دروس من هجوم لندن

فجيعة لندن في وستمينستر
فجيعة لندن في وستمنستر (الجزيرة)

هيمن الهجوم الذي وقع قبالة البرلمان البريطاني في لندن أمس الأول وقتل فيه خمسة أشخاص -بينهم منفذه- وجرح نحو أربعين، على عناوين الصحف البريطانية الصادرة اليوم الجمعة.

فقد علقت افتتاحية "تلغراف" على الهجوم الذي وصفته بالإرهابي بأنه لا بد من التساؤل عما حدث، وأن هناك عواقب مألوفة كئيبة لأي هجوم، وأنه بمجرد أن تكتشف هوية منفذ الهجوم سيتبين عادة أنه كان معروفا للشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى، كما هي الحالة بالنسبة لخالد مسعود (52 عاما) من مواليد مدينة كنت وكان يعيش في برمنغهام، وقد سبقت إدانته بجرائم عنف، وكان محرضا معروفا، لكنه لم يُعتبر تهديدا.

وتساءلت الصحيفة هل كان يجب على الشرطة والاستخبارات البريطانية أن تضعه تحت رقابة أشد؟ وأجابت بأنه من السهل طرح هذا السؤال بعد الحدث، لكن وكالات مكافحة الإرهاب تحتاج إلى إعطاء الأولوية لأهداف المراقبة، وأحيانا تغفل عن عزم شخص ما على تنفيذ عمل فظيع كهذا، ويجب أن نتذكر أيضا أن الأجهزة الأمنية أحبطت أكثر من 12 مؤامرة كان يمكن أن تؤدي إلى مجازر أكثر مما حدث يوم الأربعاء.

وأضافت أنه في ظل الديمقراطية، الحقيقة المؤسفة هي أن الأمن المطلق مستحيل عندما يكون هناك أناس مستعدون للقتل والتشويه حتى عندما يكونون شبه متأكدين من تعرضهم للقتل أثناء العملية، ولا بد أن مسعود توقع ذلك.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأيام القادمة ستكشف المزيد عن منفذ الهجوم، وستكون هناك مطالبات بإجراءات إضافية لمنعه هو وأمثاله قبل أن يشرعوا في القتل. وختمت بأنه بدلا من فرض المزيد من قوانين مكافحة الإرهاب يمكن استخدام القوانين الموجودة بالفعل، والمهم دائما هو تعلم الدروس بعد كل حادث لتقليل التهديد الذي يشكله.

تطرف الإنترنت
وفي زاوية أخرى بنفس الصحيفة، أشار الكاتب أليكس كارلايل إلى أنه سيتم النظر في مدى كفاية قانون مكافحة الإرهاب بعد هذا الحدث بنفس الحذر المتبع مع الأمن الوثيق للبرلمان البريطاني.

يجب تطوير برامج مصالحة يشارك فيها القطاع الخاص -وحتى مقدمو خدمات الإنترنت- في جميع أنحاء أوروبا، في مشاركة مجتمعية ضد التطرف

ورأى كارلايل أن هذا التحدي الأكثر إلحاحا من أي وقت مضى، يجب أن يواجه بعدة طرق:

أولا- الحاجة إلى تعزيز الهجوم على تطرف الإنترنت وتوفير التمويل والموارد ومستويات التوظيف اللازمة له حسب الحاجة إلى منفعته الواضحة على الأمد البعيد.

ثانيا- الحاجة إلى تطوير "برنامج المنع" التابع لإستراتيجية مكافحة الإرهاب الداخلي بوزارة الداخلية، الذي يحقق مستوى عاليا من النجاح.

ثالثا- يجب تطوير برامج مصالحة يشارك فيها القطاع الخاص -وحتى مقدمو خدمات الإنترنت- في جميع أنحاء أوروبا، في مشاركة مجتمعية ضد التطرف.

وفي هذا السياق علقت صحيفة "ذي غارديان" بأن اليمين المتطرف في بريطانيا بدا كأنه كان على أهبة الاستعداد لهذا الهجوم، لأن المخاوف التخيلية التي كان يحاول إثارتها قد أصبحت حقيقة، ولم يراع حرمة الميت والمحتضر والمحزون، وكان الأمر بالنسبة له مجرد فرصة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الكراهية تزداد عندما تُستصغر التعقيدات وتزدهر في السذاجة، لكن لندن ليست أيا من هذه الأشياء ولن تسمح للكراهية بأن يكون لها موطئ قدم فيها لأن نسيجها الاجتماعي غني يرفض الخطاب التحريضي الساذج، وهي في مأمن من الكراهية ولن تتأثر بها.

المصدر : الصحافة البريطانية