التحقيق البلغاري في اغتيال النايف.. إلى أين؟

محمد العلي

يسير التحقيق البلغاري في مقتل الأسير الفلسطيني السابق عمر النايف على حبل مشدود، ويرتبط ذلك بغموض ظروف الوفاة التي جرت داخل سفارة فلسطين في صوفيا يوم 26 فبراير/شباط الماضي، وحساسية موقع الجريمة وهو أرض أجنبية بالعرف الدبلوماسي، إلى جانب أن خيوط الجريمة تقود إلى الموساد الإسرائيلي حسب أسرة النايف والقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول.

واللافت أن النايف قضى في ذات الليلة التي كان رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف يناقش موضوع تسليمه إلى القضاء البلغاري، مع نظيريه الإسرائيلي والفلسطيني بنيامين نتنياهو ورامي الحمد الله أثناء زيارته إلى تل أبيب ورام الله على التوالي.

والخلفية كما هو معلوم، مذكرة الجلب التي تسلمتها وزارة العدل البلغارية من النيابة العسكرية الإسرائيلية، والتي تطالب بتسليم النايف -القيادي في الجبهة الشعبية- على خلفية مشاركته في قتل المستوطن إلياهو عمدي بالقدس عام 1986.

فعل خارجي ذو أبعاد جنائية وراء وفاة النايف (الجزيرة)
فعل خارجي ذو أبعاد جنائية وراء وفاة النايف (الجزيرة)

والتزم المدعي العام البلغاري تسوتير تساتساروف الحذر في تصريحاته منذ استدعاء المحققين إلى مقر السفارة، حيث كان النايف يبيت منفردا وبدون حراسة منذ لجوئه إليها يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

سبب الوفاة
وقال المدعي العام وقتها إن "سبب الوفاة ستحدده الفحوص، وإن النايف كان على قيد الحياة عندما وصل إلى المستشفى بسيارة الإسعاف"، مضيفا أنه "لم يظهر على جسمه أي أثر لسلاح ناري".

لكن تساتساروف قال أمس الثلاثاء خلال لقاء مع ممثلي أسرة النايف إن تقرير خبراء الطب الشرعي يشير إلى ما سماها "آثار فعل خارجي"، وأن مشهد وفاة النايف داخل السفارة الفلسطينية في صوفيا غير واضح، وأن صورة ما جرى لم تكتمل لدى المحققين البلغاريين.

ونقل موفد الجزيرة إلى صوفيا عيسى طيبي عن مصادر مواكبة للقضية أن المدعي العام لم يبلغ رانيا أرملة عمر النايف بموعد انتهاء التحقيق، مما يعني أنه سيكون مفتوحا. وأضاف أن المدعي العام صرح بأن الصورة غير واضحة لدى السلطات، إذ لا تعرف إن كانت وفاة النايف بسبب اعتداء تعرض له أو بسبب الانتحار.

من شأن بت خبراء الطب الشرعي والمحققين في موضوع استهلاك الأدوية وظروف السقوط من الطابق الثالث ودوافعه، تقوية فرضية الانتحار التي يرفضها ذوو النايف بشدة، أو استبعادها

لكن معلومات خاصة حصلت عليها الجزيرة نت أفادت بأن تساتساروف أكد لزوجة النايف أن "سقوط" زوجها من مكان مرتفع "مؤكد"، نتيجة "حجم التهتكات الداخلية" في جسمه، وأن "تقرير الطبيب الشرعي غير جاهز لأن الخبراء يجرون اختبارات إضافية ونتائجها قد تحتاج إلى شهرين كي تظهر".

أما بخصوص ارتجاع المعدة الناجم عن استهلاك النايف كمية من الأدوية وجدت علبها فارغة قرب الأريكة التي كان ينام عليها، فقال المصدر إن تساتساروف أبلغ رانيا النايف أن "الفحوصات بشأنها تتواصل".

ظروف السقوط
ومن شأن بت خبراء الطب الشرعي والمحققين في موضوع استهلاك الأدوية وظروف السقوط من الطابق الثالث ودوافعه، تقوية فرضية الانتحار -التي يرفضها ذوو النايف بشدة- أو استبعادها، علما بأن كاشف شقيق عمر أبلغ محطة بي.تي في البلغارية أن شقيقه تعرض للتعذيب ثم الاغتيال من طرف فرقة دخلت السفارة الفلسطينية.

وكان رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية تيسير جرادات أبلغ تلفزيون فلسطين عقب عودته من صوفيا الأسبوع الماضي بأن أعضاء اللجنة -التي ضمت مسؤولا بالمخابرات الفلسطينية وممثلا عن أسرة النايف وآخر عن الجبهة الشعبية- التقوا بالمدعي العام لصوفيا، والنائب العام البلغاري، ومدير التحقيقات الجنائية في الشرطة البلغارية الذين أبلغوها بالتفاصيل.

وأوضح جرادات أن هناك تقريرا بلغاريا أوليا "يقول إن هذا الحادث سجل تحت المادة 115 من القانون البلغاري، وهذه المادة تنص على أن الجرم هو قتل عمد والجاني مجهول حتى اللحظة".

بيد أن تقدير التحقيق البلغاري الذي أشار إليه جرادات، يواجه بتحفظات من طرف مراقب فلسطيني مقيم في صوفيا. ولفت المراقب إلى" حرص بلغاريا على ألا تظهر كساحة للتصفيات". 

وربما فسر ذلك ما ذهبت إليه رانيا النايف أمس عندما أبلغت الجزيرة بعد لقائها مع تساتساروف بأنها "لا تثق في تحقيقات البلغاريين، وأنها لا تتوقع أن تسفر عن حد أدنى من الحقائق"، ولوحت باستدعاء "أطباء دوليين" في حال صدور نتائج غير تلك التي تتوقعها.

المصدر : الجزيرة