عزل ثيوفيلوس.. مقصد الفلسطينيين ومرادهم

فلسطين- الضفة الغربية- البطاركة اليونانيين يتصرفون كما لو كانت العقارات وممتلكات الكنيسة كما لو كانت ملكا خاصة-كنيسة بئر يعقوب للروم الأرثوذكس شرق نابلس- تصوير عاطف دغلس الجزيرة نت2.jpg
البطاركة اليونانيون يتصرفون كما لو كانت ممتلكات الكنيسة ملكا خاصا لهم (الجزيرة نت)
عاطف دغلس-نابلس

ليست هذه المرة الأولى التي يُتهم بها البطاركة اليونانيون بتورطهم في بيع ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين لصالح إسرائيل، لكنها الأولى التي ينتفض فيها مسيحيون من أبناء الطائفة وعموم الفلسطينيين ويقررون عزل ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة ومقاطعته نهائيا.

وللوقوف بوجه البطريركية وسياسة "التسريبات للأرض"، تداعت الجماهير المسيحية الفلسطينية، خاصة الأرثوذكسيين، وبمشاركة قيادات وطنية وسياسية فلسطينية عُليا لعقد مؤتمرهم الوطني العربي الأرثوذكسي مطلع الأسبوع الجاري بمدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وقرروا عزل ثيوفيلوس ومقاطعته وعدم استقباله بأي مناسبة دينية، واعتباره وحاشيته "خارجا عن الصف الوطني".

ويقول عيسى رشماوي الناشط في الحراك الشبابي المسيحي الرافض للبيع "إن رسالة المؤتمر تكمن في إجماعه وتوحده لنبذ تصرفات بطركية الكنيسة الأرثوذكسية"، وطالب القيادة والحكومة الفلسطينية بسحب الاعتراف بكيريوس ثيوفيلوس.

تمكين العرب
كما أكد المؤتمر أن أراضي الكنيسة "وقفية" وليس لأحد حق التصرف بها معلنا رفضه لأي صفقة لبيع أو تأجير تلك الممتلكات لإسرائيل "المغتصبة للأرض" أو غيرها.

وتكمن أهمية المؤتمر -حسب رشماوي- في توصياته التي دعت لعزل ثيوفيلوس وحاشيته، "وتمكين المطارنة العرب من موقع صنع القرار في البطريركية".

وبالرغم من أن قرار العزل "شعبي" فإنه مقدمة حقيقية ووسيلة ضغط على الحكومة الفلسطينية والأردنية التي يحمل ثيوفيلوس جنسيتها لسحب الاعتراف به "ليصبح العزل قانونيا"، كما يقول أليف صباغ الباحث في شؤون الطائفة الأرثوذكسية.

وأضاف أن الضغط الشعبي بالمطالبة بعزل ثيوفيلوس ومعاقبته بدأ يتدحرج "ككرة الثلج"، كونه خرج عن مؤتمر لم يُعقد مثله منذ خمسين عاما بمشاركة واسعة من مسيحيين ومسلمين وقيادات سياسية ووطنية، بينها أعضاء من منظمة التحرير وقادة فصائل.

‪المؤتمر طالب بعزل ثيوفيلوس ومقاطعته واعتباره وحاشيته خارج الصف الوطني‬ (الجزيرة نت)
‪المؤتمر طالب بعزل ثيوفيلوس ومقاطعته واعتباره وحاشيته خارج الصف الوطني‬ (الجزيرة نت)

اتهام بالعمالة
وتابع صباغ أن المطلوب من القيادة الفلسطينية والأردنية متابعة ومراقبة ملف الأوقاف الكنسية واسترجاع ما يمكن، وقال "لدينا ما يُوثق صفقات البيع".

وذكر صباغ أن البيع تم بمناطق الضفة الغربية والمحتلة عام 1967 والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وأن ثيوفيلوس وسابقيه من البطاركة الغربيين تصرفوا "كالمستعمرين" بالأوقاف الأرثوذكسية واعتبروها "ملكا خاصا" كأن الأديرة والكنائس والعقارات التابعة لها "ملك للأمة اليونانية وفق دستور أخوية القبر المقدس لديهم".

بل ويذهب الباحث صباغ إلى أن اسم ثيوفيلوس بطريرك المدينة المقدسة وسائر فلسطين والأردن لم يرتبط بصفقات بيع وتأجير أرض الكنيسة الأرثوذكسية لإسرائيل فحسب، "بل لديه ارتباطات بأجهزتها الأمنية وعلاقات بالمخابرات الأميركية".
  
ويُتهم ثيوفيلوس "بالبيع المطلق" للعقارات للاحتلال الإسرائيلي مباشرة وعبر شركات أجنبية وإتمام صفقات بيع لبطاركة سابقين، ويقول صباغ إن الأسوأ أنه لا يعرف أين تُصرف هذه الأموال.

مطالبة بالرقابة
من جهته، طالب الأب منويل مسلم عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات القيادة الفلسطينية ونتيجة لهذه التجاوزات ببيع ممتلكات الكنيسة واستحداث وزارة أو سلطة رقابية تعنى بشؤون الأوقاف المسيحية، لا سيما تلك التي يتحكم بها الغربيون أمثال ثيوفيلوس.

وقال مسلم للجزيرة نت إن إسرائيل تسعى وبكل الطرق لاستغلال "الخاصرة الأضعف" لشراء الممتلكات والعقارات الفلسطينية وبمبالغ طائلة.

في حين اعتبر واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن أهمية المؤتمر الوطني الأرثوذكسي تكمن بمجرد انعقاده ومطالبته برفع الغطاء الوطني عن البطريرك ثيوفيلوس وتحميله مسؤولية تسريب الأراضي ومطالبة الجهات المسؤولة في الأردن وفلسطين بمقاطعته.

وقال أبو يوسف للجزيرة نت "لا يُعقل أن يبقى ثيوفيلوس بمنصبه وهو المسؤول عن كل هذه الصفقات"، داعيا لمحاسبته ومساءلته.

صفقات
جدير بالذكر أن أهم الصفقات التي عقدها ثيوفوليس هي تأجير أراضي مار إلياس (تلة المطار) التي بيعت لاحقا لشركات إسرائيلية لتحولها لمناطق سياحية وتزيد مساحتها عن سبعين دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع) بين مدينتي بيت لحم والقدس، إضافة إلى إتمامه صفقة وقعها سالفه باباديموس عام 2005 والتي عرفت بعقارات باب الخليل.

يضاف لذلك أرض نكفوريا قرب فندق الملك داود غرب القدس والمقدرة بـ570 دونما، والتي بنيت عليها معظم المؤسسات الإسرائيلية الحكومية، حيث كان من المفترض أن تعود وما عليها لملكية الكنيسة بانتهاء تأجيرها عام 2050، لكن ثيوفيلوس باعها "بيعا مطلقا" لمحام يهودي بموجب شركة مسجلة بجزر الكاريبي.

آما آخر صفقات ثيوفيلوس فتمثلت في بيع أرض بمساحة نصف دونم قرب مقبرة مأمن الله في القدس لإسرائيل لإقامة فندق سياحي.

المصدر : الجزيرة