بعد تراجع الإصابات وارتفاع نسبة التطعيم.. الأردن يلغي الحظر ومليونا طالب يعودون لمدارسهم

ارتفعت نسبة الفقر في الأردن خلال الجائحة من 17% إلى 24%، وخاصة بعد فقدان نحو 120 ألف عامل وظائفهم، وتخفيض قطاع كبير من الأجور، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 25%، وخاصة بين الشباب والنساء.

الأردن يلغي كافة أشكال الحظر ومليوني طالب يعودون لمدارسهم
الأردن يلغي كافة أشكال الحظر ومليونا طالب يعودون إلى مدارسهم (الجزيرة)

عمّان- في ساعة مبكّرة من صباح الأربعاء، وقفت شيرين المواجدة مديرة مدرسة سعيد علاء الدين الأساسية بمنطقة أبو نصير شمال العاصمة الأردنية عمّان، لتستقبل طلبتها العائدين بعد غياب طويل، تلبسهم الكمامات، وتساعدهم في تعقيم أيديهم، وتقيس درجات حرارتهم قبل دخولهم الغرف الصفية.

تقول المواجدة للجزيرة نت إن عودة التعليم الوجاهي تسير ضمن خطة تربوية وبروتوكولات صحية تضمن عدم تفشي فيروس كورونا بين الطلبة.

وستعمل مدرسة المواجدة بنظام التناوب أو "التعليم المدمج"، بحيث يُقسّم الطلبة في الصفوف ذات الأعداد الكبيرة إلى مجموعتين، الأولى تداوم أيام الأحد والثلاثاء والخميس، والثانية يومي الاثنين والأربعاء، على أن يبدّل البرنامج أسبوعا بعد آخر.

واعتمدت وزارة التربية والتعليم الأردنية نظام التناوب للحد من انتشار فيروس كورونا بين الطلبة، ونتيجة لزيادة أعداد الطلبة المنتقلين من القطاع الخاص إلى المدارس الحكومية، إذ زاد عدد هؤلاء على 40 ألف طالب وطالبة، وفق وزارة التربية.

بروتوكولات صحية لعودة الطلبة للمدارس. الجزيرة . مدرسة سعيد علاد الدين منطقة أبو منصير شمال العاصمة عمان_
الإجراءات الاحترازية وارتفاع نسبة التطعيم سمحت باستئناف الدراسة حضوريا في الأردن (الجزيرة)

وبعودة الطلبة إلى مدارسهم، يعلن الأردن بدء التعافي من أزمة فيروس كورونا، وفق خطة حكومية تمتد على 3 أشهر.

وبدأت المملكة الأربعاء 1 سبتمبر/أيلول، إلغاء كافة أشكال الحظر المفروضة منذ 18 شهرا بسبب جائحة كورونا، وفق وزير الدولة لشؤون الإعلام صخر دودين.

وتشمل هذه الإجراءات فتح كافة القطاعات والعمل بطاقتها الكاملة، باستثناء صالات الأفراح التي سُمح برفع عدد المجتمعين فيها من 100 إلى 200 شخص.

وفي هذه الأثناء، بدأت المدارس في القطاعين العام والخاص باستقبال نحو 2.2 مليون طالب يعودون لمقاعدهم الدراسية بالتعليم الوجاهي، ووفق تعليمات صحية تشدد على التباعد وارتداء الكمامات والتعقيم. وذلك بعد نجاح تجربة تعويض "الفاقد التعليمي" التي شارك فيها نحو 900 ألف طالب وطالبة على مدى الأسبوعين الماضيين.

خطة اقتصادية

وإلى جانب الخطط الصحية والتربوية، أعدت الحكومة الأردنية خطة للتعافي الاقتصادي، بعد حالة التباطؤ التي سببتها الجائحة، وفق حديث دودين للجزيرة نت.

وتتضمن الخطة إصلاحات ومشاريع بقيمة 4 مليارات دينار (5.6 مليارات دولار)، وتمتد على مدى 24 شهرا، بتمويل من الموازنة العامة للدولة ومن المساعدات الخارجية.

وبخصوص أوامر الدفاع والطوارئ، قال دودين إن "العمل بقانون الدفاع مستمر إلى حين انتهاء الجائحة"، خاصة أن هذه الأوامر تتضمن "الحفاظ على صحة وحقوق المواطنين".

سيستمر العمل بقانون الدفاع إلى حين انتهاء الجائحة بالأردن (الفرنسية)

حالة وبائية مستقرة

وجاءت خطة السلطات الأردنية بإلغاء الحظر وفتح القطاعات الاقتصادية بعد استقرار الحالة الوبائية، فنسبة الإصابات والوفيات تتراوح بحدود 4% من مجمل الفحوص خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، رغم إعلان وزارة الصحة دخول المملكة في موجة ثالثة من الفيروس، وانتشار متحور دلتا.

ويصف عضو لجنة الأوبئة بسام حجاوي الحالة الوبائية خلال أغسطس/آب بـ"المتذبذبة صعودا وهبوطا، لكنها مستقرة على ما دون 5% من الإصابات، بما يسمح بالفتح الشامل للقطاعات الاقتصادية وعودة التعليم الوجاهي للمدارس والجامعات والكليات".

وبحسب حديث حجاوي للجزيرة نت، فإن زيادة الإقبال على التطعيم، وتوفير أكثر من 13 مليون جرعة من 4 لقاحات مختلفة، أدى إلى مناعة مجتمعية وصلت إلى 74%.

وبلغ عدد متلقي اللقاح حتى نهاية أغسطس/آب 6.4 ملايين أردني ومقيم، منهم 3.4 ملايين تلقوا الجرعة الأولى، و2.9 مليون حصلوا على الجرعتين. بينما سجل الأردن نحو 797 ألف إصابة بالفيروس منذ بداية الجائحة، و10 آلاف حالة وفاة.

ووفق الخطة الحكومية، يسمح بتنظيم المهرجانات والمؤتمرات والمعارض والمسارح، ولكن بطاقة محدودة ووفق اشتراطات خاصة، إلى جانب السماح لوسائل النقل العام بالعمل بحمولة كاملة.

تحسن وخسائر

ووفقا لنقيب أصحاب المخابز والمطاعم عمر العواد، فإن عودة المدارس للتعليم الوجاهي وفتح القطاعات وإلغاء الحظر الليلي، تساهم في زيادة الطلب على قطاع المخابز والمطاعم ومحال الحلويات، خاصة مع زيارات المغتربين وإعادة تشغيل صالات الأفراح وأنشطة المؤتمرات.

وقال العواد للجزيرة نت إن قطاع المطاعم أُعطي أفضلية خلال الأشهر الماضية بعد السماح بخدمة توصيل الأطعمة حتى الثالثة فجرا، وتقديم الوجبات لمتلقي اللقاح خلال ساعات الحظر الليلي، مما رفع حركته التجارية.

ورغم هذا التحسن، فإن المطاعم "ما زالت تسجل خسائر كبيرة" بحسب العواد الذي أرجع ذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة من المواد الغذائية المستوردة كاللحوم والدواجن والزيوت والحبوب ومواد التغليف والمعقمات.

ويضاف هذا إلى تراجع القدرات الشرائية للمستهلكين وتآكل دخلهم، مما أدى إلى انسحاب العديد من المستثمرين، وفق العواد.

وارتفعت نسبة الفقر في الأردن خلال الجائحة من 17% إلى 24%، وخاصة بعد فقدان نحو 120 ألف عامل وظائفهم، وتخفيض أجور العاملين بين 30 و50%، إضافة لارتفاع نسبة البطالة إلى 25% في الربع الأول من العام الحالي، وخاصة بين الشباب والنساء.

يأمل الأردنيون في أن يستمر التعليم الوجاهي الذي انقطع لنحو عام ونصف بسبب كورونا (الفرنسية)

عودة المدارس تحرّك الاقتصاد

ووسط زحمة المارة في منطقة وسط البلد بالعاصمة عمّان، ينتظر التاجر الأربعيني يوسف البستنجي ارتفاع الطلب على الزي المدرسي ومستلزمات الطلبة، وقد قال إن "البيع انتعش قليلا خلال الشهر الماضي لكنه كان متواضعا ودون المتوقع".

ويعتقد نقيب تجار الألبسة والأقمشة والأحذية منير أبو دية، أن ارتفاع الطلب يجب أن يسبقه اقتناع الأهالي بأن التعليم الوجاهي عاد بشكل حقيقي وواقعي ومستمر.

وقال أبو دية للجزيرة نت إن قطاع الملابس من أكثر القطاعات تضررا نتيجة الإغلاق، حيث زادت خسائره عن 120 مليون دينار (170 مليون دولار)، ودعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات "تخفيفية وتحفيزية"، أهمها تخفيض الضرائب عن التجار وإعادة النظر في قانون المالكين المستأجرين، وفرض قيود على التجارة الإلكترونية التي تنافس البيع المباشر.

المصدر : الجزيرة