ستراتفور: مصير خاشقجي كان الموت المحتوم

blogs جمال خاشقجي
خاشقجي تجرأ واقترح أن تمتنع بلاده عن تدمير جارتها الصغرى اليمن، وأن تمنح سكان المملكة قدرا من الحرية (وسائل التواصل)

كان مصرع الصحفي السعودي جمال خاشقجي أمرا متوقعا منذ أن وصلت مقالاته التي تناول فيها ولي العهد والحاكم الفعلي في السعودية محمد بن سلمان إلى أروقة البلاط الملكي.

بهذه المقدمة استهل الصحفي الأميركي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط شارلس غلاس مقاله في مجلة ستراتفور الأميركية، مشيرا إلى أن الأمراء يضيقون ذرعا بما يرونها إهانات لا سيما إن جاءت من عامة الشعب.

وقال غلاس إنه وفي أي ملكية مطلقة ليس هناك ثمة فارق بين النقد والخيانة. ولطالما كان خاشقجي لسنوات من الرعايا المخلصين للنظام الملكي في السعودية، لكنه تجرأ واقترح أن تمتنع بلاده عن تدمير جارتها الصغرى اليمن، وأن تمنح سكان المملكة قدرا من الحرية.

قتلوه خشية أن يتبعه آخرون
وبحسب الكاتب كان ذلك كافيا لكي يعتبره "ولي نعمته" عدواً له وللمملكة. ولعل أعضاء الحكومة السعودية رأوا أن الآخرين سيحذون حذو خاشقجي إذا استمر في انتقاده للمملكة. وتنفي السلطات السعودية الرسمية أن يكون ولي العهد ضالعا في مقتل خاشقجي.

الخيط الذي يربط بين جثة خاشقجي التي تعرضت للضرب، وولي العهد واضح كما الصلة بين القديس الذبيح توماس بيكيت والملك هنري الثاني، رغم محاولات السعودية تبرئة محمد بن سلمان من دم خاشقجي

ويضيف الكاتب أنه لا ينبغي للقوى الغربية التي طالما اضطلعت بدور حاسم في مسيرة المملكة السعودية طوال القرن المنصرم، أن تشعر بالصدمة جراء اغتيال خاشقجي، إذ إن مصرعه كان حادثة واحدة من العديد من حوادث الاغتيال التي تجاهلتها منذ أيام الملك الراحل عبد العزيز بن سعود الذي أسس المملكة في شبه الجزيرة العربية وخلع عليها اسم عائلته.

وإذا ما عُثر على جثة خاشقجي وتبينت صحة تسريبات الحكومة التركية، فإن أنامله التي كتب بها مقالاته سيجدونها مقطوعة أو مسحوقة. وحينها ستكون الرسالة جلية تماما مثلما حدث لجثة الصحفي اللبناني سليم اللوزي عند العثور عليها في عام 1980.

صحفي أم خادم للأمراء؟
وأشار غلاس إلى أن عددا من المعلقين قد شككوا في مؤهلات خاشقجي الصحفية لأنه ظل في خدمة الأمراء السعوديين معظم أيام عمله. فقد كتب أسعد أبو خليل -وهو أميركي من أصول لبنانية متخصص في العلوم السياسية- قائلا إن "خاشقجي ظل عضوا مخلصاً في آلة الدعاية السعودية".

وعلق على ذلك بقوله صحيح أن خاشقجي خدم المملكة بإخلاص معظم حياته، والأمر نفسه ينطبق على القديس توماس بيكيت أسقف كانتربري الذي ظل يخدم ملك إنجلترا هنري الثاني في القرن الثاني عشر، لكن ذلك لم يشفع له حيث اغتيل داخل كاتدرائيته.

وذكر أنه كان يقابل خاشقجي من حين لآخر في السفارة السعودية في لندن إبان كان الأمير تركي الفيصل سفيرا لبلاده هناك قبل أن يصبح مديرا للمخابرات.

وظيفة سابقة غير ملائمة
ويضيف أن الوظيفة التي كان يشغلها خاشقجي آنذاك بالكاد تناسب شخصا يؤمن بالديمقراطية وحرية الصحافة. ثم ترك خاشقجي الوظيفة الحكومية واستأنف منذ ذلك التاريخ عمله صحفيا بجدية.

إن الخيط الذي يربط بين جثة خاشقجي التي تعرضت للضرب وولي العهد واضح كما الصلة بين القديس الذبيح توماس بيكيت والملك هنري الثاني، رغم محاولات السعودية تبرئة بن سلمان من دم خاشقجي.

ويرى غلاس في ختام مقاله أن الأمر بيد الملك سلمان ليقرر ما إذا كان ينبغي على ابنه أن يكفّر عما ارتكبه من وزر لكي يحافظ على موقعه.

المصدر : الصحافة الأميركية