تجار بالخليل يدفعون ضريبة الانتفاضة والاستيطان

سوق الذهب مغلق أمام أصحابه بمدينة الخليل
سوق الذهب مغلق أمام أصحابه في البلدة القديمة من مدينة الخليل (الجزيرة)

عوض الرجوب-الخليل

عبد القادر خليل الحروب، واحد من عشرات التجار الفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك محلاتهم التجارية في سوق الذهب في البلدة القديمة من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية. كان ذلك بفعل أوامر عسكرية ردا على اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ولحماية قرابة أربعمئة مستوطنة في قلب الخليل.

لم تحقق محاولات عبد القادر الحروب وزملائه من التجار ومؤسسات الخليل على مدى عقد ونصف، أمله في العودة إلى سوق الذهب وباقي الأسواق العتيقة داخل البلدة القديمة، مما أبقاها فريسة للمستوطنين يعيثون فيها فسادا.

وكان آخر ذلك العبث ما كشفته لجنة إعمار الخليل -وهي لجنة رسمية تتولى إعمار وتأهيل البلدة القديمة- مؤخرا من اعتداء مباشر على ثلاثة محلات تجارية وتحويلها إلى غرف معيشة، بينها محل القدس للمجوهرات الذي يملكه الحروب.

لم يتوقف الضرر على سوق الذهب عند حد إغلاقه، بل تبدو للزائر من خلف الأسلاك الشائكة أكوام من القمامة وآثار تدمير للممتلكات يقف وراءها مستوطنو بؤرة الدبوية القريبة.

عبد القادر الحروب صاحب محل لبيع المجوهرات تحول إلى غرفة معيشة (الجزيرة)
عبد القادر الحروب صاحب محل لبيع المجوهرات تحول إلى غرفة معيشة (الجزيرة)

من الذهب إلى الملابس
يقول الحروب إنه فوجئ بخبر يفيد بأن لجنة الإعمار كشفت عن اعتداء المستوطنين على محله -القدس للمجوهرات- حيث استُدعي لتقديم شكوى بالحادثة للشرطة الإسرائيلية، موضحا أنه أصابه الذهول عندما رأى محله يتحول إلى غرفة معيشة.

ويضيف أنه شاهد تسجيلا مصورا يُظهر سريرا للنوم وثلاجة ومعدات للحفر وحفريات داخل محله، فطالب بلدية الخليل بصفتها المالك للسوق وكافة الجهات ذات الصلة بالعمل على إعادة فتحه.

وبعد سنوات طويلة في تجارة الذهب، يعمل الحروب اليوم بائعا للملابس في محل يستأجره في شارع نهاية الشلالة قريبا من سوق الذهب المغلق.

محل تجاري تحول إلى غرفة معيشة في سوق البلدة القديمة بالخليل (الجزيرة)
محل تجاري تحول إلى غرفة معيشة في سوق البلدة القديمة بالخليل (الجزيرة)

ووفق لجنة إعمار الخليل، فإن 1830 محلا لا يزال مغلقا منذ عام 2000 بسبب الإجراءات التي يفرضها الاحتلال على البلدة القديمة بالخليل، من بينها 520 محلا مغلقا بأوامر عسكرية مباشرة فيما لا تزال اعتداءات المستوطنين عليها مستمرة.

ويقول مدير اللجنة عماد حمدان إن لجنة الإعمار تقدمت عدة مرات بطلبات للجهات المختصة في جيش الاحتلال للسماح لها بزيارة السوق، خاصة بعد وردود معلومات عن اعتداءات المستوطنين، لكن الطلب ظل يقابل بالرفض حتى سُمح أخيرا بالزيارة التي تمت قبل فترة قصيرة.

وأضاف أن الزيارة كشفت عن اعتداءات مباشرة على المحلات التجارية وتحويل بعضها لغرف معيشة وإلحاق الدمار بأخرى، فضلا عن إحداث فتحات في عدد من المحلات للتنقل بينها.

وأكد أن تغييرا طال معالم هذه المحلات واستغلالا للكهرباء على حساب أصحابها الفلسطينيين .

وقال إن الاعتداءات لا تقتصر على سوق الذهب بل تشمل كافة المناطق المغلقة، وخاصة منطقة ديوان التميمي وشارع الشهداء وشارع السهلة، وهي شوارع لا يزال الدخول إليها ممنوعا على الفلسطينيين ولا يُعرف على وجه التحديد ما يدور فيها.

نقطة عسكرية إسرائيلية قرب بؤرة مدرسة أسامة الاستيطانية (الجزيرة)
نقطة عسكرية إسرائيلية قرب بؤرة مدرسة أسامة الاستيطانية (الجزيرة)

محاولات مستمرة
ويقطن نحو أربعمئة شخص في أربع بؤر استيطانية أقيمت في أملاك فلسطينية تم الاستيلاء عليها في الجزء الخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وفق اتفاق الخليل لعام 1997، وتربطهم خطوط اتصال مباشرة مع مستوطنة كريات أربع القريبة.

وتحدث حمدان عن استمرار مساعي الوحدة القانونية في لجنة الإعمار للحصول على قرار يسمح بعودة أصحاب المحلات التجارية إليها، لكنه يعترف بأن تحقيق هذه الرغبة يتطلب أيضا جهودا سياسية ودعما شعبيا.

وأردف قائلا إن مئات المحلات التجارية الأخرى -إضافة إلى المحلات المغلقة بأوامر عسكرية- لا زالت مغلقة بسبب إجراءات الاحتلال التي عزلتها وتحول دون وصول المتسوقين إليها.

وأشار إلى أن قرار السماح بالعودة إلى المحلات التجارية في شارع السهلة مؤخرا، لم يشمل سوى أربعة محلات، بينما واصل الاحتلال إغلاق عشرات المحلات الأخرى.

المصدر : الجزيرة