سعي إسرائيلي لتصنيف الحركة الإسلامية جماعة إرهابية

إسرائيل تحارب الإسلام السياسي وتتطلع لإدراج الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني على قائمة "الإرهاب" بعد عام على القرار بحظرها، صور من مهرجان الأقصى في خطر الذي كانت تنظمه الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني لعقدين وتم حظره من قبل إسرائيل، أم الفحم أيلول سبتمبر 2014 .
صور من مهرجان "الأقصى في خطر" الذي كانت تنظمه الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني (الجزيرة نت)

محمد محسن وتد-أم الفحم

ينتقل الداخل الفلسطيني بتجريم إسرائيل العمل السياسي وحظر الحركة الإسلامية إلى مرحلة مفصلية تضعه على مفترق طرق، فالملاحقة السياسية لا تقتصر على حزب دون آخر، فجميع التيارات تواجه حالة "قوننة" الإعادة لمربع الحكم العسكري.

في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 اتخذت إسرائيل قرارا يعتبر تاريخيا حين حظرت الحركة الإسلامية وأغلقت مؤسساتها، وعملت على تعديل قانون "الإرهاب" الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الجاري.

ويقضي هذا القانون بتوسيع صلاحيات وزير الأمن الإسرائيلي بتصنيف أي حزب أو حركة "جماعة إرهابية" واعتقال القيادات إداريا وفرض الإقامة الجبرية دون التمكين من الاستئناف لدى القضاء.

ويجمع محللون على أن قانون "الإرهاب" والتعامل مع المكونات السياسية لفلسطينيي 48 سيقود إلى صدام حتمي، وستكون نتائجه كارثية وستعود ارتداداته على المجتمع الإسرائيلي أيضا، وإذا أصرت المؤسسة الإسرائيلية على أن تصطدم مع الفلسطينيين في السياق الديني فستكون هي الخاسرة الكبرى.

الزبارقة: قانون الإرهاب وجه آخر للحكم العسكري الإسرائيلي (الجزيرة)
الزبارقة: قانون الإرهاب وجه آخر للحكم العسكري الإسرائيلي (الجزيرة)

خندق الإرهاب
ويعتقد المحامي خالد الزبارقة أن تطلع المؤسسة الإسرائيلية إلى إدراج الحركة الإسلامية على قائمة "الإرهاب" بعد عام على حظرها وإغلاق مؤسساتها يمهد لحظر المزيد من الأطر السياسية والمؤسسات الخيرية من خلال استعمال آليات الحكم العسكري وأنظمة الطوارئ بدون إجراءات قانونية أو حتى الاستئناف لدى المحاكم.

ولفت الزبارقة في حديثه للجزيرة نت إلى أن تل أبيب استغلت خطوة الإدارة الأميركية المنتخبة التي تفكر في تصنيف الجماعات الإسلامية "إرهابية"، لتوظف التعديلات على قانون "الإرهاب" وتطبقه على فلسطينيي 48 باعتباره وجها آخر للحكم العسكري، في محاولة لترويض وهندسة سلوكهم وأدائهم السياسي بما يتلاءم وأجندة المؤسسة الإسرائيلية.

وشدد على أن تصنيف الحركة الإسلامية "جماعة إرهابية" يعكس سمات المرحلة التي يعيشها الداخل الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يتلخص في فرض يهودية الدولة على فلسطين التاريخية، وبالتالي كل من يناهض هذا المشروع من فلسطينيي 48 سيجد نفسه في خندق "الإرهاب".

صالح لطفي: حكومة نتنياهو تتطلع للقضاء على مشروع الإسلام السياسي (الجزيرة)
صالح لطفي: حكومة نتنياهو تتطلع للقضاء على مشروع الإسلام السياسي (الجزيرة)

الإسلام السياسي
على نحو مغاير لما تسوغه المؤسسة الإسرائيلية لحظر الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني يجزم مدير مركز الدراسات المعاصرة صالح لطفي أن حكومة بنيامين نتنياهو تتطلع بالإساس للقضاء على مشروع الإسلام السياسي الذي تبلور في الداخل الفلسطيني، ومن هذا المنطق عدل قانون "الإرهاب".

ويصف لطفي في حديثه للجزيرة نت تطلع إسرائيل لوصم الإسلاميين بـ"الإرهاب" بالتحدي الأكبر لفلسطينيي 48 منذ النكبة، وأوضح أنه يكشف عمق العلاقة المتأزمة بين الداخل الفلسطيني والمؤسسة الإسرائيلية التي تساوم الداخل الفلسطيني على المستوى الفردي في السياق المعيشي وتحسين جودة الحياة، كما أنها في الوقت نفسه تتمادى في تجريم العمل السياسي.

وبحسب صالح، فإن المؤسسة الإسرائيلية تتعامل مع فلسطينيي 48 وفقا لقاعدة "مزيد من البطش والضغط يؤدي إلى مزيد من التفكك"، بيد أن هذه النظرية أثبتت فشلها، حسب رأيه لأن الداخل الفلسطيني في ظل التصعيد الإسرائيلي بات يشعر بأنه في خطر وجودي. 

كمال خطيب: قانون الإرهاب يجعل إسرائيل في حرب دينية مكشوفة مع العرب والمسلمين (الجزيرة)
كمال خطيب: قانون الإرهاب يجعل إسرائيل في حرب دينية مكشوفة مع العرب والمسلمين (الجزيرة)

 حرب دينية
الأمر ذاته أكده الشيخ كمال خطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية الذي يعتقد أن المؤسسة الإسرائيلية بنهجها وتشريعاتها العنصرية وإجراءاتها ضد كل من يناهض سياساتها تتجه توجها عدائيا غير مسبوق باستهداف الداخل الفلسطيني وتياراته السياسية.

وما يميز المرحلة الحالية -يقول خطيب في حديثه للجزيرة نت- هو أن إسرائيل عمدت إلى حظر واستهداف حركة عملت لعقود بتأطير رسمي وبموجب ما يقتضي القانون، مستغلة الانقسام الداخلي الفلسطيني والظروف الإقليمية المناهضة للإسلام السياسي والأجواء الدولية التي ترفع فزاعه "الإسلاموفوبيا" لتتعامل مع الداخل الفلسطيني بعقلية الإرهاب.

وفي هذه اللحظة الفارقة يجزم خطيب بأن استهداف الأذان والقدس والأقصى وتجريم العمل السياسي وحظر الحركة الإسلامية وأسر رئيسها الشيخ رائد صلاح والتعامل مع الداخل الفلسطيني على أنه عدو وتصنيف الفعاليات السياسية والحزبية "إرهابية" يجعل إسرائيل في حرب دينية مكشوفة مع العرب والمسلمين، وهي حتما من سيخسر المعركة.

المصدر : الجزيرة