كشفه تحقيق استقصائي.. مستشفى إسرائيلي عالج مرضى سرطان بأدوية فاسدة

مستشفى رمبام في حيفا
مستشفى رمبام لعلاج السرطان في حيفا (وسائل التواصل)

محمد محسن وتد-حيفا

كشف تحقيق استقصائي أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" النقاب عن أن مستشفى "رمبام" في حيفا كان يعالج مرضى السرطان وعلى مدار عام ونصف العام بأدوية كيميائية وعقارات فاسدة ومنتهية الصلاحية.

ووفقا للتحقيق الذي سينشر في ملحق الصحيفة "7 أيام" نهاية الأسبوع الجاري، فإن المستشفى في حيفا عالج مرضى السرطان بأدوية انتهت صلاحيتها عامي 2016 و2017.

ويظهر التحقيق أن معظم الأدوية كانت تقدم للمرضى بعد تزوير تواريخها ليظهر كأنها صالحة الاستخدام، وذلك بعلم ودراية الجهات الطبية في المستشفى.

وفي بعض الحالات، جرى بشكل متعمد تزوير التواريخ والأرقام التسلسلية الخاصة بكل خط إنتاج من الأدوية ومن ثم نقلها إلى الطواقم الطبية التي استخدمتها في علاج المرضى، رغم أن بعضها انتهت صلاحيتها منذ أشهر، بيد أن تزوير التواريخ حال دون الكشف عن عدم صلاحيتها للاستخدام والعلاج.

حدثت هذه المخالفات والإخفاق الطبي في مركز الأورام الجديد في المستشفى وتحديدا في مختبر "الخلايا السامة"، المسؤول عن إعداد الدواء وتحضير العلاجات لمرضى السرطان.

 

لم تقتصر الإفادات على شهود عيان راودتهم الشكوك بشأن سلوك المستشفى بكل ما يتعلق باستخدام العلاجات المنتهية الصلاحية، إذ وثقت الصحيفة في تحقيقها إفادات من كانوا على علم بتزوير تواريخ الأدوية واستخدام العلاجات الكيميائية الفاسدة.

فوضى وتزوير
ووفقا لإفادات وشهادات وثقتها الصحيفة لموظفين ولعاملين في المركز وبعضهم أنهى عمله في المختبر الذي أعدت به الأدوية، فقد كان مخزون الأدوية في حالة من الفوضى، ولم يكن تجميع وتحضير الأدوية يجري وفقا للإجراءات الطبية المعمول بها.

وبغية التستر والتكتم على هذا النهج والتقليل من إمكانية الكشف عن التزوير لتواريخ العقاقير والأدوية، أخفيت عمدا عبوات الأدوية والمعدات الطبية المنتهية الصلاحية التي كانت معدة للإبادة.

وأثار هذا النهج السائد في مختبر الأدوية الشكوك لدى أحد الموظفين في المركز الطبي، الذي قدم قبل نحو أسبوعين شكوى حيال تصرفات ونهج وسلوك الطاقم الطبي بالمستشفى، بحسب وصف التحقيق الاستقصائي الذي اطلع على مضمون الشكوى.

بداية المأساة
وفي تسلسل الأحداث، يستعرض التحقيق الاستقصائي من خلال إفادة أحد الموظفين في المستشفى إنه حينما نقل المختبر الجديد في العام 2016 "بدأت أرى تصرفات مثيرة للشكوك وغير منطقية ولم تكن واقعية بالنسبة لي".

وأضاف الموظف في إفادته للتحقيق الاستقصائي "شاهدت أنهم كانوا يحجزون ويحتفظون بالكثير من الأدوية والعلاجات الكيميائية المنتهية الصلاحية، وتساءلت لماذا لا تباد هذه الأدوية ولماذا يجري الاحتفاظ بها؟".

وتابع حديثه "أنا شخصيا أحضرت هذه الأدوية بيدي إلى أقسام العلاج المختلفة في المركز، سواء قسم الرعاية النهارية للمرضى، أو قسم العلاج الكيميائي للمرضى الماكثين في المركز، وكذلك لعنابر الأطفال".

تقصير وتخاذل
لم تقتصر الإفادات على شهود عيان راودتهم الشكوك بشأن سلوك المستشفى بكل ما يتعلق باستخدام العلاجات المنتهية الصلاحية، إذ وثقت الصحيفة في تحقيقها إفادات من كانوا على علم بتزوير تواريخ الأدوية واستخدام العلاجات الكيميائية الفاسدة.

يقول أحد المسؤولين الذين اعترفوا بالتقصير والتخاذل في استخدام الأدوية المنتهية الصلاحية "أعيش في صراع مع ذاتي لا تغمض لي عين وأعيش في كوابيس. صدقا لا يعرف عدد الأشخاص الذين تلقوا هذه الأدوية ومن هم وما حالتهم اليوم؟".

وأضاف شخص آخر كان على دراية تامة حيال نهج وسلوك المركز "لا يمكنك معرفة ما إذا كان الدواء الكيميائي الفاسد يؤذي الأشخاص المرضى أو الأطفال الذين حصلوا عليه. يأتي شخص بغرض العلاج ثقة في المستشفى، وفي النهاية، يعطونه دواء منتهي الصلاحية".

صلاحية وفاعلية

تجدر الإشارة إلى أن صلاحية الأدوية تحددها الاختبارات التي تجريها الشركات المصنعة للأدوية،

يجري اختبار كل دواء تحت ظروف مختلفة للتأكد من الحفاظ على ثباته وصلاحيته. وفي معظم الحالات، فإن المعيار العالمي لتعاطي واستخدام الأدوية المنتجة هو خمس سنوات.

يقول أحد كبار الصيادلة في إسرائيل إن "استخدام الأدوية التي لم يتم التحقق من صحتها ومدتها بناء على تقدير رأي لصيدلي أمر غير مقبول وقد يكون خطيرا، قد تفقد بعض العقاقير فعاليتها في ظل هذه الظروف، وفي بعض الحالات تسبب ضررا حقيقيا".

تحذير واعتراف
في السنوات الأخيرة، يقول طاقم التحقيق الاستقصائي "تم نشر عدد من الدراسات المثيرة للجدل التي تزعم أن الأدوية المختلفة مفيدة للاستخدام لسنوات عديدة بعد تاريخ انتهاء الصلاحية الرسمي".

بيد أن مديرية الغذاء والدواء الأميركية، وهي الجهة الرائدة في منح التراخيص الدوائية في العالم، والتي تتطلب تحديد تاريخ انتهاء الصلاحية لكل عقار منذ عام 1979، تعارض بشدة هذا الادعاءات البحثية.

وحذر أحد الأطباء من أن المنتجات الطبية المنتهية الصلاحية قد تكون أقل فاعلية أو خطيرة نظرا للتغيرات في تركيبتها الكيميائية أو انخفاض قوتها ومفعولها، لافتا إلى أن بعض الأدوية المنتهية الصلاحية معرضة لخطر نمو البكتيريا.

الرأي ذاته عبرت عنه الدكتورة إليسا بيرنشتاين من مركز تقييم وبحث الأدوية في إسرائيل، قائلة "يعتبر تاريخ انتهاء صلاحية الدواء جزءا مهما في تحديد ما إذا كان المنتج آمنا للاستخدام ويعمل كما هو مطلوب. بمجرد انتهاء تاريخ الاستخدام، ليس هناك ما يضمن أن الدواء سيكون آمنا وفعالا. لذلك، إذا انتهت صلاحيته، لا تستخدمه".

لم ينكر مستشفى "رمبام" في حيفا ما ورد من طعون وادعاءات وإفادات، وقالوا تعليقا على ما ورد في التحقيق الاستقصائي "في عام 2017، تم فحص مجال إدارة الصيدلة بالكامل، ونتيجة لذلك، بدأت إدارة المستشفى تغييرا تنظيميا شاملا ومستمرا. مع توجه صحيفة يديعوت أحرونوت إلينا، تم إجراء فحص شامل، والذي كشف أن هناك بالفعل مزاعم حقيقية حول ما جرى عام 2016".

المصدر : الجزيرة