عائلة مصعب محمود.. قصة أسرى وأم أقعدها الاحتلال

عاطف دغلس-نابلس

لا تتعدى أحلام الحاجة السبعينية فاطمة محمود من قرية بيت أمرين شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية، أكثر من ضم نجلها الأسير مصعب إلى حضنها ورؤيته محررا خارج أسوار المعتقلات الإسرائيلية، بعدما أضحت زيارتها له أشبه بالمستحيلة.

فاطمة واحدة من الأمهات الفلسطينيات اللواتي يكابدن لوعة فراق أبنائهن الأسرى، بيد أن ما مأساتها تفوق مأساة الكثيرات منهن، إذ اعتقل الاحتلال سبعة من أبنائها لمرات عديدة وأصاب بعضهم وهدم منزلها، ولم تنجُ بنفسها منه، فأصيبت بكسر بأسفل ظهرها أثناء إحدى مداهمات الاحتلال للمنزل.

لكن اعتقال نجلها مصعب وحده زاد الطين بلة، وضاعف مأساة أمه فاطمة حيث قالت إنها لم تزره منذ العام 2011 بسبب مرضها الذي بالكاد يمكنها معه قضاء بعض حوائجها.

حكاية مرة
وتروي فاطمة للجزيرة نت حكاية الاعتقالات المتكررة لأبنائها، وتقول إن مسلسل الاعتقال والاعتداء لم يتوقف منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، لتضيف "وعاقبنا الاحتلال أكثر بأن هدم المنزل فوق رؤوسنا خلال مطاردته لأبنائي".

وأصيبت هي الأخرى بكسر أدى إلى شلل شبه كامل في حركتها عندما كانت تهمّ بفتح باب المنزل لجنود الاحتلال الذين لم يمهلوها كثيرا حيث أطلقوا الرصاص الحي وقنابل الصوت بشكل كثيف في محيط المنزل.

‪أبو الحاج طالب بتعزيز المقاومة الشعبية ودعمها بموقف عربي‬ (الجزيرة نت)
‪أبو الحاج طالب بتعزيز المقاومة الشعبية ودعمها بموقف عربي‬ (الجزيرة نت)

ويقول نجلها الأوسط هاني إنهم كانوا وما زالوا هدفا للاحتلال الإسرائيلي، وإن اعتقال شقيقه مصعب أواخر العام 2004 جاء بعد مطاردته لأربع سنوات "لم نذق خلالها طعم الراحة"، حيث كانت القوات الخاصة الإسرائيلية تداهم المنزل بشكل شبه يومي.

وعقب اعتقال مصعب من إحدى البنايات داخل مدينة نابلس تضاعفت معاناة الأسير وعائلته، إذ نقلته السلطات الإسرائيلية فور اعتقاله إلى مركز تحقيق في شمال فلسطين المحتلة وأخضعته لعملية تحقيق قاسية.

وأحيل لاحقا إلى تحقيق عسكري كاد يفقد حياته أو يصاب بشلل دائم على أثره، كما هو حال كثير من الأسرى الذين يُحقق معهم بهذه الطريقة.

وكان لاعتقال مصعب أثره السلبي على والدته حيث تضاعفت أمراضها المزمنة من قبيل السكري وضغط الدم المرتفع، وأكثر ما يؤلمها أنها لم تتمكن من زيارته للعام الرابع على التوالي.

ويشير هاني إلى أنه هو الآخر تعرض لعدة اعتقالات في سجون الاحتلال، وطورد لأكثر من أربع سنوات إلى أن حظي بعفو إسرائيلي ضمن اتفاق أمني فلسطيني إسرائيلي عام 2008.

ويحرم الاحتلال كافة الأبناء من تصاريح الزيارة بحجة الرفض الأمني، "ويسمح فقط للأم المقعدة بذلك وكأنه يريد أن يعاقبها بهذه الزيارة بدلا من أن تفرح برؤية ابنها".

وليس هذا وحسب، فالاحتلال يواصل للشهر الثاني على التوالي اعتقال جرير الابن الأصغر للعائلة ويمنع عنه زيارة ذويه أو حتى محاميه.

خيارات شجاعة
ومصعب واحد من نحو 5200 أسير فلسطيني، بينهم 20 أسيرة وأكثر من 230 طفلا تعتقلهم إسرائيل وتخضعهم لعمليات تحقيق قاسية.

إسرائيل تعتقل 5200 أسير فلسطيني بينهم 20 أسيرة وأكثر من 230 طفلا

ويعاني أكثر من ألف أسير فلسطيني من أمراض مختلفة بينهم ما يزيد على 160 أسيرا حالاتهم مزمنة، واستشهد أربعة منهم العام الماضي، في حين يصارع أكثر من 20 آخرين الموت يوميا داخل ما يسمى مشفى سجن الرملة. كما تعتقل إسرائيل نوابا بالمجلس التشريعي ووزراء وقيادات سياسية ووطنية.

ودعا مدير مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة فهد أبو الحاج القيادة الفلسطينية إلى اتخاذ "قرارات شجاعة" بالتوجه إلى المؤسسات الدولية والانضمام إلى بقية الاتفاقيات العالمية، لا سيما اتفاقيات جنيف المختلفة لتحصيل حقوقهم.

وقال أبو الحاج للجزيرة نت إن الفلسطينيين انضموا قبل أيام إلى خمس معاهدات دولية وبقيت 48 أخرى عليهم التوقيع عليها.

وطالب الفلسطينيين بتعزيز المقاومة الشعبية ودعمها بموقف عربي "للتصدي لممارسات حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرفة".

المصدر : الجزيرة