هواجس الهوية والعنصرية في ظل أزمة اللجوء

طاولة مستديرة دولية، نظمت يوم الخميس في المركز الإسلامي بالعاصمة كييف بعنوان "الحوار الإسلامي المسيحي في ظل أزمة اللجوء"
طاولة مستديرة دولية بالمركز الإسلامي في كييف بعنوان "الحوار الإسلامي المسيحي في ظل أزمة اللجوء" (الجزيرة نت)

صفوان جولاق-كييف

في ظل أزمة اللجوء والهواجس الأوروبية منها، نظمت الخميس طاولة مستديرة دولية في المركز الإسلامي بالعاصمة الأوكرانية كييف تحت عنوان "الحوار الإسلامي المسيحي في ظل أزمة اللجوء"، شارك فيها مفكرون ورجال دين مسلمون ومسيحيون.

وكان من أبرز ما طرح في هذا الصدد موضوع تغير الخارطة العرقية والدينية، وإمكانية أن تتقبل المجتمعات الأوروبية "مزيدا من الغرباء"، بينما أكد المشاركون أهمية الحوار وحتميته بين المسلمين المسيحيين.

البروفيسور في المعهد الكاثوليكي للعلوم في كييف ميخايلو تشيرينكوف قال إن تدفق اللاجئين يغير وجه القارة الأوروبية وخريطتها الدينية ببطء، مشيرا إلى أن المجتمعات الأوروبية تواجه صعوبة تقبل هذا التغيير أو التعامل معه لأن المسلمين أصلا مختلفون مذهبيا وعرقيا، واستشهد على رأيه بمقولة للكاتب طلال أسد "أوروبا ليست بيتا للمسلمين".

شيفر: المسلمون في ألمانيا اليوم واقع وتدينهم تقليدي(الجزيرة نت)
شيفر: المسلمون في ألمانيا اليوم واقع وتدينهم تقليدي(الجزيرة نت)

وعلى هامش أعمال الطاولة، أوضح المفكر الألماني غانس أولريخ شيفر للجزيرة نت جانبا من المخاوف الأوروبية، فقال "أنا من ألمانيا الشرقية حيث لم يكن للمسلمين وجود يذكر قبل اللجوء، لكن المسلمين اليوم واقع، ونشاطهم الديني -رغم قلة المساجد والإمكانيات- كشف للألمان أن تدينهم تقليدي، فتولد الخوف من تغير ديمغرافي ديني في المجتمع".

من جهتها لفتت ممثلة اتحاد الجمعيات الخيرية في غرب أوكرانيا نتاليا ماميدوفا إلى ما يمكن أن يسببه اللاجئون من تبعات اقتصادية واجتماعية مباشرة وغير مباشرة، مثل انتشار البطالة والعنصرية، خاصة أنهم يأتون غالبا للاستقرار ولا يريدون العودة حتى لو استقرت دولهم.

التعارف والاندماج
وتحدث بعض المشاركين عن مشاكل أخرى تواجهها المجتمعات الأوروبية واللاجئون معا، من أبرزها ضعف التعارف وصعوبة الاندماج.

فقد قال مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمة" سعيد إسماعيلوف إن قلة من المسلمين والمسيحيين فقط يعرفون نقاط التلاقي بينهم، في حين أن التركيز بالأساس على نقاط الاختلاف، وهذا يعقد عملية التعارف ويصعب الحوار ويزيد فرص العنصرية.

وأضاف إسماعيلوف أنه "ربما لو لم أدرس المسيحية دراسة أكاديمية لكان من الصعب عليّ تفهم المسيحيين والتعامل معهم بسهولة"، مشيرا إلى أن من واجبات الدولة والمؤسسات الدينية تعريف الآخرين بالأديان وإجراء التفاهم بينهم.

إسماعيلوف: عدم معرفة الأمور المشتركة مشكلة تواجه المسيحيين والمسلمين(الجزيرة نت)
إسماعيلوف: عدم معرفة الأمور المشتركة مشكلة تواجه المسيحيين والمسلمين(الجزيرة نت)

الأسباب والحلول
كما تطرقت أعمال الطاولة إلى الأسباب والحلول، وهنا حمل معظم المشاركين على الحكومات الشرقية والغربية، معتبرين أنها السبب الرئيسي "لمأساة اللجوء".

وقال سيران عريفوف نائب رئيس اتحاد "الرائد" في أوكرانيا، إن ابتزاز الدول الغربية وصمتها المتعمد عن الفقر والعنف وظلم الأنظمة الشمولية في المشرق، هو ما خلق أزمة اللجوء.

من جانبه أوضح رئيس مركز "ليبيرتاس" للحوار بين الأديان والإثنيات تاراس دزوبانسكي للجزيرة نت، أنه في كل يوم تزداد عملية الحوار صعوبة وتعقيدا، ولكن لا بد منه للخروج من هذه الأزمة أو لكي لا تظهر مثل هذه الأزمات، وهذا ما نسعى إليه في أوكرانيا.

وأشار دزوبانسكي إلى اهتمام الأمم المتحدة بنتائج فعاليات الطاولة المستديرة قائلا إنه خلال الأسابيع الماضية زارت وفود ألمانية وأوروبية أخرى مختلف المناطق في أوكرانيا، لأنها وجدت فيها مثالا للتعايش وتهيئة الظروف.

وأضاف أن ثمة اختلافا، فمسلمو أوكرانيا ليسوا من المهاجرين غالبا، ولكن تجارب الحوار في أوكرانيا طويلة ومثمرة، وهذا ما سأنقله إلى الأمم المتحدة الأسبوع المقبل.

المصدر : الجزيرة