الحملات الانتخابية بتونس تتجاهل "ضحايا الثورة"

وقفات احتجاجية سابقة لضحايا الثورة للمطالبة بالكشف عن الجناة (أفريل/نيسان 2013 مقرب مقر نقابة الصحفيين بالعاصمة تونس)
ذوو ضحايا الثورة صُدموا بأحكام أصدرها القضاء العسكري بحق قيادات أمنية وسياسية سابقة اتهمت بالتورّط بقتل وجرح المتظاهرين (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

خلت برامج الأحزاب المرشحة للانتخابات البرلمانية المقررة في 26 من الشهر الحالي من مقترحات لمعالجة قضية عائلات ضحايا النظام السابق، التي تصر على كشف هوية قتلة أبنائها خلال أحداث الثورة.

ففي حين رفعت الكثير من الأحزاب شعار محاسبة المسؤولين في عهد النظام السابق، وإنصاف عائلات الضحايا خلال حملة انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011، ركزت الحملات الحالية على محاور تتعلق بالأمن والإصلاح الاقتصادي.

وحول هذا يقول عمر الصفراوي رئيس التنسيقية المستقلة للعدالة الانتقالية، وهو أحد المحامين الذين ترافعوا في قضايا شهداء الثورة، إنّ ملف هؤلاء الضحايا "أصبح في طي النسيان" بعدما كان شعارا سياسيا في الانتخابات السابقة لاستمالة الناخبين.

الزغلامي: حكومة الترويكا السابقة عملت ما بوسعها لتحقيق العدالة الانتقالية (الجزيرة)
الزغلامي: حكومة الترويكا السابقة عملت ما بوسعها لتحقيق العدالة الانتقالية (الجزيرة)

طي الملف
ويضيف للجزيرة نت أنّ برامج الأحزاب السياسية التي تخوض حاليا حملتها الانتخابية لا تتضمن مطالب أو مقترحات لإنصاف عائلات شهداء وجرحى الثورة، معتبرا أن ذلك "يدخل في برنامج كامل لطي ملف محاسبة رموز النظام السابق".

ويخلص إلى أن تأخر تفعيل العدالة الانتقالية كركن من أركان القطع مع النظام السابق إضافة إلى صدور أحكام مخففة في حق رموز من النظام القديم اتهموا بقتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، "يظهر بوضوح أنه لم تكن هناك إرادة للمحاسبة".

وصُدم أهالي الضحايا في أبريل/نيسان الماضي بأحكام أصدرها القضاء العسكري بحق قيادات أمنية وسياسية سابقة اتهمت بالتورّط في قتل وجرح المتظاهرين الذين انتفضوا قبل نحو أربعة أعوام ضدّ نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ويتابع الصفراوي أن حكومة الترويكا السابقة فوّتت على البلاد فرصة محاسبة رموز النظام السابق الذين عوملوا -وفق رأيه- بمعاملة ميسرة حتى أُفرج عنهم، ثمّ ترشحوا للانتخابات التشريعية والرئاسية "ما يزيد من صعوبة محاسبتهم".

كلام الصفراوي رفضته القيادية في حركة النهضة ورئيسة لجنة شهداء وجرحى الثورة في المجلس التأسيسي يامينة الزغلامي، وتؤكد أن حكومة الترويكا السابقة -التي كان يقودها حزبها- عملت كل ما في وسعها لتحقيق العدالة الانتقالية وإنصاف الضحايا.

وقالت للجزيرة نت إن حزبها يرفض المزايدة بقضية ضحايا النظام السابق خلال الحملة الانتخابية باعتبارها "قضية وطنية لا تقبل المتاجرة"، مضيفة أن حزبها يحرص على تفعيل قانون العدالة الانتقالية الذي يضمن "محاسبة رموز النظام السابق".

العيادي: القضاء العسكري كان جهازا ينتمي للنظام السابق (الجزيرة)
العيادي: القضاء العسكري كان جهازا ينتمي للنظام السابق (الجزيرة)

فضيحة الأحكام
وأشارت إلى أنّه تتم إحالة قضايا شهداء وجرحى الثورة من جديد على دوائر قضائية متخصصة في إطار تطبيق قانون العدالة الانتقالية من أجل إعادة النظر في الأحكام التي وُصفت بأنها مخففة، والسعي إلى الكشف عن المتسببين في قتل المتظاهرين.

وختمت بأن حزبها يعمل على وضع ملف ضحايا النظام السابق على رأس الملفات الوطنية وتسريع إصدار القائمة النهائية لشهداء وجرحى الثورة، التي تعطل إصدارها حتى الآن بسبب طول عمليات التدقيق والتثبت من هويات الضحايا.

من جهته، يقول رئيس "حركة وفاء" عبد الرؤوف العيادي إن ملف الضحايا هُمّش. مؤكدا أن حزبه يعمل على إحالة ملفاتهم للقضاء المختص، بعيدا عن المحاكم العسكرية التي قال إنها "لم تسعَ لإنصاف عائلات ضحايا النظام السابق".

وأكد للجزيرة نت أن القضاء العسكري -الذي أشرف على متابعة ملف ضحايا النظام السابق- كان جهازا ينتمي للنظام السابق، معتبرا أنّ الأحكام السابقة التي أصدرها في حق عدد من المسؤولين السابقين كانت "فضيحة بكل المقاييس".

من جانبه، يقول القيادي في ائتلاف الجبهة الشعبية اليسارية محسن النابتي إن ملف ضحايا الثورة لم يأخذ حظه في الحملة الانتخابية للأحزاب، لكنه أكد أن الجبهة تضع هذا الملف في حال فوزها بالانتخابات في برنامج المائة يوم للحكومة القادمة.

وأضاف للجزيرة نت أنّ أهالي الضحايا لا يطالبون بالتعويض المادي بقدر معرفة الجناة الذين قتلوا أبناءهم لمحاكمتهم، وشدد على أن حزبه يعمل على تفعيل العدالة الانتقالية وتوفير علاج يليق بالجرحى الذين أصيبوا بعاهات جراء إصابتهم بالرصاص خلال أحداث الثورة.

المصدر : الجزيرة