شكوك بجنوب السودان في جدوى اتفاقية السلام
وردَ ذلك في تقرير من ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل شمال دولة جنوب السودان نشرته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية اليوم، وذكرت فيه أن الحكومة أجرت تغييرات تسببت بظهور نزاعات جديدة لم تخاطبها الاتفاقية مثل تهجير القوات الحكومية بالقوة المسلحة مجموعات من قبيلة الشلك واستيلائها على أراضيها القائمة منذ قرون بمنطقة غنية بالنفط، وتقسيم البلاد إلى 28 إقليما بدلا من عشر ولايات دون استشارة المعارضة.
ونقلت الصحيفة عن مواطنين قولهم إن محاولة تنفيذ الاتفاقية نفسها ستثير نزاعات، وإن تقسيم البلاد الجديد تسبب في كثير من أعمال القتال على نطاق جنوب السودان لأنه فاقم النزاعات على الأرض، وفي بعض الحالات خلق نزاعات جديدة حول الأرض والسلطة.
كذلك أثار برنامج لإعادة توطين مواطنين من قبيلة سلفاكير (الدينكا) في منطقة غنية بالنفط تابعة لقبيلة مشار (النوير) قلق كثير من المهتمين الذين فسروا ذلك بأنه محاولة من الرئيس لتغيير التقسيم السكاني القبلي بالمنطقة، وحذروا من أن هذه الإستراتيجية ستزيد التوترات العرقية المحتدمة أصلا.
مواطنون بجنوب السودان: الحكومة أجرت تغييرات تسببت في ظهور نزاعات جديدة لم تخاطبها الاتفاقية |
ويرى مراقبون أيضا أن إعادة تقسيم جنوب السودان إلى ولايات تأتي في إطار خطة أوسع لـ الدينكا (أكبر قبائل البلاد) للسيطرة على مناطق إستراتيجية بالدولة.
ونسبت الصحيفة إلى الباحث السياسي جوك مادوت قوله إن اتفاقية السلام -التي هي في الأصل اتفاقية بين أفراد النخبة السياسية- لن تؤثر إيجابيا على المواطنين العاديين، فكثير من النزاعات نشبت في أجزاء من البلاد لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذه الاتفاقية، إما لأن مواطنيها شعروا بأن الاتفاقية لا تشملهم أو أنها ضدهم.
ويضيف مادوت، مثله مثل كثيرين بالعاصمة جوبا، أن هذه الاتفاقية هي الوحيدة التي تمثل خطوة للأمام لحل أزمة الحرب بجنوب السودان نظرا إلى أن اتفاقيات السلام التي تنهي الحروب الأهلية نادرا ما تحل كل المشاكل فورا "ربما تنهيها على مستوى النخبة، لكن بنفس المستوى من الأهمية يجب بذل جهود للتوصل لمصالحة عامة وخلق تأييد للاتفاقية على مستوى الشعب، وهذه المصالحة ربما تستغرق عشر سنوات، لكن يجب أن تبدأ الآن".
يُذكر أن أربعين شخصا على الأقل قُتلوا الشهر الماضي، وأُحرق أكثر من نصف مخيم أقامته الأمم المتحدة لحوالي 48 ألف نازح ويخضع لحمايتها. وذكر شهود عيان أن قوات حكومية هي التي نفذت الهجوم على المخيم.
يُشار إلى أن سلفاكير عيّن مشار نائبا للرئيس، الأمر الذي يعيد الحكومة إلى ما كانت عليه قبل بدء الحرب بين الطرفين، وليس من المعروف حتى اليوم متى يعود مشار من المنفى في إثيوبيا لتولي مهام منصبه في جوبا لمشاركة الرئيس بحكومة تستمر ثلاثين شهرا.