تركيا يهزها تعطل الخدمات واغتيال مدعٍ عام
خليل مبروك-إسطنبول
ووصل انقطاع خدمات الكهرباء والماء والهاتف والإنترنت إلى 79 مدينة، من بينها المدن الكبرى كإسطنبول وأنقرة وإزمير وبورصة، وترك ذلك إرباكا كبيرا في حركة السير والأنشطة الإدارية والاقتصادية، وقد وُصف هذا الانقطاع الذي استمر حتى ساعات ليل الثلاثاء بأنه الأسوأ في تركيا منذ عدة سنوات.
وفي الوقت نفسه شيع الآلاف من المواطنين الأتراك بعد صلاة ظهر الأربعاء جثمان المدعي العام التركي محمد سليم كيراز من مسجد السلطان أيوب بإسطنبول بحضور رسمي كبير شارك فيه رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو وعدد من الوزراء، بينما أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان عزمه قطع الزيارة التي يقوم بها إلى رومانيا والعودة للبلاد اليوم للوقوف على آخر التطورات.
وربط بعض المراقبين للشأن التركي بين الحادثين، مثيرين علامات استفهام على تزامنهما، الأمر الذي لم تؤكده الحكومة التركية، التي نفت في الوقت ذاته أن يكون سبب تعطل الخدمات تقنيا أو فنيا، بينما تعهد رئيسها داود أوغلو بكشف نتائج التحقيقات للرأي العام حال ظهورها.
تزامن غريب
ولم يستبعد الكاتب والإعلامي التركي أحمد فارول وجود علاقة بين الحادثين اللذين هزا تركيا، مرجحا أن يكون لتوقيتهما قبيل موعد الانتخابات في حزيران/يونيو المقبل دلالات مهمة تشير إلى مؤامرات خارجية كبيرة، وفق ما أشار.
واستبعد فارول في حديثه للجزيرة نت أن تكون لدى جبهة التحرير اليسارية الثورية التي أعدمت المدعي العام القدرة على توجيه ضربة لنظامي الاتصالات والمواصلات التركية. مشيرا إلى أن "هذا التنظيم الماركسي الذي تأسس عام 1978 لا يملك القدرات والإمكانات لتنفيذ مهام بهذا الحجم".
وذكر الإعلامي التركي أن المنظمة اليسارية التي نفذت الهجوم معروفة لدى الأتراك منذ سنوات طويلة، وسبق أن نفذت عدة اعتداءات ونشرت صورا لشخصيات وضعتها على قائمة الاستهداف من بينها المدعي العام كيراز.
وكانت مصادر صحفية وإعلامية قد رجحت أن يكون المهاجمان قد دخلا المجمع القضائي بثياب محامين، وأنهما أخفيا السلاح فيها، وهو الأمر الذي اعتبره فارول ثغرة خطيرة ينبغي معالجتها قبل فوات الأوان.
وكان المسلحان اللذان احتجزا رجل القضاء التركي قد طالبا ببث اعتراف مصور لضباط الشرطة الذين قتلوا الشاب بركين إلوان الذي قضى متأثرا بجراح أصيب بها أثناء مظاهرات مناوئة للحكومة التركية بإسطنبول في يونيو/حزيران 2013.
كما طالب الخاطفون بمحاكمة قتلة إلوان في محكمة تتبع لمنظمتهم، وإسقاط التّهم عن الذين شاركوا في التظاهرات من أجل إلوان، وأن يتمكنوا من مغادرة قصر العدل بأمان.
وقال رئيس شرطة إسطنبول في بيان ألقاه أمام المحكمة إنّ الشرطة فاوضت المهاجمين لإخلاء سبيل المدعي العام قبل قتله، بينما حظرت الحكومة التركية التغطية الإعلامية لعملية الاختطاف بحق المدعي العام الذي تولى منذ شهرين قضية إلوان.
استفزاز الخاطفين
واستبعد المحامي التركي المعارض جلال أولغان وجود رابط بين قتل المدعي العام التركي وتعطل الخدمات الشامل في البلاد، موجها اللوم للأمن والاستخبارات التي قال إنها لم تتمكن من إنقاذ المدعي العام من أيدي الخاطفين.
وأشار أولغان في حديثه للجزيرة نت إلى أن الرجلين اللذين نفذا عملية احتجاز كيراز معروفان بسوابقهما الجنائية، لكن الأمن التركي لم يلاحقهما، واهتم بتبرير كيفية نجاحهما في الوصول إلى مكتب المدعي العام بثياب المحامين.
وقال المحامي التركي أن غرف القصر العدلي وقاعاته مزودة بأجهزة الفحص الإشعاعي الكاشفة عن وجود الأسلحة والمحظورات، وقال إن المحامين يرتدون ثياب المحاماة داخل مجمع المحاكم ولا يحضرون بها من الخارج.
وذكر أولغان أن الحكومة التركية أخطأت بمنع الخاطفين من التحدث للإعلام، الأمر الذي أثارهما ودفعهما للشعور بالضغط وارتكاب جريمة إعدام المدعي العام، مضيفا "لو تم السماح لهما بنقل رسالتهما عبر الإعلام لربما لم يقتلاه".
وكانت بعض وسائل الإعلام قد نشرت صورا للخاطفين وهما يصوبان مسدسا إلى رأس المدّعي العام كيراز أثناء احتجازه في مكتبه، وقد علقا رايات لجبهة التحرير الثورية خلفه، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع التركي.