البطالة تقهر خريجي الجامعات بتونس

أفواج بأصحاب الشهائد بمكاتب التشغيل

زحام من حاملي الشهادات العليا على مكاتب التشغيل بغية الحصول على وظيفة (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

يشعر أصحاب الشهادات العليا بعد الثورة في تونس بحالة من القهر والغبن لانتظارهم سنوات دون الحصول على وظيفة، بينما تسعى الحكومة لإلحاقهم بسوق العمل. وتشير الأرقام الرسمية إلى تراوح عدد العاطلين ما بين 650 ألفا وسبعمائة ألف عاطل، بينهم قرابة مائتي ألف شخص من خريجي التعليم العالي.

من جهته يقول مستشار وزير التشغيل وسام غربال للجزيرة نت إن نسبة البطالة تتراوح ما بين 19% و20%، مشيرا إلى أنها ترتفع ببعض الجهات إلى 30% أو 40%.

ويعاني أغلب الحاصلين على شهادات جامعية، خلال رحلة بحثهم عن وظيفة، من ارتفاع أسعار التأجير والتنقل والاستهلاك، وهي نفقات تثقل كاهل أوليائهم.

فالشاب عصام الزنوني، من مدينة القيروان (وسط) يستأجر منزلا مع رفاقه بمدينة بنزرت (شمال) ولكنه يسافر كل أسبوع إلى تونس العاصمة بحثا عن عمل. ويقول للجزيرة نت "التأجير ببنزرت أقل ثمنا مقارنة بالعاصمة لكن عروض العمل بها شحيحة، لذا اضطر للسفر إلى تونس بحثا عن شغل وهذه النفقات تؤرقني".

عروض شغل شحيحة بمكاتب التشغيل (الجزيرة)
عروض شغل شحيحة بمكاتب التشغيل (الجزيرة)

وعصام حاصل على الأستاذية في الإعلام منذ عام 2009، لكن جهوده في إيجاد عمل باءت بالفشل، لذا فهو يشعر بإحباط شديد لبلوغه الثلاثين من عمره وهو في كفالة أبويه. ومع أنه ينتفع بمنحة شهرية بقيمة مائتي دينار لمدة عام في إطار برنامج "أمل" الذي أقرته الحكومة بعد الثورة، إلا أنه يشكو من شدة غلاء الأسعار.

ويشعر الشاب إلياس التليلي بحالة من الغبن هو الآخر لبقائه أكثر من عامين على مقاعد البطالة منذ تخرجه عام 2009، دون حتى أن يحصل على وظيفة بإحدى المؤسسات.

وإلياس (28 عاما) من مدينة سليانة (شمال) يستأجر شقة مع رفاقه بالعاصمة للبحث عن عمل، لكنه يواجه نفقات طائلة لارتفاع أسعار الشقق بعد لجوء آلاف الليبيين إلى تونس.

وكغيره من الشباب يباشر إلياس يومه بالجلوس في المقهى لتصفح الجرائد بحثا عن عمل، ثم يتنقل إلى مكاتب التشغيل للاطلاع على آخر العروض والمناظرات للمشاركة فيها. ويحمل إلياس الأستاذية في الرياضيات وهي من الاختصاصات صعبة الإدماج في سوق الشغل، مما جعل اليأس يتسرب إليه في الحصول على وظيفة في ميدانه.

ويقول "عروض الشغل تقريبا غائبة في اختصاص الرياضيات، وحتى التدريس بالقطاع العام فقدت فيه الأمل لوجود مقاييس تعجيزية". ومن المقاييس التي تشترطها وزارة التربية لانتداب المدرسين أن يكون المرشح متزوجا.

أما مختار حسن (30 عاما) الحاصل على الأستاذية في إدارة الأعمال منذ عام 2009، فيرى أن هناك "شروطا تعجيزية" أخرى تحول دون التشغيل، ومنها أن يتمتع طالب الشغل بخبرة لا تقل عن سنتين. ويرى مختار أن الثورة لم تنجح في استئصال الفساد في مجال التشغيل، قائلا "المحسوبية والرشوة في الانتدابات ما زالت منتشرة تماما كما كانت في السابق".

غربال: الحكومة استطاعت تشغيل خمسين ألف خريج هذا العام (الجزيرة)
غربال: الحكومة استطاعت تشغيل خمسين ألف خريج هذا العام (الجزيرة)

خمسون ألف وظيفة
بالمقابل، يقول مستشار وزير التشغيل للجزيرة نت إن الحكومة سعت بعد الثورة إلى استيعاب جزء هام من بطالة الجامعيين اعتمادا على مقاييس شفافة في الانتدابات
.

وأكد وسام غربال أنها استطاعت -رغم انخفاض نسبة النمو إلى الصفر هذا العام- تشغيل حوالي خمسين ألف خريج، موضحا أن الحكومة رفعت من انتداباتها بالوظيفة العمومية من 14 ألفا إلى 24 ألفا.

وأشار إلى أن المنشآت العمومية ذات الصبغة التجارية قامت بانتداب عشرة آلاف شخص من حاملي الشهادات العليا، وأن القطاع الخاص قام بانتداب 13 ألف شخص.

وأضاف غربال أن الحكومة تقوم بصرف منحة "أمل" شهريا بقيمة مائتي دينارا لمدة عام على حوالي 145 ألف متخرج من الجامعات، لافتا إلى أن الحكومة وضعت برنامجا على المدى المتوسط للنهوض بالتشغيل وتشجيع الاستثمارات في المجالات الواعدة التي لها قدرة على استيعاب بطالة الجامعيين.

المصدر : الجزيرة