النمو المتسارع في العلاقات بين دول خليجية وإسرائيل.. كيف تنظر له واشنطن؟

زيارة ميري ريغيف إلى مسجد زايد (مواقع التواصل)
وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف أثناء زيارة سابقة لمسجد زايد بأبو ظبي (مواقع التواصل)

"قبل عقد من الزمن، كان أي مديح علني لإسرائيل -مهما كان خفيفا- يعتبر هرطقة في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، ولكن في هذه الأيام، يقدم أحد المطاعم في برج خليفة بأبو ظبي مأكولات معدة طبقا للشريعة اليهودية، ويتجمع الكثير من اليهود العاملين بدولة الإمارات علنًا كل ليلة جمعة للصلاة في معبد يهودي قريب".

بهذه الكلمات عبر جوناثان فريزيجر الصحفي المتخصص في الشؤون الخليجية وأحد كتاب تقرير جديد أصدره المجلس الأطلسي بواشنطن، عن نمو العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربية.

وفي ندوة عقدها المجلس الأطلسي بواشنطن بمناسبة إصدار التقرير، تحدث البروفيسور جودت بهجت الأستاذ بجامعة الدفاع الوطني وأحد كتاب التقرير، عن "سعي إسرائيل الجاد منذ سنوات طويلة لتأسيس علاقات جيدة مع دول الخليج، وحديثا بدأت دول الخليج في الاستعداد للنظر لإسرائيل كحليف مستقبلي، ويعود ذلك بالأساس للتغيرات الإستراتيجية التي شهدها الشرق الأوسط خلال العقد الأخير".

عوامل التقارب الخليجي الإسرائيلي
أشار التقرير إلى عوامل ثلاثة سرعت من التقارب الخليجي الإسرائيلي، يأتي في مقدمتها المخاوف المشتركة من طموحات إيران النووية وتدخلات إيران في المنطقة، وضاعف من ذلك تزايد عدم اليقين بشأن التزام الولايات المتحدة الأمني تجاه منطقة الخليج، ثم رغبة الدول العربية الغنية بالنفط في الوصول إلى التكنولوجيا الإسرائيلية. كما تسبب انتشار وباء كورونا المستجد والمخاوف المتعلقة بشأنه من التقارب بين الطرفين، بحسب التقرير.

من ناحيته، يعتقد ديفيد دس روش الأستاذ بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون أن "الولايات المتحدة ترحب بنمو علاقات إسرائيل مع دول الخليج، لكنها ليست القوة الدافعة وراء هذا الدفء في علاقات الطرفين، حيث إن إيران هي الدافع المباشر لذلك".

وخلال حديث مع الجزيرة نت، ذكر روش أن واشنطن "فشلت على مدى سنوات طويلة في تقريب علاقات الطرفين، ولم تنجح الضغوط الأميركية على دول الخليج في دفعها للتحرك تجاه إسرائيل، لكن إدراك الطرفين للخطر الإيراني هو ما لعب دورا هاما في تسهيل هذا التقارب".

وأشار فريزجير إلى أنه "من المعروف على نطاق واسع أن المستشفيات الإسرائيلية تعالج الكثير من أغنياء العرب الخليجيين ممن لم يرغبوا في السفر الطويل إلى أوروبا أو الولايات المتحدة".

كما أشار التقرير إلى إعلان مجموعة 42 الإماراتية عن توقيع مذكرتي تفاهم مع شركتي "رافاييل" و"إي إيه إي" الإسرائيليتين لمكافحة فيروس كورونا المستجد.

دور محدود لواشنطن
ومن جهته أكد ديفيد ماك السفير السابق والخبير في شؤون الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي للجزيرة نت، أن الكثير من العلاقات بين الجانبين "أُسس لها منذ مؤتمر مدريد المعني بسلام الشرق الأوسط والذي عقد عام 1991 عندما استغلت واشنطن مكانتها العالمية لجمع العرب والإسرائيليين، وهذه العلاقات شهدت صعودا وهبوطا، لكنها استمرت بين الطرفين حيث يراها كلاهما مفيدة طبقا لحساباتهما".

ويرى السفير ماك أن "واشنطن تلعب دورا هاما في هذه العلاقات التي تضمن لها استمرار نفوذها الإقليمي في وقت تفشل فيه جهودها لتحقيق سلام الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين".

وأشار التقرير إلى تحدي مستقبلي يتمثل في رد فعل الدول الخليجية على "تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ضم 30% من أراضي الضفة الغربية، وكيف يمكن للدول الخليجية ألا تبدو كمن يتخلى عن الشعب الفلسطيني".

ويوصي التقرير باتخاذ خطوات عدة لدعم تقارب الطرفين من أهمها:
 أنه حتى في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية، ينبغي على دول الخليج أن تحدد سبلاً جديدة لمشاركة إسرائيل في الأنشطة العلمية والأحداث الرياضية. ومن الأمثلة على ذلك الأبحاث المشتركة حول فيروس كورونا، ومعرض دبي أكسبو 2021، وكأس العالم 2022 لكرة القدم في قطر، والمشاركة في مشروعات تحلية المياه في سلطنة عمان.

 لا ينبغي على القادة الأميركيين التخلي عن الجهود الرامية إلى التوسط للتوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، حيث يُسهل ذلك من جهود تطبيع العلاقات الخليجية الإسرائيلية، كما يجب على دول الخليج أن تلتزم بالاستثمار في البنية التحتية الفلسطينية والمشاريع التجارية الفلسطينية.

 ينبغي تشجيع التعاون الأكاديمي بين دول الخليج وإسرائيل، لا سيما في مجالات الرعاية الصحية والأمن السيبراني والحفاظ على المياه والحوار بين الأديان بين المسلمين واليهود.

وفي النهاية أشار فريزيجر إلى أن "الإمارات هي القوة الدافعة لهذا التقارب وليس السعودية كما يعتقد الكثيرون، الإمارات لها صوت واحد يدفع في هذا الاتجاه على العكس من السعودية التي لا يزال هناك فارق كبير بين موقفي ولي العهد محمد بن سلمان ووالده الملك من قضية التقارب مع إسرائيل".

المصدر : الجزيرة