ضغط أميركي وراء قبول جوبا بقوة إقليمية؟

جوبا – جنوب السودان – كبار اعيان المجتمعات القبلية بجنوب السودان في اجتماع احتجاجي ضد النشر القوة الاقليمية في البلاد – يوليو / حزيران 2016م – تصوير / مثيانق شريلو
كبار أعيان المجتمعات القبلية بجنوب السودان في اجتماع احتجاجي ضد نشر القوة الإقليمية بالبلاد (الجزيرة)

مثيانق شريلوـجوبا

ينظر متابعون للشأن السياسي بدولة جنوب السودان للقرار المفاجئ لحكومتها بالسماح بنشر قوة إقليمية لحماية المدنيين وتأمين المرافق الحيوية داخل العاصمة جوبا، بأنه يعكس توجها واقعيا للحكومة المهددة بالانهيار مع تفاقم أوضاع البلاد الاقتصادية والأمنية، وتزايد عزلتها إقليميا ودوليا.
 
إلا أن البعض يرى أن الضغوط التي مارستها واشنطن على جوبا هي التي دفعت الحكومة للإسراع في موافقتها على نشر هذه القوات، في وقت كان البعض من قادة النظام يدعمون الحملة الشعبية الرافضة دخول هذه القوات بذريعة "حماية السيادة الوطنية".
 
وكانت حكومة جوبا أعلنت نهاية الأسبوع الماضي موافقتها دون شروط على نشر قوة إقليمية قوامها أربعة آلاف جندي تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي 2304 الصادر في أغسطس/آب الماضي.
 
وستكون هذه القوة من دول الجوار (كينيا ورواندا وإثيوبيا)، وبعد موافقة جوبا على نشرها، أعلنت منظمة شرق أفريقيا للتنمية (إيغاد) -التي توسطت لإنهاء النزاع في دولة جنوب السودان- عزمها على عقد قمة طارئة نهاية الأسبوع الجاري لتحديد موعد رسمي لنشر هذه القوات.
 
ورحبت "إيغاد" بالموافقة على نشر القوة الإقليمية، ووصفه ممثل المنظمة في جوبا بأنه مفاجئ، لكنه يبعث الأمل في مستقبل دولة جنوب السودان. ومنح القرار الأممي القوة الإقليمية تفويضا كاملا لحماية المدنيين والمرافق الحيوية، على أن تعمل هذه القوة تحت مظلة قوات بعثة الأمم المتحدة الموجودة في البلاد منذ 2011، والمؤلفة من 12 ألف جندي.

الحكومة تنفي
واستبعد وزير الدفاع بدولة جنوب السودان كوال منيانق جوك أن تكون الحكومة تراجعت عن تحفظاتها السابقة على هذه القوة بسبب ضغوط واشنطن ودول غربية أخرى.

‪وزير الدفاع كوال منيانق جوك نفى تعرض حكومة بلاده لضغوط أجنبية‬ (الجزيرة)
‪وزير الدفاع كوال منيانق جوك نفى تعرض حكومة بلاده لضغوط أجنبية‬ (الجزيرة)

وقال للجزيرة نت إن تفاهمات جوبا مع دول الجوار هي التي أدت إلى إعلان موافقتها على نشر القوة الإقليمية بلا شروط. وأضاف "لم نتعرض لأي ضغوط، وما حدث هو أننا نجحنا في التوصل لأرضية للتفاهم حول تفاصيل فنية لهذه القوات قبل نشرها في البلاد".

وكانت واشنطن قدمت قبل نحو أسبوعين مقترحا لمشروع قرار بمجلس الأمن ينص على فرض حظر سلاح على حكومة جوبا، وعقوبات على قائد الجيش فول ملونق ووزير الإعلام مايكل مكوي.
 
وتشمل العقوبات المقترحة على الرجلين اللذين يعدّان من أشد المعارضين لنشر القوة الإقليمية منعهما من السفر وتجميد أموالهما"، وحث المقترح الدول المجاورة لجنوب السودان على التعاون لتضييق الخناق على الرجلين.

ضغوط أميركية
بدوره، يرى إسماعيل سليمان عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي بجنوب السودان أن إصرار واشنطن الشديد على نشر هذه القوة الإقليمية هو ما دفع حكومة جوبا للتراجع، وقال في تصريح للجزيرة نت إن تصريحات الحكومة التي نفت فيها الرضوخ لضغوط خارجية "كاذبة ومضللة".

وتأتي موافقة السلطات على نشر هذه القوة الإقليمية وسط تدهور أمني في المناطق القريبة من العاصمة، فقد تكررت حوادث القتل والنهب على طريق جوبا-نمولي، الذي يمثل شريان الحياة بالنسبة للعاصمة، وأثارت تلك الحوادث الهلع، وتسببت في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.
 
ولا يستبعد المحلل السياسي أنطوني واكو أن تندلع مواجهات مسلحة قرب جوبا مع تزايد حالات عدم الاستقرار الأمني في محيطها، وقال للجزيرة نت إن موافقة الحكومة على نشر القوة الإقليمية سيخفف عنها الضغط الناتج عن التدهور الأمني في محيط العاصمة.

ورأى أن جوبا أحسنت قراءة الواقع، خاصة أن الجماعات المسلحة التي تدعم قائد التمرد رياك مشار تنتظر حلول موسم الصيف لقيادة عمليات عسكرية على نطاق واسع، وختم بالقول إن نشر هذه القوة يعني أن على تلك الجماعات (المتمردة) قراءة المتغيرات الجديدة التي ستتشكل على أرض الواقع.

المصدر : الجزيرة