صفحة جديدة بحياة خضر عدنان بعد الأسر والإضراب

تموز 2015 بلدة عرابة جنين فلسطين خضر عدنان بين أطفاله بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال الاسرائيلي
خضر عدنان بين أطفاله في بلدة عرابة بجنين بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال الاسرائيلي (الجزيرة)

ميرفت صادق-رام الله

في اليوم التالي للإفراج عنه، كان الشيخ الفلسطيني خضر عدنان يستعيد حياته العادية، يتفقد أطفاله الستة ويزور بيوت الشهداء والأسرى مدشنا صفحة جديدة في حياته بعد عام كامل قيد الأسر ونحو شهرين من إضراب عن الطعام انتهى بمعانقته الحرية.

في أجواء رمضانية عاد الشيخ خضر للعيش ببيته العائلي ببلدة عرابة شمال الضفة الغربية حيث يتعلق به أطفاله الستة وتعانقه صغيرته "بيسان" كل حين وهو يقبل يدي وقدمي والدته "أم محمد" التي وزعت دمعاتها وأغنيات فرحها على نساء مررن لتهنئتها بعد أن أقعدها خوفها عليه على كرسي متحرك.

إنها صفحة جديدة في حياة خضر عدنان بعد عام كامل في الأسر الإسرائيلي، وعقب 55 يوما من الإضراب المتواصل عن الطعام لوقف اعتقاله الإداري وطلبا للحرية الفورية. وهي تجربة إضرابه الثانية، بعد أن أمضى في الأولى 65 يوما عام 2012 وانتهت بحريته أيضا.

قالت أم محمد وهي تستعد لتوزيع الحلوى مساءً "رغم إلحاح الأطفال، لم نُعد حلوى رمضان مرة في البيت إلا في الأسبوع الأخير". ثم أضافت دامعة "مرت علينا أيام صعبة خلال إضرابه، لم ننم فيها وكنا نتلقى أخبارا سيئة عنه". في إحدى الليالي تلقت العائلة خبرا عن استشهاده، وبكى والده عندما تذكر ذلك.

الشيخ خضر عدنان على مشارف منزله بعد الإفراج عنه فجر الأحد (الجزيرة)
الشيخ خضر عدنان على مشارف منزله بعد الإفراج عنه فجر الأحد (الجزيرة)

قصة انتصار
وفي يوم العائلة المزدحم بالمهنئين، جلس الشيخ خضر، وبهذا اللقب اشتهر منذ سنوات طويلة رغم عمره الذي لا يتجاوز 37 عاما، يروي قصة إضرابه وانتصاره.

بدأ الأمر كما قال، نهاية نيسان/أبريل الماضي وقبيل أيام من تمديد اعتقاله للمرة الثالثة، حيث خاض إضرابا عن الطعام لعدة أيام في رسالة تحذيرية لجهاز المخابرات الإسرائيلية. وفي السادس من أيار قرر الدخول في إضراب مفتوح وشعاره "لن أفك إضرابي إلا بالإفراج عني وبين عائلتي".

يقول خضر عدنان إن مطلبه كان إنهاء اعتقاله الإداري، لكنه سعى أيضا إلى كسر الاعتقاد الإسرائيلي بردع الأسرى الإداريين الذين أضربوا عن الطعام سابقا وأعاد اعتقالهم بعد تحررهم.

بعد هذا الإنجاز كما يعده عدنان، هيأ نفسه لإضراب لم يرد له أن يطول فقرر تناول الماء فقط بدون الملح، وهو المادة الهامة لمنع تعفن أعضائه الداخلية، وبدون تناول أي شكل من المدعمات الغذائية، كما رفض إجراء أي فحوص طبية إلا بعد الاستجابة لمطالبه.

ومع تقدم أيام الإضراب، بدأت مصلحة السجون الإسرائيلية باستشعار الخطر على حياة خضر عدنان بعد زيارات من الصليب الأحمر وتقديرات بدخوله مرحلة حرجة.

خضر عدنان يبدأ صفحة جديدة من حياته بين أهله بعد نحو عام في سجون الاحتلال(الجزيرة)
خضر عدنان يبدأ صفحة جديدة من حياته بين أهله بعد نحو عام في سجون الاحتلال(الجزيرة)

 تحدي الاحتلال
في اليوم الثاني والأربعين لإضرابه، حاول الاحتلال الضغط عليه من خلال الأسرى، فأرسل إليه رئيس الهيئة العليا للأسرى في السجون زيد بسيسي ومعه قيادي آخر لإقناعه بوقف إضرابه خشية على حياته.

بعد مفاوضات طويلة، وافقت النيابة الإسرائيلية على تقديم موعد الإفراج عنه إلى 16 يوليو/تموز، لكنه عدل عن مطلب الإفراج الفوري، وطلب الإفراج ليلة القدر، أي قبل موعد الاحتلال بأربعة أيام وجلس يفاوضهم ستة أيام مضربا من أجل هذا الفارق.

وبعد الإفراج، يتذكر عدنان بنشوة نصر حديث الضابط الإسرائيلي حاييم مراد، الذي حضر إليه يوم التاسع من يونيو/حزيران وأبلغه بمنع زيارة عائلته بسبب استمراره في الإضراب، لكنه تحداه قائلا "سأكون بين أهلي بإذن الله قريبا"، فرد مراد "الله مشغول هذه الأيام في سوريا، ولن يتفرغ لك قبل أن ينتهي من هناك". فمضى عدنان متحديا "بإذن الله سأكون بين أهلي وأخرج من السجن".

المصدر : الجزيرة