واشنطن بوست: جولة ترمب بآسيا رحلة تزلف وخنوع

Malaysia's Prime Minister Najib Razak, Myanmar's State Counsellor and Foreign Minister Aung San Suu Kyi, Thailand's Prime Minister Prayut Chan-o-Cha, Vietnam's Prime Minister Nguyen Xuan Phuc, U.S. President Donald Trump, Philippine's President Rodrigo Duterte, Singapore's Prime Minister Lee Hsien Loong, Brunei's Sultan Hassanal Bolkiah, Laos' Prime Minister Thongloun Sisoulith, Indonesia's President Joko Widodo and Cambodia's Prime Minister Hun Sen pose for a
ترمب وسط زعماء دول آسيا بقمة الآسيان بالعاصمة الفلبينية مانيلا أمس الأول (رويترز)

 يتمسك الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحقوق الإنسان عندما تكون مريحة له ويتخلى عنها بسهولة في الحالات الأخرى، وجولته الأخيرة بشرق آسيا كانت رحلة تزلف وخنوع طويلة استغرقت 12 يوما كاملة.

هذا ما ورد بصحيفة واشنطن بوست التي تناولت بالتعليق جولة ترمب في بعض دول آسيا. وقالت في افتتاحية لها إنه ليس صحيحا أن ترمب ومسؤولي إدارته لا يتحدثون عن حقوق الإنسان، فقد صوّر ترمب بوضوح وفصاحة أمام برلمان كوريا الجنوبية العواقب الوخيمة للديكتاتورية القاسية لكوريا الشمالية؛ معسكرات الاعتقال، العمل القسري، التعذيب، التجويع، الدعاية والرقابة لشعب حُرم من الاتصال بالعالم الخارجي.

لكنه وفي نفس الجولة عبّر عن إعجابه بالرئيس الصيني شي جين بينغ ووصفه بالرجل "المميز جدا"، رغم أنه حوّل نظامه، ذا القبضة الحديدية على الشعب الصيني، إلى نظام "عبادة الفرد" الذي تخلت عنه الصين منذ فترة رئيسها الأسبق ماو تسي تونغ.

وربما يكون ترمب قد لاحظ أنه وعقب اجتماعه بجين بينغ أن الرئيس الصيني لم يأبه بأسئلة الصحفيين. ولم ينبس ترمب بكلمة احتجاج واحدة.

ليست قيما
وقالت الصحيفة إن ما أبرزته هذه الجولة -وما تعكسه سياسة ترمب- هو أن حقوق الإنسان والديمقراطية لا يراها الرئيس الأميركي مبادئ كونية يجب التمسك بها في أي مكان وزمان، بل مثل الهراوة التي يستخدمها للتهديد في الوقت الذي يختاره.

ديفد إغناشيوس:
أكثر ما يخيف في إدارة ترمب هو أنها خالية الوفاض من أي سياسة خارجية، وعاجزة عن اتخاذ أي قرار وعن ترتيب أي أولويات

وأضافت أن ترمب لديه شغف واضح بالتخلي عن أي اهتمام بالحرية عندما يتعلق الأمر بأصدقائه المستبدين في الصين وروسيا والسعودية والفلبين، الأمر الذي يلغي مصداقية كل قول له عن حقوق الإنسان في الدول التي يكرهها مثل كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وغيرها.

ولم ينبس ترمب بأي كلمة حول اضطهاد الروهينغيا أو الحريات في فيتنام، ولم يعبّر عن قلقه جراء قتل الآلاف في الفلبين خارج النظام القضائي، كما ضحك عندما وصف الرئيس الفلبيني دوتيرتي الصحفيين بالجواسيس.

المداهنة والتزلف
ونشرت الصحيفة مقالا للكاتب ديفد إغناشيوس وصف فيه جولة ترمب برحلة التزلف والمداهنة، وقال إنها كانت أقرب إلى رحلة تقديم فروض الولاء والطاعة منها إلى إظهار قوة أميركا للآخرين، مضيفا أن ترمب وطوال هذه الجولة تحدث عن علاقته "غير العادية" بالرئيس الياباني شينزو آبي، و"مشاعره الدافئة" تجاه نظيره الصيني، و"علاقته العميقة" بالرئيس الفلبيني الناجح رودريغو دوتيرتي، وتعاطفه مع الرئيس الروسي بوتين الذي اعتبر بلاده "داعمة لأميركا، وليست عائقة لها".

وأجمل إغناشيوس تقييمه لجولة ترمب بأنها تاريخية في تسجيلها لقبول أميركا الصين كقوة صاعدة، ولرغبة أميركا في إصلاح الجسور مع روسيا المحاربة، مع عدم وجود مكاسب أمنية لأميركا تقريبا.

وأضاف بأنه إذا كانت قمة يالطا في 1945 قد سجلت قبول أميركا هيمنة الاتحاد السوفيتي على أوروبا الشرقية، فيبدو أن هذه الجولة قد ثبتت بلوغ الصين مرحلة القوة الباسيفيكية الرئيسية، وكما قال بينغ إن المحيط الهادي واسع بما يكفي لقبول أميركا والصين قوتين رئيسيتين.

واختتم الكاتب مقاله بالقول إن أكثر ما يخيف في إدارة ترمب هو أنها خالية الوفاض من أي سياسة خارجية، وعاجزة عن اتخاذ أي قرار وعن ترتيب أي أولويات، وإذا كان هناك مفهوم إستراتيجي يستند إليه نهج ترمب فهو "الواقعية الخانعة"، مضيفا أن جولة ترمب في آسيا جعلته (أي الكاتب) يشعر بأن أميركا تتقهقر تحت إيقاعات فرقة موسيقى نحاسية خجولة. 

المصدر : واشنطن بوست