سامي جنازرة.. الأسير المضرب لليوم 64

عاطف دغلس-الخليل

سيناريو العنف الإسرائيلي نفسه يتكرر الآن وبكل تفاصيله والحاجة الفلسطينية زينب جنازرة (أم كايد)، وهي بداية قصص المعاناة التي لمّا يندمل جرحها، رغم مرور أكثر من ربع قرن على المرة الأولى التي اعتقل الاحتلال فيها نجلها سامي جنازرة.

ما عاشته الحاجة أم كايد آنذاك لم يتغير، فأكثر من مائة اقتحام لمنزلها بمخيم الفوار جنوب مدينة الخليل بالضفة الغربية لم تكن أقل خطورة ووجلا من الحالة التي تواجهها الآن مع فلذة كبدها في إضرابه المستمر عن الطعام لليوم الـ64 على التوالي.

‪أطفال سامي جنازرة يحملون صورته ويتشوقون لرؤيته‬ (الجزيرة)
‪أطفال سامي جنازرة يحملون صورته ويتشوقون لرؤيته‬ (الجزيرة)

ولرفضه سياسة الاعتقال الإداري (ملف الاتهام سري) يخوض الأسير سامي إضرابا منذ الثالث من مارس/ آذار الماضي.

أم ورفيقة درب
تقول أم كايد للجزيرة نت إنه لم يغب عن بالها شواهد المرة الأولى التي اعتقل فيها سامي (43 عاما) واقتيد مكبلا ومعصوب العينين إلى الاعتقال، ليتكرر الأمر ذاته في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم دون أن يسمح لها بطبع قبلة الوداع على وجنتيه.

ليست أما فحسب، هكذا ترى الحاجة أم كايد نفسها، فهي رفيقة سامي في درب النضال أيضا، إذ ظلت لأشهر طويلة نقطة الاتصال الوحيدة معه حين كان مطاردا للاحتلال، تمده بالطعام والشراب وكل احتياجاته، ولما أقبل على الزواج عام 2001 كانت تقضي جُل وقتها بمنزله لتؤنس زوجته وتشد من عضدها.

منزل الأسير سامي جنازرة علت جدرانه صوره وشعارات التضامن معه (الجزيرة)
منزل الأسير سامي جنازرة علت جدرانه صوره وشعارات التضامن معه (الجزيرة)

لم تكترث الحاجة الفلسطينية لأكثر من مائة اقتحام لمنزلها واعتقالات طالت أربعة من أبنائها، ولم يكن الخوف رديفها كما هو الآن، بعد أن أضحى "خبر الموت" لنجلها سامي أقرب من أي شيء آخر.

خوف وقلق
وكل يوم تصبح فيه العائلة دون أن تسمع به خبرا سيئا عن سامي تنتظر ذلك في المساء، وقالت ريما نايف (33 عاما)، إن خوفها حين كان زوجها مطاردا ومهددا بالاغتيال والقتل لم يصل إلى ما هو عليه الآن.

ربما لزوجة الأسير ما يجعلها هي وأبناؤه الثلاثة وعائلته يعيشون قلقا مستمرا، فقد خسر 25 كيلوغراما من وزنه، وواكبت إضرابه نوبات مرضية مختلفة، ولم يفلت من عقاب السجانين واعتداءاتهم عقب عزله داخل سجنه في بئر السبع بجنوب فلسطين المحتلة ونقله لاحقا إلى مستشفى سوروكا الإسرائيلي.

إنها اعتادت على غياب سامي، فهو لم يحضر يوم زفافه، إذ كان مطلوبا للاحتلال حينها، لكن ما لم تعد تطيقه هو تغييبهم عنه قسرا، بعد منع الاحتلال زيارتهم له.

‪خيمة الاعتصام والتضامن مع الأسير سامي جنازرة أقيمت أمام منزله بمخيم الفوار جنوب الخليل‬ (الجزيرة)
‪خيمة الاعتصام والتضامن مع الأسير سامي جنازرة أقيمت أمام منزله بمخيم الفوار جنوب الخليل‬ (الجزيرة)

واعتقل سامي المعروف بعناده خمس مرات، قضى بموجبها تسع سنوات في سجون الاحتلال بين الأحكام والاعتقال الإداري، وعذب على أيدي السجانين، وخاصة عقب شروعه في الإضراب، إذ جرى عزله وحيدا ونقله بين السجن والمستشفى مصفد اليدين والرجلين.

تضامن ورسائل
على جدران منزله وداخل مخيمه الفوار، بدت حالت التضامن مع سامي ملموسة، فقد علت صوره جدران منزله وخيمة الاعتصام التي شيدت منذ اللحظة الأولى لإضرابه وأضحت مزارا للمتضامنين.

وقال هيثم جنازرة شقيق الأسير سامي، إن المؤازرة تعدت المهرجانات والوقفات التضامنية إلى مخاطبة الجهات الرسمية من القيادة الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية ومطالبتها بالضغط على الاحتلال للاستجابة لمطالب الأسير جنازرة ووقف اعتقاله الإداري.

وأمام ذلك كله، تشير المعطيات إلى تدهور الوضع الصحي للأسير جنازرة، فهو يرفض لليوم الرابع على التوالي تناول الماء، وهناك عدم انتظام في دقات قلبه، وهو ما اضطر إدارة المستشفى الذي يقبع فيه إلى إعلان حالة الاستنفار، وتعرض كذلك لقمع السجانين الذين اشتكوا منه وغرّموه ماليا بتهمة ضرب أحدهم، كما يقول أمجد النجار مدير نادي الأسير بمدينة الخليل.

ويؤكد النجار أن المخابرات الإسرائيلية تحاول كسر إضراب الأسير جنازرة بكافة الطرق، فقد عمدت إلى تأخير نقله إلى المستشفى بعد ستين يوما من الإضراب لمنع التضامن الإعلامي معه، كما استغلت الثغرات في إضرابات الأسرى السابقة كالأسير خضر عدنان والأسير محمد القيق، إضافة إلى حالة الشرذمة والانقسام التي يعيشها الأسرى أنفسهم وبالتالي عدم اتخاذهم خطوات تضامنية مع الأسير جنازرة.

المصدر : الجزيرة