النساء الكرديات قوة مقاتلة في عين العرب

المقاتلة أفشين
تشكل النساء نسبة الثلث في قوات حماية الشعب الكردية (الجزيرة)

كمال شيخو-عين العرب

"ما زلت أتذكر صوت بيمان عندما كانت تقول لي لن أقع أسيرة في يدهم (تنظيم الدولة الإسلامية)، سأترك قنبلتي اليدوية لآخر لحظة، وسأفجر نفسي عند نفاد ذخيرتي"،

بهذه الكلمات تروي القيادية مريم قصة صديقتها التي كانت قائدة مجموعة مؤلفة من 12 مقاتلة تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية، حاصرها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في أحد المباني التي كانت المجموعة قد اتخذته مقرا لها.

وتابعت مريم كلامها "بقيت تتحدث معي وكنت أسمع أصوات مقاتلي تنظيم الدولة وهم يأمرونهن بتسليم أنفسهن بعد أن سيطروا على الطابق الأرضي، حيث كانت بيمان ورفيقاتها في الطابق العلوي، فجأة سمعت صوت انفجار قوي وانقطع بث اللاسلكي، وكان يعطي إشارات غير مفهومة، وأدركت وقتها أن رفيقتي في السلاح قد فجرت نفسها قبل أن تسقط في يد التنظيم".

مريم هو اسم حركي، ولا تعلم رفيقاتها في السلاح اسمها الحقيقي. كانت تجلس وسط عدد من المقاتلات من أعمار مختلفة وهن يستمعن لحديثها، ولا سيما عندما كانت تروي تجاربها والمناطق التي حاربت فيها. فقد شاركت في معركة رأس العين نهاية العام 2012، وعدة معارك في قطاع الجزيرة شرق وشمال شرق سوريا.  

‪وحدات حماية المرأة هو تنظيم نسوي ضمن وحدات حماية الشعب الكردية‬ (الجزيرة)
‪وحدات حماية المرأة هو تنظيم نسوي ضمن وحدات حماية الشعب الكردية‬ (الجزيرة)

الروح المعنوية
تقاتل اليوم في الجبهة الشرقية في عين العرب (كوباني) – أكثر الجبهات سخونة، وحسب رفيقاتها تقاتل مريم جنبا إلى جنب مع رفيقاتها في الصفوف الأمامية وكثيرا ما رفع استبسالها الروح المعنوية لباقي المقاتلات.

تأسست وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) في يوليو/تموز 2012، بهدف الدفاع عن المناطق ذات الأغلبية الكردية شمال شرق سورية.

وبعد أقل من عام، قررت المقاتلات الكرديات ضمن التنظيم العسكري تأسيس تنظيم نسوي أطلق عليه اسم (وحدات حماية المرأة) ويرمز لها بـ(YPI). ويشكل نسبة ثلث المليشيات الكردية، ولهن حصة مناصفة عسكريا وسياسيا ومدنيا في المناطق الكردية.

وقالت القيادية مريم للجزيرة نت "عند تأسيس وحدات حماية الشعب، قررنا تأسيس جناح عسكري خاص بالمقاتلات، أغلبنا خضع للتدريب العسكري ودورات لحمل السلاح".

وأوضحت مريم أنها ورفيقاتها استفدنَ من تجربة منظومة ستار التابعة لحزب العمال الكردستاني (PKK).

وتعبر مريم عن مشاعرها وحياتها بعد التحاقها بالقتال بالقول "عندما أمشي في الشارع وألقي التحية على الأهالي، أتساءل كم هناك نسوة منقوصات الحقوق، ليس في كوباني أو روج آفا فقط، بل في كل أنحاء العالم، شخصيا لا أعتبر أن للحياة قيمة وهناك امرأة محرومة من حقوقها. ونحن أكثر من يتحسسن هموم ومأساة باقي النسوة".

زاغروس انضمت للعمل العسكري لضمان حقوق المرأة والمساواة بالرجل(الجزيرة)
زاغروس انضمت للعمل العسكري لضمان حقوق المرأة والمساواة بالرجل(الجزيرة)

مساواة
وتروي مقاتلة كردية أخرى اسمها سورخين زاغروس كيف انتسبت لقوات حماية الشعب YPG، بعد أن شجعها عمها القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) حيث أيقنت أن هذا التنظيم العسكري سيضمن حقوق المرأة بشكل متساو مع الرجل.

وتضيف في حديثها للجزيرة نت "تحمست للانضمام عندما شاهدت العشرات من رفيقاتي قد تطوعن من أجل الدفاع عن أرضنا وعرضنا. معنوياتي عالية جدا لأنني على يقين بأن الضحايا الذين سبقونا قد ضحوا بأنفسهم دفاعا عن قضيتنا".

وتتابع "لم أشعر في أي وقت بالخوف أو الضعف، وتعزز هذا الشعور أكثر عند مشاركتي في معركة كوباني".

تضم وحدات حماية المرأة الآلاف من المقاتلات الكرديات تتراوح أعمارهن بين 18 و40 سنة، وهن متطوعات يقاتلن بدون أجر، وفي كل مدينة كردية يوجد مركز تدريبي تدرب فيه المقاتلات على استعمال مختلف أنواع الأسلحة وإعدادهن بدنيا ونفسيا للتعامل مع مختلف الظروف والأوضاع الحياتية.

من آثار المعارك في مدينة عين العرب كوباني(الجزيرة)
من آثار المعارك في مدينة عين العرب كوباني(الجزيرة)

حتى الرمق الأخير
أفشين، فتاة في العشرين من عمرها، كانت ترتدي بدلة عسكرية وعلى كتفها شال زيتي اللون، لم تضع على وجهها أيا من أنواع مستحضرات التجميل، بينما كان شعرها منسقا بعناية حيث لفته على شكل ضفيرة وشدت نهايته برباط على شكل زهرة وردية اللون.

تحدثت وهي تحمل بندقيتها التي ثبتت فوهتها في ثقب حفر في جدار "سقط المئات من الضحايا، ست فتيات من صديقاتي فجرن أنفسهن كي لا يقعن بأيدي تنظيم الدولة، سنظل ندافع عن أرضنا حتى آخر نقطة دم في جسدنا، لأن إرادتنا القوية هي دافعنا للاستمرار في القتال".

انتسبت هي وشقيقتها إلى وحدات حماية المرأة، هي تشارك في معركة عين العرب، أما شقيقتها فتقاتل في معركة راس العين (سري كانيه).

يذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية بدأ هجومه ثم حصاره لعين العرب في يوليو/تموز 2014.

المصدر : الجزيرة