ماذا بعد فك الحصار عن حلب؟

محمد كناص-غازي عنتاب
 
مساء يوم السبت السابع من أغسطس/ آب الجاري لم يكن كباقي الأيام التي تؤرخ لمسار الثورة السورية، في يوم يرى مراقبون أن ما قبله لن يكون كما بعده، وأن قواعد الصراع العسكري تغيرت بين جيش الفتح من جهة وبين قوات النظام وحلفائه من جهة أخرى.

ففي هذا اليوم أعلن جيش الفتح (وهو ائتلاف مكون من سبعة فصائل عسكرية) عن فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، وذلك بعد معارك دامت سبعة أيام متوالية وتوزعت على ثلاث مراحل.

وأسفرت المعارك عن سيطرة جيش الفتح على عشرين موقعا ما بين تلة وقرية وتجمع، ووفق جيش الفتح فإن المساحة التي تمت السيطرة عليها تقدر بأربعين كيلومترا مربعا (ما يعادل مساحة إدلب) وأكثر من نصف مساحة مدينة حلب.

ويقول اللواء والخبير العسكري مأمون أبو نوار إن ما حصل في اللغة العسكرية ضربة استباقية من جيش الفتح لمنع تكرار سيناريو مدينة غروزني زمن الاتحاد السوفياتي، وسياسة التركيع التي اتبعت حينها ضد المدينة، فالروس بدؤوا بتكرار السيناريو من خلال إغلاق مدينة حلب ورمي المنشورات الداعية للاستسلام وفتح ممرات آمنة، ومن ثم استخدام القوة المتصاعدة وصولا للهدف، لكن جيش الفتح تلقف تلك النية وسارع إلى فرض خطته.

ووفق اللواء أبو نوار، فإن ما فعله جيش الفتح يستحق أن يكون درسا في الأكاديميات العسكرية، إذ وفق العلوم العسكرية والتجارب لا يمكنك هزيمة خصم متفوق عليك جويا وليس عندك غطاء جوي يحميك.

وعن آفاق تطورات المعركة، يقول الخبير العسكري إن المهمة الآن على عاتق جيش الفتح هي تأمين خطوط أو شرايين إمداد قوية، وأن يعمل على حماية مكتسباته من خلال إعلانه أن الطريق الذي فتحه لحلب إنساني ليس أكثر، حتى يكسب إلى جانبه القانون الدولي الذي يحمي المدنيين ويحرج الرأي العام العالمي لو تم قصف ذاك الطريق.

وقفات تعبوية
وأضاف أبو نوار أن على جيش الفتح أن يقوم حاليا بوقفات تعبوية وتأمين كافة الموارد قبل الخوض في أي معركة، وإلا ستكون حرب استنزاف ضده. وتوقع الخبير العسكري أن يلجأ النظام وحلفاؤه لاستخدام السلاح الكيميائي والقنابل العنقودية والأسلحة المحرمة دوليا ضد جيش الفتح.

من جهته، يقول العقيد والخبير العسكري أديب العليوي -في حديث للجزيرة نت- إن ما حصل هو بسبب عامل المفاجأة الذي اتبعه جيش الفتح، فعند سقوط أول خطوط دفاع النظام انتشرت بين صفوفه عدوى "الهروب الجماعي".

وأضاف أن النظام كان لديه بالمقدمة أفراد غير مدربين وجيشه متهالك أصلا، وهذه القطع العسكرية لم تكن قد خاضت حروبا منذ بداية الثورة وكان دورها مقتصرا على استهداف أحياء المعارضة المسلحة بحلب، ما جعلها خاملة مع مرور الوقت رغم ضخامتها وأهميتها وثقلها العسكري.

وعن وجهة جيش الفتح القادمة، يقول العليوي إنه يتوقع أن يلجأ جيش الفتح لإشعال جبهات عدة ضد قوات النظام من الريف الجنوبي لحلب إلى أحيائها الغربية، وصولا إلى طريق الكاستيلو الذي قطعه النظام وكان يشكل الشريان الوحيد الذي يربط مناطق المعارضة بحلب مع العالم الخارجي.

هدف أكيد
ويشير العليوي إلى أن الأكاديمية العسكرية التابعة للنظام ستكون هدفا أكيدا قادما لجيش الفتح، فهي أحد أقوى وآخر ما تبقى من قلاع للنظام بمدينة حلب، مضيفا أن الأكاديمية العسكرية الآن أصلا في حكم المحاصرة، فالثوار اقتربوا منها أكثر في الفترة الأخيرة بالسيطرة على مناشر منيان.

ويضيف أن جيش الفتح قوي ويجيد حرب الشوارع فيما لو قرر الدخول في المرحلة القادمة إلى الأحياء الغربية في حلب والخاضعة لسيطرة النظام، متوقعا أنه جيش الفتح سيعمل على تعزيز دفاعاته عن مكتسباته، وسيعمل على تحييد جبهة أحياء حلب الغربية كونها ضعيفة، وسيعمل على الجبهة التي تشكل عامل قلق بالنسبة له وهي ريف حلب الجنوبي.

المصدر : الجزيرة