في القدس.. عاطفة الأمومة تهزم السجّان

الأسير المقدسي ناصر عبد ربه وهو يُقبّل والدته داخل قاعة المحكمة العليا الإسرائيلية
الأم نسيت أنها قعيدة ووقفت لرؤية ابنها الأسير (ناشطون)

أسيل جندي-القدس المحتلة

أشعلت صورة الأسير المقدسي ناصر عبد ربه وهو يُقبّل والدته داخل قاعة المحكمة العليا الإسرائيلية مواقع التواصل الاجتماعي، وشارك الآلاف من رواد هذه المواقع الصورة، وكتبوا تعليقات مؤثرة عن مدى قوة عاطفة الأمومة التي دفعت والدة الأسير المريضة للوقوف عن كرسيها المتحرك لتسلم على نجلها الأسير، وسط حالة من الذهول رافقتها نظرات حاقدة من السجانين الذين يحيطون بالأسرى وذويهم داخل قاعة المحكمة.
 
وزارت الجزيرة نت منزل الأسير ناصر في بلدة صور باهر في القدس المحتلة، والتقت والدته التي قالت عن اللحظات التي اقتربت فيها من ابنها في المحكمة "فلينظر العالم للظلم الذي تعيشه الأم الفلسطينية التي وصلت مرحلة تتمنى فيها أن تلمس يد ابنها من خلف الحواجز". وتابعت قائلة "دخلت قاعة المحكمة وقررت الجلوس بمحاذاة الحاجز الذي يفصل الأهالي عن أبنائهم حتى أرى ابني عن قرب، وعندما شعرت بأن الجلسة شارفت على الانتهاء وأنني سأخرج دون التمكن من التسليم على ناصر طلبت من أحد السجانين أن يدفع الكرسي باتجاه الأسرى ليسارع ناصر بالاقتراب مني لكن الحاجز الخشبي المرتفع منعه من الوصول، حينها أمدتني عاطفة الأمومة بالقوة لأنهض عن الكرسي وأسلم عليه وأقبله".

الأم:  تصرفت بعفوية تامة ولم أتوقع أن تلقى هذه اللحظات النقية كل هذا الصدى (الجزيرة)
الأم:  تصرفت بعفوية تامة ولم أتوقع أن تلقى هذه اللحظات النقية كل هذا الصدى (الجزيرة)

وأضافت للجزيرة نت "تصرفت بعفوية تامة ولم أتوقع أن تلقى هذه اللحظات النقية كل هذا الصدى، فمنذ لحظة دخولي المنزل عائدة من المحكمة تلقيت عشرات الاتصالات من أقارب وغيرهم يتحدثون عن مدى تأثرهم بالصورة التي التقطت لي ولناصر مع دعائهم بالإفراج القريب عنه".

اعتقال متكرر
وتستذكر الوالدة لحظات إعادة اعتقال ناصر قائلة "لم أتخيل يوما أن يُعتقل ابني مرة أخرى لأنه بعد تحرره التزم بشروط الإفراج، وتزوج واستقرت حياته وبعد احتفاله بميلاد ابنه الأول بيومين طوقت قوات الاحتلال الحي وقامت باعتقاله، ومنذ ذلك الوقت وأنا أتعرض لانتكاسات صحية متتالية لأنه اعتقل ظلما من ناحية، ولأنني أشعر بالذنب تجاه زوجته وأولاده من ناحية أخرى".

ورُزق الأسير عبد ربه بعد تحرره بطفلين أمير (عامين) وعلي (ثمانية شهور) الذي ولد بعد إعادة اعتقال أبيه بأسابيع.

وعن أحفادها، قالت الجدة "النجل الأكبر لناصر يدرك تماما ما يحصل وبعد رؤية والده بالمحكمة قبل أيام تعرض لانتكاسة صحية، وتتنقل به والدته بين الأطباء، وهذا أكثر ما يوجعني، أتمنى أحيانا لو أنني توفيت قبل تحرر ناصر حتى لا أعيش الأيام الصعبة الحالية، كنت في السابق أحمل همّا واحدا أما اليوم فأحمل هم ابني وأسرته".

يذكر أن الأسير ناصر عبد ربه محكوم عليه بالسجن لمدة 37 عاما، قضى منها 24 عاما، وينتظر حاليا قرار المحكمة العليا بعد إعادة اعتقاله. وتُودع والدته وأسرته شمس كل يوم على أمل أن يبزغ فجر الحرية مع حلول اليوم التالي، ورغم الألم الذي تعيشه هذه العائلة وآلاف العائلات الفلسطينية الأخرى بسبب الاعتقال، فإن الأمل يبقى حليفا لهم لمستقبل أقل ظلما وأكثر عدالة.

دروع من منزل ذوي الأسير عبد ربه(الجزيرة)
دروع من منزل ذوي الأسير عبد ربه(الجزيرة)

إعادة اعتقال
وعقدت المحكمة العليا الإسرائيلية قبل أيام جلسة لنظر الطعن الذي تقدم به سبعة من الأسرى الذين تحرروا في صفقة التبادل مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وأعيد اعتقالهم في شهر يونيو/حزيران الماضي، بُعيد حادثة خطف المستوطنين الثلاثة بالضفة الغربية، بينما تم تأجيل النطق بالحكم لحين دراسة ملف كل أسير بشكل منفرد.

ووفقا لبيانات نادي الأسير الفلسطيني، يقبع حاليا في سجون الاحتلال ستة آلاف أسير، أعادت سلطات الاحتلال اعتقال أكثر من ستين أسيرا أفرج عنهم في صفقة التبادل "شاليط"، مدّعية أنهم خرقوا بنود الصفقة، وأقدمت على إقامة لجنة عسكرية خاصة للنظر في قضاياهم بذريعة وجود ملف سري ضدهم يُمكّن نيابة الاحتلال من المطالبة بإعادة الأحكام عليهم، وطُبّق ذلك على ما يقارب أربعين أسيرا، أغلبهم أُعيد عليهم الحكم المؤبد.

المصدر : الجزيرة