اعتراف "العموم البريطاني" بفلسطين يثير جدلا بإسرائيل

مجلس العموم البريطاني يصوت بعد قليـل علـى مذكرة تطالب الحكومة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
تصويت مجلس العموم البريطاني على الاعتراف بالدولة الفلسطينية أثار جدلا في إسرائيل (الجزيرة)

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

اختلفت قراءات السياسيين والمحللين في تل أبيب لمعاني ودلالات اعتراف البرلمان البريطاني بدولة فلسطين، وعلى الرغم من حمل القرار قيمة رمزية، فإنه أثار جدلا في الساحة السياسية الإسرائيلية.

وتباينت المواقف الحزبية والسياسية في تل أبيب من مصادقة البرلمان البريطاني على قرار الاعتراف بدولة فلسطين بدعم 274 نائبا ومعارضة 12، بعد تغيّب نصف أعضاء حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء ديفد كاميرون.

وأبدت قيادات سياسية وحزبية إسرائيلية تحفظها على قرار البرلمان البريطاني، وقللت من قيمته سياسيا، لكنها عبّرت عن مخاوفها من القيمة الرمزية لهذا القرار الذي اعتبرته مؤشرا على مزيد من الحصار الدولي لدبلوماسية تل أبيب.

حنين: الاعتراف خطوة مهمة من دولة عظمى (الجزيرة)
حنين: الاعتراف خطوة مهمة من دولة عظمى (الجزيرة)

تعميم التجربة
وبالمقابل، رحب البعض بالقرار واعتبره محاولة من لندن لتصحيح خطأ وعد بلفور التاريخي واتفاقية سايكس بيكو، وأعرب عن أمله في تعميم التجربة على جميع برلمانات أوروبا، لتكون وسيلة ضغط على حكومة بنيامين نتنياهو تجبرها على التراجع عن مواقفها من مسار المفاوضات مع الفلسطينيين.

ومع احتدام النقاش، امتنعت القيادات الإسرائيلية عن خوض سجال سياسي مع لندن أو توجيه انتقادات لاذعة لحزب كاميرون، كما تعمد نواب بأحزاب المعارضة وحتى وزراء بالحكومة تصويب الانتقادات إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، وتحميلهما مسؤولية الفشل في الدبلوماسية الدولية والمسار التفاوضي مع الفلسطينيين.

وقد اعتبر زعيم كتلة المعارضة عن حزب العمل يتسحاك هرتسوغ اعتراف لندن بدولة فلسطين فشلا لنتنياهو وحكومته، لكنه لم يظهر دعمه لخطوة مجلس العموم البريطاني، ودعا إلى تبني مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتسوية مع الفلسطينيين.

وفي المقابل، وجه رئيس كتلة حزب "هناك مستقبل" النائب عوفر شيلح انتقادات شديدة لنتنياهو، إذ يرى أن القرار البريطاني كان بمثابة إنجاز دبلوماسي دولي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

خطوة مهمة
من جانبه، رحب النائب بالكنيست عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي دوف حنين بقرار البرلمان البريطاني، ورأى فيه خطوة مهمة من دولة عظمى "كانت تسيطر على البلاد قبل عام 1948″، وأعرب عن أمله في أن يكون الاعتراف بدولة فلسطين فاتحة لخطوات مماثلة لبرلمانات عالمية أخرى.

واستبعد في حديثه للجزيرة نت أن تتأثر العلاقات بين تل أبيب ولندن، لكنه انتقد التناغم والإجماع لدى مختلف الأحزاب الإسرائيلية حتى المعتدلة منها على انتقاد قرار البرلمان البريطاني والدفاع عن دبلوماسية تل أبيب وإن ظهرت أصوات ناقدة لنتنياهو.

وخلص حنين إلى القول "صحيح أن القرار ليس ملزما ولن يؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكنه يشير إلى وضع مناهض لدبلوماسية إسرائيل، ويعكس تحولا في الرأي العام البريطاني والأوروبي ضد نهجها بسبب الحرب على غزة وسياستها المناهضة للعملية السلمية مع الفلسطينيين".

غطاس: القرار إنجاز فلسطيني وضغط إضافي على إسرائيل لعزلها دوليا (الجزيرة)
غطاس: القرار إنجاز فلسطيني وضغط إضافي على إسرائيل لعزلها دوليا (الجزيرة)

إنجاز لفلسطين
وعلى الجانب الفلسطيني، يرى النائب في الكنيست عن حزب التجمع الوطني الدكتور باسل غطاس أن قرار البرلمان البريطاني -ورغم ما يحلمه من دلالات رمزية- هو إنجاز للقضية الفلسطينية، لأنه ينسجم مع التحول بالرأي العام الدولي لصالح الشعب الفلسطيني ومناهضة الدبلوماسية الإسرائيلية بكل ما يتعلق بالصراع والمفاوضات السياسية.

وأولى غطاس في حديثه للجزيرة نت أهمية قصوى لكل حراك دولي، سواء على مستوى الحكومات أو الشعوب، ورأى في ذلك آليات ووسائل ضغط إضافية على الحكومة الإسرائيلية لعزلها دوليا، لكنه يجزم بأن مثل هذه القرارات ليست بديلا عن النهج الإستراتيجي المقاوم حتى تحرير الأرض والاستقلال.

ورغم السجال الداخلي وتوجيه أصابع الاتهام والنقد لنتنياهو وليبرمان، يقول غطاس "لا يبدو أن الخريطة السياسية الحالية مرشحة لتغييرات حتى داخل الائتلاف الحكومي، فموقف الخارجية الإسرائيلية الذي بدى منددا ومناهضا للقرار وأعتبر أنه يلحق الضرر بمصالح الدولتين ويقوض فرص التوصل للسلام، أتى ليعكس الإجماع العام بتل أبيب الرافض لأي خطوات أحادية الجانب من قبل المجتمع الدولي".

المصدر : الجزيرة