هل قوّض مقتل خاشقجي أسطورة الملكية العطوفة الحانية؟

كومبو جمال خاشقجي والامير محمد بن سلمان
مقتل خاشقجي كشف كيف يستثمر النظام الآن بكثافة في تطوير مهارات فرق الموت والجلادين والبلطجية (الجزيرة)

في مقال بموقع ميدل إيست آي، كتبت مضاوي الرشيد أن الاختلاف المزعوم بين الاستبداد الجمهوري والاستبداد الملكي ما بعد الاستقلال في العالم العربي يرتكز على أسطورة متكررة، إذ يُعتقد أن الأنظمة الجمهورية دموية وعنيفة وغادرة في حين أن الملكيات دكتاتوريات خيرة توزع المزيد من الجَزر أكثر من العصي، كما يُعتقد أن الأنظمة الملكية تحكم بالإجماع والتعاون وأنها أفضل في إدارة مجموعات المصالح المتنوعة مثل النخب الاقتصادية والقبلية والدينية.

وأردفت مضاوي، وهي أستاذة زائرة بمركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، بأن مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول قد حطم صورة الرعاية الملكية الاجتماعية، والنظام السعودي متهم الآن بنشر عنف مثير على نطاق عالمي.

وقالت إن صعود ولي العهد محمد بن سلمان أدى إلى تدمير العديد من الأساطير. ومن بينها الاعتقاد بأن الملكية لديها أياد عطوفة وحانية، بخلاف القبضة الحديدية، تنشرها لضمان الإذعان. وعلقت بأن الوقت قد حان للنظر في مدى جدية قدرة النظام على القيام بأعمال قاتلة كالتي وقعت بالقنصلية.

وأضافت أن محمد بن سلمان منذ أن أصبح وليا للعهد نشر ثلاث إستراتيجيات للسيطرة على الشعب. الأولى التباهي بالشعبوية تحت شعار "السعودية العظمى" وذلك من خلال تصوير السعوديين بأنهم يشبهون جغرافيتهم الخاصة وأنهم يشبهون جبل الطويق الشهير باستقامته وهيبته. وألمحت إلى أن هذا الجبل يحل الآن محل الحرمين بـ مكة والمدينة، كرمز للكبرياء الوطني السعودي وأهميته.

ما يجري إرهاب جديد خرج عن نطاق السيطرة بوصوله لدولة أخرى ولا يمكن إخفاؤه بالدعاية، وقد راقب العالم وهو في حالة من الفزع أخبار القتل وهي تتكشف بينما يأمل السعوديون ببساطة ألا يكونوا على القائمة السوداء لمحمد بن سلمان

وترى مضاوي أن التذرع الأخير بجبل الطويق يهدف إلى إيجاد نوع مختلف من الوطنية معزولة عن الشرعية والمشاعر الدينية القديمة، وقالت إن شعبوية محمد بن سلمان تجمع بين "سيرك" الترفيه الشعبي والعنف الحقيقي لتشكيل المواطن السعودي الجديد، وإنشاء نظام سياسي مختلف لا يُدرج فيه سوى المواطنين الأوفياء في حين أن النقاد والمنشقين خارج جسد الأمة.

الشعبوية السعودية
والمشاركة في ثقافة محمد بن سلمان الشعبية هي المفتاح لتأكيد العضوية بالأمة الجديدة التي وصفت بأنها تتخلص من تقليدها وتخلفها القديم والخوض في طريق راسخ نحو الحداثة. لكن الذين ينتقدون الكرنفال السعودي الحالي يعتبرون خونة ويُخرجون فورا من حدود الأمة، ومن ثم يصبح طردهم واعتقالهم وتعذيبهم أمرا طبيعيا ومقبولا.

والإستراتيجية الثانية هي أن الشعبوية السعودية الحالية تترافق مع تحديث جهاز مراقبة الدولة واستثمار ولي العهد الضخم في تكنولوجيا التجسس -بمساعدة شركات التكنولوجيا الإسرائيلية من بين آخرين- أصبح الآن سرا علنيا. ومع القوة الشرائية للدولة ويدها الطولى مع الموردين العالميين يصبح من السهل استيراد أحدث المعارف والمهارات والتكنولوجيا التي تتيح للدولة تحقيق السيطرة الكاملة على المواطن.

والإستراتيجية الثالثة هي استمالة الجهات الفاعلة التابعة للدولة بحيث تكون أساسية في المشروع الجديد للدولة العصرية. وقد كشف مقتل خاشقجي كيف يستثمر النظام الآن بكثافة في تطوير مهارات فرق الموت والجلادين والبلطجية الذين يمكن إرسالهم بواسطة الطائرات الخاصة، ويكون لديهم تحت تصرفهم مجالات جوية سعودية آمنة.

واعتبرت مضاوي المطارات ووثائق السفر والطائرات الخاصة -ناهيك عن أدوات التعذيب- من وسائل توسيع نطاق العنف الحكومي، وقالت إن الأشخاص الـ 15 الذين قيل إنهم أرسلوا إلى إسطنبول لمقابلة خاشقجي بالقنصلية يجسدون انتشار فرق الاغتيال وإفلاتهم من العقاب.

وختمت بأن ما يجري إرهاب جديد خرج عن نطاق السيطرة بوصوله لدولة أخرى ولا يمكن إخفاؤه بالدعاية، وقد راقب العالم في حالة من الفزع أخبار القتل تتكشف، بينما يأمل السعوديون ببساطة ألا يكونوا على القائمة السوداء لمحمد بن سلمان.

المصدر : ميدل إيست آي