أميركا طالما رعت بطش الحكام.. الجديد هو "صراحة" ترامب
قال الكاتب في صحيفة غارديان البريطانية غاري يانغ في مقال بشأن قضية جمال خاشقجي وموقف الإدارة الأميركية منها، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يبدو صادما في حديثه الصريح عن أهمية علاقة واشنطن مع السعودية، لكنه في الواقع إنما يسير على السياسة الأميركية المعهودة.
ورأى الكاتب أن الرؤساء الأميركيين طالما خطبوا ودّ الحكام الدكتاتوريين الباطشين على مرّ السنين، وأن الفرق في حالة ترامب أنه يفعل ذلك بصراحة تصل إلى حد الوقاحة وتثير الصدمة.
وأشار يانغ إلى أن الروايات التركية بشأن جمال خاشقجي المختفي منذ الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الحالي عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، تفيد بأنه تعرض للتعذيب بوحشية وتقطيع جثته قبل أن يتم إخراجها من القنصلية والتخلص منها.
نفي ومواقف
وأوضح الكاتب أن المصادر السعودية نفت شائعات بشأن أن يكون خاشقجي ضحية تحقيق غير مصرح به خرج عن السيطرة، بينما كان ترامب أكثر من سعيد بـ"اللعب" في القضية. وقال "أعتقد أنه يجب علينا معرفة ما حدث أولا. (…) كما تعلمون المذنب بريء حتى تثبت إدانته، أنا لا أحب ذلك".
وعندما سئل ترامب في وقت سابق عما إذا كان سيفرض عقوبات على المملكة العربية السعودية، قال إنه يجب موازنة أي رد قد يضر مصالح أميركا التجارية. وقال لقناة "سي بي آس" الاخبارية "حسنا.. هذا يعتمد على ماهية العقوبة. سأقدم لك مثالا، إنهم يطلبون معدات عسكرية، وجميع الدول في العالم تريد ذلك، روسيا والصين، لكننا حصلنا على ذلك، لا أريد أن أخسر وظائف.. لا أريد أن أخسر مثل هذا الطلب".
وبحسب الكاتب فإنه في الوقت الذي كشفت فيه تصريحات ترامب بشأن اختفاء خاشقجي عن العديد من أمراضه الشخصية من ذلك عدم اكتراثه بالمعاناة، وموقفه المتعجرف تجاه حقوق الإنسان، ورغبته في وضع الأعمال قبل كل شيء، فإنها تعكس أيضا بإخلاصٍ تاريخ السياسة الخارجية الغربية في المنطقة.
تفاخر ونفاق
ومرة أخرى، فإن الأمر المختلف بشأن ترامب هو تفاخره بوضوح بشأن السياسات والممارسات التي سبق أن تم تأطيرها وإضفاء هالة من الإنكار المعقول عليها، دون أن يجد حرجا في ذلك.
وبحسب الكاتب فإن رؤساء الولايات المتحدة السابقين ربما كانوا يعاملون هايتي وبلدانا أفريقية على أنها "قذرة"، إلا أن ترامب هو من وصفها بذلك علانية، وربما كان هؤلاء الرؤساء يقيّدون الهجرة والسفر للولايات المتحدة لمواطني بعض الدول المسلمة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، إلا أن ترامب هو الوحيد الذي نادى فعليا بذلك.
ويضيف أن سياسة ترامب تجاه السعودية هي جزء من النمط نفسه الذي ينتهجه، وعلى عكس أسلافه السابقين فقد كان صريحا بينما حرصوا هم أن يكونوا منافقين في علاقتهم بالسعودية التي كان الغرب سعيدا بالحفاظ عليها كحليف طالما اشترت أسلحة غربية وحافظت على ضخ آبار النفط.
وبيّن يانغ أن جريمة خاشقجي دنيئة بشكل خاص، لكنها تعكس تماما التوجه السعودي في القمع بالداخل والعدوان بالخارج، وسط سعي لتحويل أنظار العالم عن هذه الانتهاكات.