض قريب خصما لدودا.

وقبيل انتخابات 2014 -يضيف الحرباوي- بنى "نداء تونس" برنامجه الانتخابي على معارضة مشروع "النهضة" مما مكنه من حشد الكثير من الأنصار بظرف وجيز والفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية، لكن الحزب بعد تحالفه مع "النهضة" تشرذم وانسلخت عنه قيادات أسست أحزابها.

ومن المرجح أن تتخذ حركة "نداء تونس" خلال اجتماع هياكلها المرتقب قرارا يعيد مراجعة علاقتها بـ "النهضة" على أساس منافس سياسي وليس حليفا، على الرغم من أن تداعيات مثل هذا القرار لن تؤثر على بقاء الحزبين بالائتلاف الحكومي أو على العمل البرلماني، وفق تأكيد الحرباوي.

الشواش: الانتخابات الجزئية عرّت التحالف المغشوش بين 
الشواش: الانتخابات الجزئية عرّت التحالف المغشوش بين "النداء" و"النهضة"

تأثر بالهزيمة
غير أن الحديث داخل "نداء تونس" عن إنهاء التحالف مع "النهضة" مجرد ردود أفعال تحت تأثير الهزيمة بالانتخابات في ألمانيا، كما يرى النائب عن "النهضة" محمد بن سالم الذي أكد أن نتائج الانتخابات كانت مخيبة ليس فقط لـ "نداء تونس" وإنما لـ "النهضة" التي دعمت مرشحها.

وأوضح لـ الجزيرة نت بأن التحالف بين الحزبين قام على دعم الائتلاف الحكومي داخل وخارج البرلمان منذ انتخابات 2014 خدمة لمصلحة البلاد، التي مازالت بحاجة لسياسة توافقية بينهما وتمرير قوانين.

وقال بن سالم إنه لا يرى أي قلق إن اقتصرت مراجعة العلاقة السياسية مع حزبه في مستوى بعض الاجتماعات البروتوكولية الثنائية، مبينا أن الأهم هو مواصلة رئيس الحكومة مشاوراته مع الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي بناء على وثيقة قرطاج لاسيما في المسائل الهامة المتعلقة بالبلاد.

ومع أنه اعتبر بأن هناك أطرافا كانت محسوبة على النظام السابق تسعى من داخل حركة "نداء تونس" لتسميم الأجزاء السياسية، فإنه لاحظ أيضا أن هناك حملة انتخابية للبلديات سابقة لأوانها لمحاولة تعبئة أنصار "نداء تونس" خشية أن معاقبة الحزب بسبب التحالف مع "النهضة".

من جهته، اعتبر أمين عام حزب "التيار الديمقراطي" غازي الشواشي أن الانتخابات الجزئية للتونسيين بألمانيا "عرّت التحالف المغشوش" بين "النداء" و"النهضة" ودلل على فشل منظومة الحكم الحالية.

وأضاف للجزيرة نت أن صعود العياري يعكس وجود خلل في خطاب وبرامج الحزبين الحاكمين  ومسؤوليتهما في تدهور الأوضاع، مضيفا أن الناخبين أصبحوا يفضلون الشخصيات المستقلة التي تحمل مرجعية ثورية أكثر من الأحزاب السياسية المبتعدة عن قواعدها.

المصدر : الجزيرة