أي جدوى لمؤتمرات المصالحة في العراق؟
مروان الجبوري-بغداد
يثير طرح مبادرات لعقد مؤتمرات للمصالحة في العراق ردود فعل متضاربة وجدلا واسعا بين مختلف المكونات السياسية في البلاد، وهو ما لوحظ عقب إعلان مصادر في رئاسة الجمهورية عن نيتها الدعوة لمؤتمر مصالحة وطنية شاملة استعدادا لمرحلة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقد سارعت كتل شيعية مشاركة في الحكومة ومجلس النواب لإعلان رفضها إقامة المؤتمر والمشاركة فيه، بدعوى مشاركة شخصيات "متهمة بالإرهاب" وأعضاء في حزب البعث "المنحل".
وكانت مصادر بالرئاسة أعلنت تشكيل لجنة عليا للمصالحة بين الكتل والمكونات العراقية باتفاق بين الرئاسات الثلاث، ستقدم من خلالها رؤية للمصالحة والإعمار.
ورغم أن المصادر لم تعلن عن موعد ولا مكان إقامة المؤتمر، فقد تضمنت خطة المؤتمر دعوة شخصيات معارضة للحكومة والعملية السياسية، بعضها محكومة بقضايا "إرهاب" مثل طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية السابق، وعدنان الدليمي وعبد الناصر الجنابي وضباط بالجيش السابق.
وتعليقا على هذا الأمر، قال النائب عن التحالف الوطني وعضو حزب الدعوة (تنظيم الداخل) علي البديري إن العراقيين سئموا مما يسمى "مؤتمرات مصالحة" والمليارات التي أنفقت وتنفق عليها، إضافة إلى أن البلاد باتت تشهد بعد كل مؤتمر مماثل موجة من أعمال عنف، على حد تعبيره.
وأضاف البديري، في حديث للجزيرة نت، أن أزمة البلاد هي "طائفية في الأساس" مقترحا إقامة هذه المصالحة بين المرجعيات الدينية السنية والشيعية، وليست بين كتل سياسية يشكل بعضها "جزءا من المشكلة".
واعتبر النائب أن "وجود أسماء لمتهمين بدعم الإرهاب كطارق الهاشمي وغيره، يقلل من مصداقية المؤتمر لأن الشعب العراقي لن يقبل بوجودهم" متهما الداعين لهذا المؤتمر بأنهم "يسعون لإفراغ انتصارات الجيش والقوات الأمنية من مضمونها".
حبر على ورق
ورغم أن البلاد شهدت انعقاد عدد كبير من مؤتمرات المصالحة خلال السنوات الماضية، فإن مقرراتها لم تكن أكثر من حبر على ورق كما يقول كثيرون.
وفي هذا السياق، قال النائب عن اتحاد القوى السنية عبد القهار السامرائي إن هذه المؤتمرات أضعفت المصالحة على أرض الواقع واستنزفت خزينة الدولة ماليا، مشيرا إلى أنها تحتاج لتوفير البيئة المناسبة قبل إجرائها، وبما أنها لم تلق الاستجابة الكافية حتى الآن من مؤسسات الدولة، فهي ليست ذات جدوى كبيرة.
وتعليقا على مشاركة بعثيين ومتهمين بـ"الإرهاب" فيها، اعتبر السامرائي في حديثه للجزيرة نت أن أية جهة تدين تنظيم الدولة وتتبرأ من ممارساته يجب أن تكون حاضرة وشريكا في صنع المستقبل، كل حسب ثقله وتأثيره.
دفع العشائر
ويفترض منظمو المؤتمر أن أكثر المناطق تأثرا به ستكون المناطق الساخنة بالبلاد، لا سيما محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى، إذ تتوقع مؤسسة الرئاسة أن تعطي هذه المبادرة زخما قويا للحرب ضد تنظيم الدولة مع ضخ المزيد من الدماء الشابة في صفوف الصحوات وقوات الجيش والشرطة، خاصة بعد معركة الرمادي.
وفي هذا الصدد، قال رئيس "مجلس عشائر الأنبار المتصدية للإرهاب" الشيخ رافع الفهداوي إنهم سيكونون مع أي جهد يصب في صالح طرد تنظيم الدولة من المدن السنية وإعادة إعمارها.
وأكد قبول هذه الدعوة إن وجهت لهم، لكن الأهم من ذلك -وفق الفهداوي- هو هل لدى الحكومة برنامج إصلاحات حقيقي لإعادة الحياة إلى المناطق التي دمرتها الحرب في وقت يخيم فيه شبح الإفلاس على البلاد.
وأوضح الفهداوي أن مخاوف الحكومة من مشاركة بعض الجهات السياسية ليست مبررة، لا سيما حزب البعث الذي أصبح شيئا من الماضي، ولم يبق منه إلا أشخاص يمكن استيعابهم وإعادة إدماجهم في المجتمع، خاصة أصحاب الكفاءات منهم، إذا ثبتت براءتهم من أي "تهم أو جرائم".
وألقى باللائمة على الحكومات السابقة التي ضيعت كثيرا من الفرص على العراق حين رفضت إعادة استيعاب الكفاءات وأصحاب الشهادات العليا، بحجة أنهم بعثيون، فكانت النتيجة نظاما يقوم على الفساد المالي والطائفية والإقصاء والتهميش، على حد قوله.