لقاء نتنياهو ومحمد بن سلمان في نيوم يُعقد مشهد الشرق الأوسط بواشنطن

كومبو يجمع نتنياهو ببن سلمان
نتنياهو (يسار) التقى محمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية الأحد (الجزيرة)

جاءت أنباء الزيارة السريعة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مدينة نيوم السعودية للقاء ولي عهدها محمد بن سلمان في توقيت حساس، تتقاطع فيه تبعات الانتخابات الأميركية بتطورات إقليمية وشرق أوسطية غير اعتيادية.

وتركت حالة عدم اليقين بخصوص الزيارة -في ظل تأكيد إسرائيلي ونفي سعودي- الكثير من المعلقين الأميركيين في حالة ارتباك أمام كيفية قراءة هذه الخطوة ورسائلها.

وفي حديث مع الجزيرة نت أشار الخبير في الشؤون الخليجية ومؤلف كتاب "الخليج وإسرائيل: صراعات قديمة وتحالفات جديدة" سيغورد نيوباور إلى أن اللقاء يعد تاريخيا بكل المقاييس، ولم تكن هناك مفاجأة بخصوصه، المفاجأة هي في علنيته على الأقل من الجانب الإسرائيلي.

وقال الأستاذ بجامعة رايس بولاية تكساس كريستين أولرشيزن للجزيرة نت إنه "لا يوجد إجماع حاسم حول ما إذا كان الاجتماع قد عُقد من عدمه، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستتطور الرواية الإسرائيلية والسعودية في الأيام المقبلة".

من جانبه، غرد رئيس مؤسسة أوراسيا لدراسة المخاطر السياسية آيان بريمر قائلا، إن "لقاء بين رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان يُعد خبرا شديد الأهمية، كونه الأول الذي يُعلن عنه لزيارة زعيم إسرائيلي للسعودية".

واعتبر بريمر أن نفي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان للقاء لن يكون المرة الأولى التي تنفي فيها السعودية "شيئا نعرفه جميعا".

أما مدير معهد دراسات دول الخليج بواشنطن جورج كافييرو، فأشار في حديث مع الجزيرة نت إلى أن "نفي المسؤولين السعوديين عقد هذا الاجتماع يؤكد الحساسيات المحيطة بقضية التطبيع من منظور سعودي".

بايدن يرحب

ويرحب فريق الرئيس المنتخب جو بايدن بجهود وخطوات التطبيع الجارية بين إسرائيل ودول خليجية، والتي أدت لتأسيس علاقات دبلوماسية بين تل أبيب من جانب، وأبو ظبي والمنامة من جانب آخر.

لكن لا يوافق فريق بايدن على ما قامت به إدارة الرئيس دونالد ترامب من منح الشرعية الأميركية لبناء المستوطنات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية المحتلة، ولا تشجع إدارة بايدن الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية.

وسبق أن صرح بايدن في برنامجه الانتخابي بأنه يعارض أي خطوات أحادية الجانب -بما في ذلك الضم- الذي يقوّض أفق حل الدولتين.

وأضاف "سيواصل الديمقراطيون الوقوف ضد التحريض والإرهاب، ومعارضة التوسع الاستيطاني. وبما أن القدس قضية ترتبط بترتيبات الوضع النهائي للمفاوضات، فيجب أن تبقى عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، على أن تبقى متاحة لأتباع كل الأديان".

ويتطابق موقف بايدن مع الموقف السعودي الرسمي الذي عبر عنه فيصل بن فرحان في مقابلة صحفية على هامش قمة زعماء مجموعة العشرين قبل يومين في الرياض، إذ أكد أن "بلاده تؤيد التطبيع الكامل مع إسرائيل، لكن ينبغي أولا إقرار اتفاق سلام دائم وكامل يضمن للفلسطينيين دولتهم بكرامة".

وحتى كتابة هذا التقرير التزمت حملة بايدن الصمت إزاء أنباء لقاء مدينة نيوم.

علاقات سرية

وعن توقيت اللقاء، أشار نيوباور إلى أن الرياض تهدف إلى "إظهار حرية حركتها أمام إدارة بايدن، بحيث يظهر للرئيس بايدن أن للرياض نفوذا، ومكانة إقليمية واسعة".

في حين أكد السفير ديفيد ماك للجزيرة نت أن "إسرائيل والسعودية لديهما تاريخ من التعامل السري خلف الستار حول المسائل ذات الاهتمام المشترك".

وأشار ماك -الذي عمل سابقا مساعدا لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ويعمل حاليا كخبير في المجلس الأطلسي بواشنطن- إلى أنه "لم يعد يوجد سبب الآن لعدم جعل هذه العلاقات أكثر علانية إلى حد ما، وفي الوقت الحالي، فإن الموقف الأكثر احتمالاً بالنسبة للسعودية هو تشجيع عملية التطبيع الجارية بالفعل في المنطقة".

ورأى السفير ماك أن خروج علاقات تل أبيب والرياض للعلن من شأنه أن يدفع الرياض في الوقت نفسه لمساعدة الفلسطينيين على توحيد صفوفهم حتى يتمكنوا من استئناف المفاوضات مع إسرائيل والولايات المتحدة من منطلق متماسك يمنحهم قوة أكبر إلى حد ما مع بدء حكم بايدن.

استعجال الرياض

واستغرب عدد من المعلقين تسرع السعودية وعدم الانتظار لما بعد وصول بايدن للبيت الأبيض في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل لتبدأ خطواتها تجاه التطبيع.

وأشار البروفيسور أولرشيزن إلى أن محمد بن سلمان قد يرغب في التحرك نحو التطبيع لكنه يشعر أنه لا يستطيع القيام بذلك علنا مع استمرار حالة الرفض المجتمعي العام أو تردد والده الملك سلمان.

ورأى السفير ماك أن "هرولة السعودية قد تظهر العائلة الحاكمة في حالة ضعف، وربما يراها بعض السعوديين تابعة لدولة الإمارات".

واعتبر ماك أن ولي العهد السعودي يستهدف أن يفعل كل ما في وسعه لتحسين صورته عند الديمقراطيين في واشنطن، فهو يدرك أن ما قام به من شراكة عميقة مع جاريد كوشنر وترامب لن تُسهل مهمته.

من ناحية أخرى، لم يستبعد أولرشيزن أن محمد بن سلمان رأى أيضا كيف عزز التطبيع مكانة الإمارات في واشنطن، وأنه يأمل أن ينال التقدير نفسه، مضيفا "سيكون من الصعب عليه تحقيق ذلك الهدف".

وعلى الرغم من احتمال أن تعلن السعودية عن التطبيع، فإنه "يبدو على الأرجح أن المملكة ستتخذ خطوات جزئية. ومن المؤكد أن زيارة نتنياهو إلى نيوم تشكل إحدى تلك الخطوات"، كما يقول كافييرو.

ويختلف نيوباور مع كافييرو، إذ يرى أن لقاء نيوم يعد من وجهة نظر الرياض بمثابة انتصار دبلوماسي، وخطوة استباقية تحسّن موقفها في التأسيس لعلاقات جديدة مع إدارة بايدن.

المصدر : الجزيرة