تساؤلات بشأن متابعة القضاء ملفات الفساد بالمغرب

رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران
بنكيران قال في تصريح سابق إن حكومته تواجه "لوبيات" الفساد (الجزيرة)

عبدالجليل البخاري-الرباط

بعد الجدل الذي أثارته تصريحات سابقة لرئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران بأنه يواجه "لوبيات" فساد اكتفى بتسميتها "التماسيح والعفاريت"، قامت وزارة العدل والحريات بإحالة ملفات عدد من المؤسسات العمومية للقضاء للتحقيق في تهم تبديد المال العام.

وتأتي هذه الخطوة في ظل انتقادات توجهها المعارضة وهيئات من المجتمع المدني للحكومة، متهمة إياها بعدم الوفاء بوعودها السابقة بمحاربة الفساد، ومتهمة بنكيران باعتماد مبدأ "عفا الله عما سلف".

وكانت وزارة العدل المغربية أفادت -في بيان أصدرته- بأن التحقيقات القضائية التي ستباشرها النيابات العامة تشمل 21 ملفا مرتبطة "بالفساد المالي في مجموعة من المؤسسات العمومية والمجالس المحلية".

وأكدت أن المؤسسات المعنية بالتحقيقات هي تلك التي رصد المجلس الأعلى للحسابات تبديدها المال العام في تقريره لعام 2012.

‪السباعي: الملفات تخص صغار المفسدين وما زلنا ننتظر محاكمة الرؤوس‬ (الجزيرة نت)
‪السباعي: الملفات تخص صغار المفسدين وما زلنا ننتظر محاكمة الرؤوس‬ (الجزيرة نت)

تأييد وتخوف
ورغم المتابعة الإعلامية التي حظيت بها خطوة الحكومة ووصفها بالإيجابية في مجملها، برزت تعليقات ومواقف تتخوف من أن تظل استثناء أو تعتمد على الانتقائية، خاصة أن الحكومة حددت خمس مؤسسات عمومية فقط إلى جانب 16 مجلسا محليا.

وكان آخر تقرير للمجلس الأعلى للحسابات كشف وجود اختلالات في تسيير عدد من المؤسسات العمومية، ذكر من بينها مؤسسات اقتصادية مهمة في قطاعات النقل والعقار والتجارة.

وفي هذا الإطار، يرى عبد الحكيم قرمان عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية (يساري) المشارك في الحكومة، أن الخطوة تندرج في "إطار المشروع الذي جاءت به الحكومة بعد دستور 2011 لمباشرة الإصلاحات".

وأكد قرمان للجزيرة نت أن القضاء على الفساد لن يتم بين عشية وضحاها بحكم وجود عدد من الإشكالات القديمة والمستجدة، وأنه يندرج ضمن مشروع كبير للإصلاح تباشر الحكومة الجزء الذي يخصها منه بمعية المجتمع المدني.

ومن جهته، قال الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل ميلودي موخاريق إن المغرب يتوفر على ثروات مهمة، لكن يطبعها سوء التسيير.

وأكد للجزيرة نت تشجيع النقابة "لكل مبادرة من أجل إصلاح المرفق العمومي ليكون في خدمة المواطنين والوطن".

في المقابل، اعتبر رئيس هيئة حماية المال العام المستقلة طارق السباعي أن الملفات التي أعلنت الحكومة عرضها على التحقيق القضائي قديمة، وكان يجب أن تحال في آجالها.

وقال إنه طال انتظار العديد من الملفات، وخصوصا تلك التي تتعلق بصحة المواطنين وتهم مستقبل المغرب الاقتصادي.

‪الريمي: إدانة المتورطين في الفساد ضرورية لتأكيد جدوى إصلاح القضاء‬ (الجزيرة نت)
‪الريمي: إدانة المتورطين في الفساد ضرورية لتأكيد جدوى إصلاح القضاء‬ (الجزيرة نت)

رؤوس الفساد
ولاحظ السباعي -في تصريح للجزيرة نت- أن الملفات المحالة تخص صغار ناهبي المال العام، بينما "لا نزال ننتظر محاكمة العديد من الرؤوس المدبرة للفساد بالمغرب".

وبدوره، أشار الإعلامي أيوب الريمي إلى أن خطوة وزارة العدل ليست بالجديدة على اعتبار أنها تقوم بعد كل تقرير للمجلس الأعلى للحسابات بإحالة عدد من ملفات الفساد للقضاء، لكنه قال إن الرهان خلال هذه السنة هو: أين ستصل هذه الملفات؟

وتساءل الريمي: هل ستضيع هذه الملفات في محاكمات وتحقيقات لا تنتهي؟ أم أن القضاء سيتخذ قرارات جريئة في حق المتورطين في قضايا الفساد؟

ورأى أن الظرفية السياسية تحتم على وزارة العدل التعامل بجدية مع هذه الملفات، مذكّرا بمرور أكثر من سنة على اعتماد مشروع إصلاح القضاء.

وأضاف الريمي أن التحدي الثاني الذي يطرح أمام وزارة العدل هو أن الملفات التي تمت إحالتها للقضاء تخص مؤسسات حساسة وكبيرة، وسيكون على القضاء التعامل معها بكل مسؤولية وامتلاك الجرأة على إدانة كل من يثبت تورطه في الفساد.

وقال إن إدانة المتورطين في تبديد المال العام ضرورية لتأكيد جدوى إصلاح منظومة القضاء وإعادة الثقة في تقارير المجلس الأعلى للحسابات.

المصدر : الجزيرة