التونسيون فرحون بالعيد رغم "التضييقات"

إقبال كبير على صلاة عيد الفطر المبارك
تونسيون عقب تأديتهم صلاة العيد بأحد المساجد (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

تحت ذريعة مقاومة التطرف منعت السلطات التونسية المصلين من تأدية صلاتهم في الساحات العامة، خلافا لما كان معمولا به بعيد الثورة حيث تعوّد جزء من التونسيين على إقامة صلاة عيد الفطر خارج المساجد اقتداء بالسنة.

وجاء هذا القرار الحكومي الذي أعقب حزمة أخرى من إجراءات صارمة استهدفت غلق مساجد تعتبرها السلطات خارجة عن سيطرتها وعزل أئمة تصف خطابهم بالمتشدد والتوجه إلى حظر نشاط منظمات خيرية ودينية والتهديد بحلّ أحزاب سلفية بتهمة خرق القانون، ما جعل البعض يعرب عن قلقه من التضييق على الحريات الدينية بحجة محاربة "الإرهاب".

وقال وزير الشؤون الدينية عثمان بطيخ للجزيرة نت إن قرار منع صلاة العيد خارج رحاب المساجد "يهدف إلى تجنب استثمار بعض المجموعات المتشددة لهذه المناسبة لاعتلاء المنابر وتمرير خطب دينية تدعو إلى العنف والكراهية والتشدد".

وذكر أنّ هناك توجها لدى وزارة الشؤون الدينية "لترشيد الخطاب الديني واستعادة المساجد التي كانت تحت سيطرة مجموعات متشددة"، نافيا بشدة الاتهامات بوجود إجراءات للتضييق على مظاهر التدين أو تقييد الحريات الدينية في البلاد.

‪بلقاسم يفضل تأدية صلاة العيد داخل المساجد تجنبا للانقسام‬ (الجزيرة)
‪بلقاسم يفضل تأدية صلاة العيد داخل المساجد تجنبا للانقسام‬ (الجزيرة)

وغير بعيد عن رأي الوزير المسؤول يرى الحاج بلقاسم -وهو مواطن في الثمانين من عمره- أن تلك الإجراءات "لا تقمع الحريات الدينية في البلاد، وقرار الحكومة باتخاذها الإجراءات فضلا عن فرض حالة طوارئ يصب في المصلحة العامة للتونسيين ويهدف للتصدي لخطط الإرهابيين".

وبشأن منع المصلين من تأدية صلاة عيد الفطر في الساحات العامة قال للجزيرة نت "هذا القرار في محله لأنه يهدف إلى توحيد صفوف المصلين وعدم قسمتهم لجزأين لأنّ الصلاة خارج المساجد تسببت سابقا في حالة من الفوضى".

وقال بلقاسم إنّ بعض الأئمة والمصلين "استغلوا ارتفاع منسوب الحريات بعد الثورة لإقامة الصلاة في بعض المناسبات الدينية خارج المساجد من أجل تمرير خطاب ديني متشدد وهو ما جعل الكثير من المصلين يعزفون عن الذهاب إلى المساجد".

على النقيض من ذلك اعتبر الشاب نبيل منع السلطات إقامة صلاة العيد في الساحات "تعديا على حرية المعتقد وانتهاكا للحريات الدينية". كما رفض بعض المصلين الخضوع لقرار وزارة الشؤون الدينية واعتبره "موقفا شهما".

وقال "هناك دول أوروبية تخصص فضاءات عامة لتسهل للجالية المسلمة تأدية صلاتهم خلال الأعياد، لكن في تونس يواجه المصلون تضييقا خانقا على صلاتهم تحت ذريعة محاربة الإرهاب وكأنهم أقلية مسلمة".

‪تونسيون يحتفلون بالعيد في حديقة البلفيدير‬  (الجزيرة)
‪تونسيون يحتفلون بالعيد في حديقة البلفيدير‬  (الجزيرة)

من جهته قال المحامي سيف الدين مخلوف "هناك استهداف واضح من قبل الحكومة الحالية لضرب الحريات الدينية، فجميع إجراءاتها تصب في خانة التضييق على مظاهر التدين تحت غطاء محاربة الإرهاب".

ويرى أنّ الإجراءات المتخذة في المجال الديني من شأنها "استفزاز مشاعر المتدينين وتغذية ظاهرة التطرف، لأنّ محاربة الإرهاب تستوجب مقاربة تشمل البعد الثقافي والتربوي والتنموي".

لكن القرار الحكومي والجدل بشأنه لم يؤثرا كثيرا على إقبال التونسيين على تأدية صلاة العيد داخل المساجد التي تدفق عليها المصلون الذين جاؤوا بأعداد غفيرة متزينين بأزهى ملابسهم رفقة أطفالهم لإقامة الصلاة والتصافح فيما بينهم ثمّ الذهاب إلى زيارة الأهالي والأحبة والخروج إلى أماكن الترفيه العامة.

وعلى الرغم من تمركز قوات الأمن في بعض الساحات العامة بالمناطق، التي يلجأ فيها المصلون عادة لصلاة العيد خارج المساجد، لم يمنع ذلك بعض المصلين من مغادرة المساجد والتوجه إلى فضاءات مفتوحة لصلاة العيد في تحد لذلك القرار.

المصدر : الجزيرة