شهور قليلة أمامه.. هل يستطيع بايدن إنقاذ حزبه من الهزيمة في انتخابات الكونغرس 2022؟

من المرجح أن يسيطر الجمهوريون على مجلسي الكونغرس والشيوخ في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وأن يصيب الشلل أجندة بايدن خلال العام الثالث والرابع من فترة حكمه.

President Biden Delivers First Address To Joint Session Of Congress
الرئيس جو بايدن في خطابه الأول بالكونغرس (الفرنسية)

واشنطن- فيما يشبه التقليد، يخسر حزب الرئيس الأميركي الكثير من المقاعد في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، ويبدو أن الرئيس جو بايدن لن يخرج عن هذا التقليد في الانتخابات القادمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

فقد خسر الجمهوريون 41 مقعدا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في انتخابات عام 2018 لصالح الديمقراطيين، وتكرر السيناريو قبل ذلك في عهد باراك أوباما الذي خسر حزبه الديمقراطي 63 مقعدا بمجلس النواب، وعلى نحو مماثل في انتخابات 2010.

وفي الأشهر المقبلة، ينصب الاهتمام في واشنطن على قدرة الرئيس جو بايدن على تجنب خسائر التجديد النصفي التي أربكت العديد من أسلافه، أم أن حزبه مقدم على خسارة لا يمكن تجنبها خاصة مع ضيق الفارق بين الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ.

الرئيس جو بايدن يحيي أعضاء الكونغرس خلال خطاب له في أبريل/نيسان 2021 (غيتي)

عبء بايدن

وشهد الأسبوعان الأولان من عام 2022 عدة ضربات موجعة لبايدن وحزبه؛ فمن ناحية رفضت المحكمة الدستورية العليا أمره الرئاسي بإلزام العاملين في الحكومة الفدرالية والشركات التي يزيد عدد موظفيها عن 100 شخص وقطاع الرعاية الصحية بتلقي اللقاح.

ويتوقع أن تصل الولايات المتحدة في الربيع إلى مستويات مأساوية من الإصابات والوفيات بفيروس كورونا. ويعتمد ذلك على السرعة التي ينتشر بها متحور أوميكرون بين الضعفاء وغير المطعمين المنتشرين في أنحاء البلاد، خاصة مع فشل بايدن في إقناعهم بضرورة تلقي اللقاح.

كما تلقى بايدن ضربة موجعة على يد كيرستين سينيما السيناتورة الديمقراطية من ولاية أريزونا، والتي دقت مسمارا في نعش آمال الديمقراطيين بتعديل قواعد مجلس الشيوخ بإعلانها رفض أي تحركات تهدف لتعديل إجراءات مجلس الشيوخ من أجل تمرير التشريع كما يرغب بايدن.

وعبّرت سينيما عن تأييدها إصلاح نظام الاقتراع المقدم من الحزب الديمقراطي، مع معارضة تغيير قواعد مجلس الشيوخ واحترام وجهات نظر الأقلية.

ولا يستطيع البيت الأبيض أو الديمقراطيون تحريك التشريع في مجلس الشيوخ دون كل أصوات الأعضاء الديمقراطيين الـ50، بعدما تعهد بايدن بتغيير القواعد الإجرائية بمجلس الشيوخ لتمرير التشريع.

وأدت عرقلة تمرير أجندة الرئيس بايدن المتعلقة بالبنية التحتية واضطراره لتعديلها، ثم عرقلة تشريع "إعادة البناء للأفضل"، إلى انخفاض شعبية الرئيس، مع تعهد السيناتور الديمقراطي جون مينشين من ولاية فرجينيا الغربية بعدم التصويت لصالح القرار.

وتعكس تلك الحالات شكوكا متزايدة في قدرات بايدن على قيادة وتوحيد الديمقراطيين في ظل استمرار الاقتتال الداخلي بين تيارات حزبه، خاصة بين الأعضاء التقدميين والأغلبية التقليدية.

هل يستمر التراجع في شعبية الرئيس؟

أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "سي إن بي سي" (CNBC)، خلال الأسبوع الثاني من الشهر الماضي على عينة من 800 ناخب أميركي، رضا 37% منهم فقط عن أداء بايدن، في حين رفض 56% أداءه، ولم يستطع 7% منهم تحديد موقفهم.

وتعد هذه ثاني أسوأ نسبة يحصل عليها رئيس أميركي خلال نهاية عامه الأول في الحكم، كما شهد هذا العام تراجع التأييد له من 57% عند بدء حكمه يوم 20 يناير/كانون الثاني 2021، لينخفض بمقدار 20 نقطة كاملة خلال أقل من عام.

ويؤثر على شعبية بايدن الفشل في مواجهة فيروس كوفيد-19، خاصة مع تفشي الإصابات بمتحور أوميكرون ووصوله إلى أكثر من مليون إصابة يوميا، إضافة لرفع حجم الإنفاق الحكومي بأشكال قياسية، مما أثر على ارتفاع نسبة التضخم لتبلغ 7% مقارنة بعام مضى، وهو أعلى مستوى فيما يقرب من 40 عاما.

وسبب ارتفاع الأسعار معاناة لملايين الأميركيين، ودعم رواية الجمهوريين بأنه لا يمكن الوثوق بالديمقراطيين ولا بقيادة بايدن في الاقتصاد، وأن حزمة التحفيز التي قدمتها هذه الإدارة زادت من تدهور الوضع الاقتصادي.

وساهم الصراع المحتدم بين تيارات الحزب الديمقراطي في شل أجندة بايدن لتحسين البنية التحتية الأميركية، وخططه للإصلاحات الاجتماعية ولمواجهة التغيّر المناخي.

ولم يتمكن الرئيس من رأب الصدع بين التيار التقدمي بالحزب الديمقراطي ممثلا في عدد من النواب على رأسهم ألكسندريا أوكتافيو كورتيز من جانب؛ ومن جانب آخر التيار التقليدي بالحزب بقيادة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.

نجح الجمهوريون في توجيه ضربات قوية لمشاريع وأجندة بايدن وعرقلوا تمرير قوانين حيوية في خطته (رويترز)

وحدة الجمهوريين بالمقابل

وعلى العكس من الديمقراطيين، يتمتع الجمهوريون بوحدة حزبية قوية خلف الرئيس السابق دونالد ترامب. ونجح الجمهوريون في عرقلة محاولات متعددة لتمرير مشروعات قوانين لإصلاح حقوق التصويت العام الماضي، وهو ما دفع بايدن للتهديد بإجراء تغييرات في "قاعدة التعطيل" التي تتطلب أغلبية 60 صوتا من أعضاء مجلس الشيوخ المئة لتمرير معظم التشريعات، قبل أن تقضي السيناتورة سينيما على حظوظه.

من ناحية أخرى، مثل فوز المرشح الجمهوري غلين يانغكين بمنصب حاكم فرجينيا على حساب الديمقراطي تيري ماكوليف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ضربة قوية للديمقراطيين، وربما تمهيدا لما هو آت.

مستقبل توازنات الحزبين

في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ستجري انتخابات التجديد للكونغرس على كل مقاعد مجلس النواب الـ435، وعلى 34 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة، بمن فيهم مرشحون ديمقراطيون في دوائر متأرجحة بولايات مثل أريزونا وجورجيا ونيفادا.

ولا يحتاج الجمهوريون سوى الفوز بستة مقاعد إضافية في مجلس النواب، ومقعد واحد إضافي في مجلس الشيوخ لتؤول الأغلبية إليهم.

في هذه المرحلة، من المرجح أن يسيطر الجمهوريون على مجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب) في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، ويُتوقع أن يصيب الشلل أجندة بايدن خلال العام الثالث والرابع من فترة حكمه.

من هنا يبقى للرئيس بايدن نافذة صغيرة من الوقت لتمرير أي قوانين ذات مغزى في عام 2022، بما في ذلك خطة "إعادة البناء بشكل أفضل"؛ التي تُعد جزءا أساسيا من أجندته التي قد تقوي من عزيمة الديمقراطيين قبل مواجهات انتخابات 2022.

غير أن الخسارة قد تساهم بدور ما في تسهيل مهمة ترامب، الذي لا يُخفي استعداده لخوض معركة الانتخابات الرئاسية القادمة من أجل العودة إلى البيت الأبيض عام 2024.

المصدر : الجزيرة