قرية "سوسية" الفلسطينية تنتظر الهدم

عوض الرجوب-الخليل

بعد سنوات من التداول في أروقة المحاكم الإسرائيلية، قررت المحكمة العليا الاستجابة لطلب الإدارة المدنية التابعة للاحتلال في الضفة بهدم قرية تؤوي عشرات العائلات الفلسطينية تقع جنوب بلدة يطا، أقصى جنوب الضفة الغربية.

وبررت محكمة الاحتلال قرارها الاثنين بهدم قرية "سوسية" المكونة من عدة تجمعات سكنية بافتقادها للبنية التحتية، التي يمنعها الاحتلال عن القرية المقامة قبل وجوده، لكن السكان الفلسطينيين يؤكدون أن وراء القرار يقف هدف سياسي واستيطاني بحت، يتمثل في ربط مستوطنة سوسيا ببؤرتين تقعان إلى الشمال منها.

ولمواجهة القرار الإسرائيلي يجمع السكان الفلسطينيون، ويعمل معظمهم في الزراعة وتربية المواشي على موقف واحد هو رفض القرار الإسرائيلي، والبقاء حيث هم في الكهوف والخيام والتصدي لأي محاولة لترحيلهم.

نصر النواجعة: القاضي الذي أصدر قرار الهدم مستوطن قرب الخليل (الجزيرة)
نصر النواجعة: القاضي الذي أصدر قرار الهدم مستوطن قرب الخليل (الجزيرة)

منع ثم ترحيل
وبسبب قيود الاحتلال، يفتقد السكان ومعظمهم من عائلة النواجعة في بلدة يطا جنوب الخليل، لشبكتي الكهرباء والمياه والطرق، لكنهم تمكنوا بمساعدة منظمات دولية، بعضها أوروبية، من بناء شبكة محلية من الخلايا الشمسية وخزانات للمياه.

ويقول الباحث الميداني في منظمة بتسيلم نصر النواجعة، وهو من سكان القرية، إنهم فوجئوا يوم أمس بقرار من المحكمة العليا أصدره قاض إسرائيلي، يقيم في مستوطنة بين الخليل وبيت لحم، وينص على ترحيل السكان إلى أراض قرب بلدة يطا يصنفها الاحتلال بأنها أراضي دولة.

ويضيف أن مبرر الترحيل -حسب القرار- هو عدم وجود بنية تحتية للمنطقة، لكنه يوضح أن السكان أعدوا مخططا هيكليا للخربة وأسسوا مدرسة وعيادة صحية، إلا أن الاحتلال يرفض وجودهم لهدف وحيد هو ربط مستوطنة سوسية جنوبا ببؤرتين إلى الشمال، وإزالة العائق الوحيد وهو عدة تجمعات فلسطينية تؤويها الخيام والكهوف.

وأشار إلى ترحيل السكان قسرا في السابق عام 1986 عندما حول الاحتلال خربتهم الأصلية، واسمها سوسية أيضا إلى موقع أثري مما اضطرهم للانتقال إلى أراضيهم الزراعية شرق الموقع السابق. وأضاف أن قرار الترحيل يعني فقدان السكان لأكثر من عشرة آلاف دونم من الأراضي الزراعية ووقف التمدد السكان لبلدة يطا جنوبا.

وذكر أن قرار الترحيل دخل حيز التنفيذ عند الساعة السابعة من صباح اليوم وأنه غير قابل للاستئناف، موضحا أن السكان في حالة ترقب وبانتظار تنفيذ قرار الترحيل.

أما رئيس المجلس المحلي في القرية جهاد النواجعة فيقول إنه يجري اتصالات مع الجهات ذات الصلة في السلطة الفلسطينية والمنظمات الحقوقية، معربا عن أمله بتحرك الجميع، بما في ذلك المنظمات الدولية لمنع التهجير الجماعي للسكان والأطفال.

وتضم القرية إضافة إلى العيادة الصحية والمدرسة 75 منشأة معظمها خيام وبيوت من الصفيح وحظائر، يقطنها قرابة 45 عائلة، قوامها 450 نسمة.

‪‬ جهاد النواجعة يأمل بتحرك السلطة والمنظمات الدولية لمنع الهدم والتهجير(الجزيرة)
‪‬ جهاد النواجعة يأمل بتحرك السلطة والمنظمات الدولية لمنع الهدم والتهجير(الجزيرة)

حجة البنى التحتية
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ذكرت أواخر مارس/آذار الماضي أن الجهات الرسمية طلبت من المحكمة العليا، السماح لها بهدم القرية الفلسطينية وترحيل سكانها إلى بلدة جديدة قرب مدينة يطا، والذريعة افتقار القرية للبنية التحتية.

وأضافت أن طلب دولة الاحتلال جاء في الرد على التماس سكان القرية ضد قرار عسكري سابق بهدم قريتهم، حيث ادعى الجيش بوجوب إخلاء السكان بسبب النقص في البنى التحتية، مع أنه يمنع عنهم هذه البنية. موضحة أن السكان رفعوا التماسا مع منظمة حاخامين من أجل حقوق الإنسان قبل نحو سنة، في المقابل عملت جمعية رغافيم الاستيطانية لتنفيذ أوامر الهدم.

من جهته، أشار مدير المدرسة الأساسية في الخربة محمد النواجعة، إلى إخطارات سابقة للمدرسة التي تؤوي عشرات الطلبة من الجنسين في المرحلة الأساسية، محذرا من مصير مجهول ينتظر الطلبة في حال غادروا المقاعد الدراسية وهدمت مدرستهم، نظرا لبعد المدارس الأخرى.

أما الحاج محمد أحمد النواجعة فيتعهد بعدم تكرار تجربة النكبة والرحيل إلى المجهول. ويقول إنه لن يرحل عن أرضه إلا جثة هامة، وأضاف أنه صاحب الأرض الحقيقي وولد فيها قبل قدوم الاحتلال بعامين، وليس وافدا عابرا كما المستوطنين.

المصدر : الجزيرة