لماذا لا تعتذر أميركا عن تدمير العراق؟

FILE - In this June 18, 2003 file photo, U.S. soldiers prevent former Iraqi soldiers from trying to enter the American headquarters during a deadly demonstration in Baghdad, Iraq. After the 2003 collapse of the Saddam Hussein's regime, hundreds of Iraqi army officers, infuriated by the U.S. decision to disband the Iraqi army, found their calling in the Sunni insurgency. (AP Photo/Victor R. Caivano, File)
جنود أميركيون يوقفون جنودا عراقيين سابقين خلال احتجاج على حل الجيش العراقي عام 2003 (أسوشيتد برس)
تناول الكاتب سي جي ويرليمان في مقال نشره بموقع ميدل إيست آي البريطاني، أسباب عدم اعتذار أميركا عن تدميرها العراق، وقال إن من أهمها: فقر القيم الإنسانية بالتعليم الأميركي، والثقافة التي تعلي من شأن المغامرة، ومرض العظمة الجماعي.

وأعرب ويرليمان في مقاله عن دهشته من حقيقة أنه وبعد الكشف عن الكذب وراء قرار غزو العراق وبعد الدمار المادي والبشري والإنساني الهائل الذي يقول العلماء إن آثاره ستدوم أجيالا لا تحصى بالعراق، يكشف استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث مؤخرا أن 43% من الأميركيين لا يعتقدون أن غزو العراق كان خاطئا.

وقبل الإجابة عن سبب موقف هذا العدد الكبير من الأميركيين، أشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة شنت قبل غزوها العراق عام 2003 حربا دامت عقدين ضده، وتسببت في مقتل 1.7 مليون مدني نصفهم من الأطفال.

أجيال وأجيال
أما الغزو فقد تسبب في مقتل مئات الآلاف وإطلاق حرب أهلية طائفية وظهور تنظيم الدولة الإسلامية، وفي ارتفاع مخيف بعدد حالات الإصابة بالسرطان وتشوهات المواليد وتلويث المياه والتربة بالإشعاعات النووية، الأمر الذي يمثل تهديدا وجوديا ليس للأحياء من العراقيين بل للذين لم يولدوا بعد وسيولدون خلال مليارات -"نعم مليارات"- السنوات القادمة.

لماذا نجد هذا الرضا الواسع وسط الأميركيين -الذين يفخرون بقيم الديمقراطية الليبرالية– بحمام الدم الذي نفذوه بالكذب والتضليل وانتهاك القانون الدولي، واعتمادا على مزاعم استخباراتية ملفقة تماما؟

الفقر بالتعليم
يقول الكاتب إن تفسير ذلك نجده في نظام التعليم الأميركي الذي لا يُعلّم التلاميذ شيئا عن العالم الموجود خارج حدود الولايات المتحدة، وأصبح يركز بشكل مهووس على النجاح في الاختبارات أكثر من تعليمهم كيفية التعلم. ونتيجة لذلك نجد أنه في 2006 كان 63% من الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما لا يعرفون مكان العراق على الخريطة، رغم غزوهم إياه وحصاره قبل ذلك.

الشعور الوهمي بالعظمة مزقته هجمات 11 سبتمبر، الأمر الذي خلق رغبة انتقامية للحفاظ على حدود ما تهيمن عليه أميركا أو حتى توسيعه

والثقافة التي تنشرها أفلام هوليود وتمجد روح المغامرة العسكرية هي الأخرى تمثل أحد روافد الذهن الأميركي الجماعي. وحكى الكاتب عن أفلام -مثل "القناص الأميركي" الذي ينحاز للجندي الأميركي ويصوره مقاتلا من أجل الخير مقابل الآخرين الأشرار- تتناول حوادث واقعية يتم تزييفها لتوافق أهداف المؤسسة السياسية بواشنطن، ويشير إلى أن فيلم "القناص الأميركي" يعزو تفجيرات 11 سبتمبر بأميركا جزئيا للعراق.

متلازمة القوة العظمى
ومن زاوية التحليل النفسي الأعمق مما ذكر الكاتب، يقول أستاذ الطب النفسي روبرت جي ليفتون إن أميركا تعاني من عصاب جماعي يُدعى "متلازمة القوة العظمى" الذي يوهم مصابيه بأنهم يتمتعون بقدرة كلية وبالتفرد في العالم وبالحق في الهيمنة على كل الشعوب الأخرى.

ويوضح ليفتون أن هذا العصاب سببه خروج أميركا من الحرب العالمية الثانية قوة عظمى في كل شيء، وخروجها منتصرة من الحرب الباردة أيضا، وبقاؤها قوة عظمى وحيدة في العالم بعد تلك الحرب.

لكن هذا الشعور الوهمي بالعظمة مزقته هجمات 11 سبتمبر، الأمر الذي خلق رغبة انتقامية للحفاظ على حدود ما تهيمن عليه أميركا أو حتى توسيعه.

والمصابون بعصاب القوة العظمى يستبطنون اعتقادا بأن دولتهم لها الحق في الانتقام من "الإرهابيين" الذين أذلوها، ونظرا إلى وهم الموقف الأخلاقي المتفرد لدى هؤلاء العصابيين، فإن لأميركا واجبا أخلاقيا بوضع شروط الوجود لبقية شعوب العالم.

وبكلمات أخرى فإن وجود الإمبراطورية الأميركية وحيويتها هما فقط ما يستحق الاهتمام.

ويختتم الكاتب مقاله بالقول على لسان الشعب الأميركي "على الذين دمرناهم وهربنا منهم ألا يتوقعوا اعتذارا منا".

المصدر : مواقع إلكترونية