الاحتلال يحرم سكان غزة من خيرات بحرها

أصحاب مركب متعطل عن العمل، يعملون على حماية أدوات الصيد، وتظهر في الصورة صناديق صيد السمك فارغة على ظهر المركب.
أصحاب مركب متعطل عن العمل يعملون على حماية أدوات الصيد، بينما صناديق السمك فارغة (الجزيرة)

أحمد فياض-غزة

بدت نظرات الحسرة والحيرة بادية على وجه الصياد الستيني سعيد أبو ريالة وهو جالس على رصيف ميناء غزة، يرقب حركات أبنائه وأحفاده وهم يتفقدون أحوال مركبهم الرابض في المكان ذاته من حوض الميناء لليوم العاشر على التوالي.

ويشتكي الحاج سعيد من مطاردة الاحتلال للصيادين وندرة الأسماك في مساحة الصيد الضيقة المسموح بها من قبل الاحتلال، الأمر الذي جعل خروج المركب إلى البحر غير مجدٍ في ظل ارتفاع تكلفة وقود محركه وانخفاض سعر الأسماك بفعل تزايد كميات وصولها من مصر عبر الأنفاق.

ورغم أن قرار إيقاف المركب يلحق الضرر بأسر ثمانية صيادين يقتات أبناؤهم من مهنة الصيد، فإن الرجل الذي أمضى أكثر من خمسة عقود من عمره في مهنة الصيد لم يجد بداً من ذلك بعد أن نالت بحرية الاحتلال الإسرائيلي مطلع الشهر الجاري من أحد الصيادين فابتلعه البحر هو ومركبه، ولم تظهر آثارهما إلى اللحظة.

‪الحاج سعيد يشتكي من مطاردة الاحتلال للصيادين وندرة الأسماك‬ (الجزيرة)
‪الحاج سعيد يشتكي من مطاردة الاحتلال للصيادين وندرة الأسماك‬ (الجزيرة)

ويعيش الصياد أبو ريالة هذه الأيام أيضا على وقع استشهاد ابنه توفيق (31 عاما) الذي نالت منه نيران الزوارق الإسرائيلية قبل عامين على مقربة من الميناء، متسائلا عن الجدوى التي سيحققها حاليا من تحريك المركب في ظل تكالب الاحتلال على الصيادين، وندرة الأسماك وانخفاض أسعارها.

صعوبات وصمود 
ويلوم أبو ريالة في حديثه للجزيرة نت الحكومة الفلسطينية لسماحها للتجار بتهريب السمك المصري عبر الأنفاق والإضرار بصمود الصيادين الذين يديرون حربا مع سلطات الاحتلال في سبيل توفير قوت أبنائهم، وفق تعبيره.

ويؤكد نقيب صيادي غزة محمد الهسي أن عودة الأسماك المصرية إلى أسواق غزة بعد انقطاعها نحو عامين نتيجة اشتداد الحملة الأمنية المصرية عبر الأنفاق المقامة على الشريط الحدودي تسببت في انخفاض أسعار بعض أنواع أسماك بحر غزة.

ويقر الهسي بصعوبة تمكن الصيادين من توفير حاجة السوق من الأسماك خلال الفترة الواقعة بين شهري ديسمبر/كانون الأول ومارس/آذار بفعل تغير الأجواء المناخية وصعوبة وصول الأسماك إلى مقربة من المناطق المسموح فيها بالصيد.

‪طفل يراقب عددا من القوارب الرابضة في الميناء دون عمل‬  (الجزيرة)
‪طفل يراقب عددا من القوارب الرابضة في الميناء دون عمل‬  (الجزيرة)

ملاحقة الاحتلال
ويعزو الرجل السبب الرئيسي وراء شح الأسماك الغزية إلى ملاحقة بحرية الاحتلال للصيادين في البحر بشكل يومي، وهو ما يمنعهم من صيد كميات من السمك التي تنافس في جودتها وسعرها كافة الأسماك الواردة إلى قطاع غزة من كافة بقاع الأرض.

ويرى نقيب صيادي غزة في حديثه للجزيرة نت أن محاصرة الاحتلال للبحر ومنع الصيادين من الإبحار إلى أماكن توافر الأسماك على بعد عشرين ميلا هو ما يهدد مصير مهنة الصيد في القطاع.

‪أسماك مصرية يجري تنظيفها لأحد الزبائن‬ (الجزيرة)
‪أسماك مصرية يجري تنظيفها لأحد الزبائن‬ (الجزيرة)

حاجة السوق
من جانبه، أكد مدير دائرة الخدمات في الإدارة العامة للثورة السمكية جهاد صلاح أن الأسماك المستوردة عبر المعابر والأنفاق لا تمر بعيدا عن أنظار الحكومة، وهي تدخل بكميات محدودة لتغطية حاجة السوق، ولا تؤثر على الصيادين الفلسطينيين لتعذر الصيد بكميات وفيرة حاليا.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أنه لولا السماح باستيراد الأسماك خلال الفترة الحالية لكانت أسعارها في غزة خيالية، ولن يكون بمقدور محدودي أو متوسطي الدخل شراؤها، لافتا إلى أنه بمجرد توفر كميات من الأسماك الغزية تغطي حاجة الناس، فإن لجنة السلع في وزارة الزراعة ستمنع وصول الأسماك المصرية وغيرها إلى القطاع.

يذكر أنه بموجب تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في أعقاب عدوان صيف 2014 يحق للصيادين الفلسطينيين الإبحار حتى مسافة ستة أميال بحرية، لكن البحرية الإسرائيلية لا تلتزم في معظم الأوقات بتلك التفاهمات وتطارد الصيادين على مسافة ثلاثة أميال.

المصدر : الجزيرة