تساؤلات بشأن إستراتيجيات أميركا لمواجهة الإرهاب

A handout picture made available by the US Department of Defense (DOD) shows an arcraft launching from the flight deck of the aircraft carrier USS George H.W. Bush (CVN 77) at sea in the Arabian Gulf, 13 October 2014. George H.W. Bush is supporting maritime security operations, strike operations in Iraq and Syria as directed, and theater security cooperation efforts in the US 5th Fleet area of responsibility. The coalition fighting Islamic State (IS or ISIS) militants i
حاملة الطائرت الأميركية جورج بوش في مياه الخليج العربي أواخر 2014 (الأوروبية)
تناولت صحف أميركية الحملة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم الدولة في العراق وسوريا والمنطقة، وطرح بعضها تساؤلات بشأن إستراتيجيات أميركا لمواصلة مواجهة الإرهاب، في ظل تضاؤل قوة تنظيم الدولة الإسلامية.

فقد أشارت مجلة ناشونال إنترست إلى أن مصادر عديدة أفادت بأن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) قدمت قبل أيام خيارات إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن كيفية إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة في الشرق الأوسط.

وأوضحت أن من بين هذه الخيارات التي قدمها البنتاغون ما يتمثل في إرسال قوات تقليدية مقاتلة إلى سوريا لمواجهة عناصر تنظيم الدولة على الأرض، لكن ناشونال إنترست قالت إنه ينبغي على الرئيس ترمب رفض هذه النصيحة.

وأضافت أن نشر قوات أميركية مقاتلة في سوريا من شأنه أن يزيد المخاطر الإستراتيجية على الولايات المتحدة دون جدوى، وتساءلت لماذا يقتل الجنود الأميركيون في سوريا في شأن يصب لصالح رئيس النظام السوري بشار الأسد في نهاية المطاف؟

‪قافلة لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أثناء استعراض في شوارع الرقة بسوريا منتصف 2014‬  (رويترز)
‪قافلة لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أثناء استعراض في شوارع الرقة بسوريا منتصف 2014‬ (رويترز)

الرقة
وأضافت ناشونال إنترست أنه على فرض أن إدارة الرئيس ترمب تعجلت ونشرت قوات أميركية في سوريا، وهذه القوات تمكنت من استعادة السيطرة على مدينة الرقة، فلمن ستسلمها في نهاية المطاف؟ وماذا يمكن للولايات المتحدة أن تفعل إذا قامت روسيا وإيران والنظام السوري بمهاجمة المدينة والسيطرة عليها من جديد؟

وأعربت ناشونال إنترست عن الخشية من حدوث اشتباك للقوات الأميركية مع حلفاء النظام السوري، وتساءلت عن الكيفية التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها دعم قواتها المنتشرة في سوريا في أجواء عدائية من كل جانب.

وأضافت أنه إذا كانت إدارة ترمب تعتزم نشر قوات أميركية في سوريا، فإنه يبنغي لها أن تبادر إلى إنشاء بنى لوجستية هائلة، وتوفير ما يلزم لدعم القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، لكنها قالت إن هذا الدعم سيكون بوساطة طرق جوية مما يزيد من المخاطر المحتملة.

وأشارت إلى أنه يخشى أن تبادر روسيا إلى تزويد الفصائل المسلحة المنتشرة في سوريا بأسلحة حديثة مضادة للطيران كي تستخدمها ضد الطائرات الأميركية، وذلك مثل ما فعلته الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.

وأضافت أنه حتى لو ألحقت القوات الأميركية هزيمة نكراء بتنظيم الدولة في الرقة، فإن خطره لن ينحسر، بل إنه سيزيد حيث سيصبح التنظيم ليس بحاجة لأن يقلق بالاحتفاظ أو التمسك بمنطقة جغرافية معينة على الأرض. 

وأشارت إلى أن تنظيم الدولة سيسعى حينئذ إلى توجيه عناصره وبذل جهوده لمهاجمة المصالح الأميركية في أنحاء الدنيا، بل إنه قد يهاجم الولايات المتحدة نفسها في الداخل الأميركي إذا تمكن من فعل ذلك.

‪روسيا تستخدم قاذفات إستراتيجية عملاقة من طراز توبوليف تي يو22 إم3 في قصف سوريا‬ (رويترز)
‪روسيا تستخدم قاذفات إستراتيجية عملاقة من طراز توبوليف تي يو22 إم3 في قصف سوريا‬ (رويترز)

مفترق طرق
وفي السياق ذاته، تساءلت مجلة فورين أفيرز عن إستراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة الإرهاب بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة، وقالت من خلال مقال للكاتبين بيتر فيفر وهال براندز إن أميركا سرعان ما تجد نفسها على مفترق طرق في نضالها ضد الإرهاب.

وأوضحت أن الحملة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة تمكنت حتى الآن من طرده من الكثير من المناطق التي كان يسيطر عليها، وأنها سرعان ما تلحق به الهزيمة في كل من العراق وسوريا.

واستدركت بالقول: لكن الانتصار العسكري على تنظيم الدولة لن ينهي الحرب الدولية على الإرهاب التي أشعلتها الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وأشارت إلى أن تنظيم الدولة سيتخذ أشكالا أخرى في المواجهة، وأن تنظيم القاعدة والمجموعات التابعة له ستبىقى تشكل تهديدا كبيرا أيضا، وذلك بالإضافة إلى خطر التهديدات التي تشكلها التنظيمات الجهادية الأخرى المنتشرة في أنحاء متفرقة من الشرق الأوسط الكبير.

وقالت إنه يجب على الولايات المتحدة أن تقرر الإستراتيجية التي عليها اتباعها في مكافحة الإرهاب في المرحلة المقبلة.

وأضافت أنه أمام الرئيس ترمب خيارات متعددة، فإما أن تتخلى الولايات المتحدة عن التزاماتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط على اعتبار أن تدخلها في المنطقة هو ما يثير الإرهاب، وإما أن تستخدم الولايات المتحدة قوة عسكرية ساحقة يكون من شأنها محاولة تدمير المنظمات الإرهابية القادرة على الصعيد العالمي، ومن ثم محاولة إصلاح الحال السياسية للمجتمعات التي تنتجها.

أو أن تواصل إدارة ترمب النهج الذي اتبعته إدارة أوباما قبل صعود تنظيم الدولة، أو أن تواصل ما تتبعه الولايات المتحدة في حملتها ضد تنظيم الدولة منذ أواخر 2014، لكن أيا من هذا الخيارات الأربعة لا يعد خيارا مثاليا.

وقالت إنه ينبغي لإدارة الرئيس ترمب اتباع الإستراتيجية الأقل خطرا، وهي التي تتمثل في شن غارات جوية شرسة وأخرى عن طريق طائرات مسيرة، وشن عمليات خاصة، ونشر أعداد صغيرة من القوات الأرضية لمواجهة أي تهديدات معينة، وكل ذلك في سبيل دعم الجهود التي يبذلها الشركاء الإقليميون في المنطقة.

وأضافت أن هذه الإستراتيجية ليست مثالية تماما؛ فهي لن تحقق نصرا عسكريا حاسما في صراع يبدو أنه سيدوم طويلا، لكنها تبقى الطريقة الأمثل لتوفير الأمن بتكلفة معقولة.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية