إنهاء معاناة مشردي غزة رهن بالمعابر والدول المانحة

أحمد فياض-غزة

تداعت فصول المعاناة على المواطن شادي أبو ريدة وهو يتابع تعثر سير طفله بعربته الصغيرة على أرضية الكوخ الذي وفرته له إحدى الجمعيات الخيرية بديلا عن شقته التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على غزة صيف العام 2014.

وحصل شادي على الكوخ بعدمان عاش وأسرته بضعه أشهر ظروفا حياتية صعبة في خيمة صغيرة ببلدة خزاعة جنوب قطاع غزة، لكن استمرار حياته في حجرة مصنوعة من رقائق الخشب والصفيح جعلته على تماس متواصل مع المعاناة ولم تنسه ألم التشرد.

وللعام الثاني مضى على أسرة شادي الصغيرة فصلان من الشتاء والصيف، تبدلت معهما عجلة الزمن، لكن معاناتها مع ظروف الحياة والأحوال الجوية ما زالت ماثلة وتتبدل بتبدل الفصول.

ويقول شادي للجزيرة نت إن العيش في كوخ لا يقي برد الشتاء ولا حرارة الصيف، جعله وأسرته يعيشون على وقع الألم والحسرة في كل لحظة، ففي الشتاء يعيشون تحت وطأة الخوف من البرد أو الغرق من الأمطار، وفي الصيف يفرون خارج الكوخ ولا يعودون إليه إلا في ساعات المساء بعد أن تنخفض درجة حرارته.

المواطن شادي أبو ريدة وطفله على مقربة من الكوخ الذي يقطنون فيه منذ عامين في بلدة خزاعة (الجزيرة)
المواطن شادي أبو ريدة وطفله على مقربة من الكوخ الذي يقطنون فيه منذ عامين في بلدة خزاعة (الجزيرة)

معاناة وتهديد
وتبدو معاناة أسرة شادي في الكوخ -على سوئها- أفضل حالا من حياة عدنان النجار الذي يتهدده الطرد هو وأسرته المكونة من تسعة أفراد، لعجزه عن تسديد بدل الإيجار للشهر الثالث على التوالي لصاحب المنزل الذي لجأ إليه قبل نحو عام ونصف.

ويمضي عدنان نهاره في خيمة صغيرة أقامها من بقايا ركام منزله المدمر في بلدة خزاعة هربا من متطلبات أسرته، وأملا في أن يحصل على مساعدة من إحدى الجمعيات الخيرية التي تعنى بهموم المنكوبين.

ويعيش الرجل ظروفا نفسية قاسية لعجزه عن توفير عيشة كريمة لأسرته بعدما أفقدته الحرب غنمه ومركبته التي كان يعتمد عليها في توفير قوت أسرته، فأصبح بلا مأوى ولا مصدر رزق يخفف به من وطأة المصيبة على أسرته التي لم تذق طعم الراحة والاستقرار للعام الثاني على التوالي.

ويؤكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في دراسة أعدها عن حال المشردين في غزة بفعل العدوان الإسرائيلي، أن 75 ألف فلسطيني ما زالوا مهجرين داخل قطاع غزة بعدما دمر الاحتلال منازلهم، من بينهم أكثر من 62% يعيشون في أماكن مستأجرة، ويخشى معظمهم التعرض للطرد من أماكن إقامتهم.

"حي الكرفانات" في غزة يعيش فيه عشرات الأسر التي دمر الاحتلال منازلها وبقيت بلا مأوى (الجزيرة)

واقع مأساوي
وتفصح الدراسة عن جانب إنساني أكثر صعوبة يتعلق باضطرار أكثر من 85% من الأسر المهجرة إلى الاقتراض من أجل توفير الطعام، بينما دفعت الظروف نصف هذه النسبة من الأسر إلى خفض معدل استهلاكها للطعام حفاظا على ديمومتها في الحياة.

وتعبر دراسة الأمم المتحدة عن قلقها حيال نمط عيش الأسر المشردة في ظروف سكنية تعاني من انعدام شروط الأمن والسلامة، ولا تحفظ الكرامة والخصوصية، في إشارة إلى الأسر التي تعيش في الخيام والملاجئ المؤقتة أو على أنقاض البيوت المدمرة أو في العراء.

ورغم ما يلف حياة المنكوبين من معاناة أفقدتهم أبسط مقومات الصمود في ظل حصار جائر لم يسلم من تداعياته غير المشردين، فإن مرارة انتظار إعادة الإعمار وتبدد وعود المانحين وتوقف دخول مواد البناء أشد نكاية بالمشردين من قسوة تلك الظروف.

ويعقب وزير الأشغال العامة مفيد الحساينة على هذا الحال في تصريح للجزيرة نت بقوله إن "عملية إعادة الإعمار في غزة بحاجة إلى فتح المعابر بصورة حقيقية لمرور مواد البناء، وأيضا إيفاء الدول المانحة بتعهداتها المالية التي التزمت بتوفيرها في مؤتمر إعادة الإعمار بشرم الشيخ صيف العام 2014".

المصدر : الجزيرة