في وضح النهار.. كاتم الصوت يقض مضجع العراقيين

نقطة تفتيش
حوادث الاغتيال تعددت رغم محاولات الأمن وقفها (الجزيرة)

الجزيرة نت-بغداد

يقضّ شبح الاغتيالات مضاجع البغداديين ويؤرقهم. جرائم تُرتكب في وضح النهار بأسلحة كاتمة للصوت والحياة معا، لا شيء لافت سوى أن الضحايا مدنيون على خلاف ما جرى عليه العرف من استهداف للشخصيات الحكومية والسياسية.

لا يفرّق الجناة الذين يمارسون القتل عن قرب في اختيار أهدافهم، فلا فرق إن كان الضحية صحفيا أو صاحب مطعم شعبي أو محل لبيع المرطبات، لكن الإخفاق في إتمام المهمة هو ما يشكل الفرق عندهم.

ولعل مقتل صاحب مطعم "ليمونة" الشهير في مدينة الصدر شرق العاصمة الذي فجر أزمة حادة بين تيار الحكمة وعصائب أهل الحق المنضوية في الحشد الشعبي، وقبله بليلة واحدة مقتل مصور قناة الحرة عراق، وتصفية صاحب مرطبات الروشة في حي أور بعد أسبوعين من الحادثتين؛ أزاح الستار عن واقع أمني مهلهل وتهديد حقيقي لأمن المجتمع.

أسباب
ورغم عشرات الآلاف من العناصر الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، والميزانية الهائلة المخصصة لها، فإن المواطن أصبح يلوذ بالعشيرة كي تحميه، ويعزم على أخذ حقه بيده، بسبب ما يوصف بأنه الفساد الذي ضرب أطنابه في المؤسسات الحكومية، وكون غالبية عناصر الأمن أتو عبر بوابة الأحزاب، بحسب الخبير الأمني اللواء عبد الكريم خلف الذي رأى في "تكرار جرائم الاغتيالات علامة من علامات انهيار الدولة".

وفسّر عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي الظاهرة من زاوية سياسية، وأكد أن "الغاية من وراء زعزعة الأمن في بغداد قد تكون محاولة من جهات سياسية خلق أزمة فيها، فثمة أياد خفية تعمل على جعلها غير آمنة".

منطقة الباب الشرقي في بغداد (الجزيرة)
منطقة الباب الشرقي في بغداد (الجزيرة)

في حين لا يتفق الخبير في الشأن السياسي هشام الهاشمي مع أن "الاغتيالات تحمل صبغة سياسية"، موضحا أن ما يجمعها هو "الانفلات الأمني والسلاح السائب وشيوع الجريمة المنظمة".

شهادات
محامون وناشطون مدنيون أكدوا أن الرصاصات الكاتمة التي تردي الضحايا تهدف بالأساس لبث الهلع في النفوس وإسكات الأصوات المطالبة بالإصلاح، كاغتيال المحامي البصري جبار الكرم الذي تصدى مع مجموعة من رفاقه للدفاع عن متظاهري البصرة، والناشطة سعاد العلي المنخرطة في تلك المظاهرات.

وما نشر من مقاطع فيديو تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الإقليمية لعناصر ترتدي زي القوات الأمنية وتطلق الذخيرة الحية على المتظاهرين مخلفة قتلى وجرحى، يطرح أكثر من علامة استفهام.

السلطات علقت حينها بوجود مندسين عملوا على إثارة الشغب وحرف المظاهرات عن مسارها، لكن لم يعرف بعد من هم أولئك المندسون ولا الجهة التي ينتمون إليها.

سجلات المشافي الحكومية -كمدينة الطب والكندي واليرموك- تشي بتصاعد حالات المغدورين فيها، الذين يتم إنقاذ حياتهم بعد تعرضهم لطلق ناري أو طعن بالسكاكين، وجلّهم ينكر معرفته بالجناة ليبقى الفاعل مجهولا.

وفي حديثه للجزيرة نت، بدا أبو منتظر -وهو من سكان منطقة الكاظمية غرب بغداد- للوهلة الأولى متشائما، مرددا القول "كثيرا ما نسمع بحوادث القتل رغم استقرار الوضع الأمني، هناك خوف من تفشي ظاهرة الاغتيالات التي نجهل دوافعها ولا توجد أجوبة شافية تطمئن الناس".

وبعيدا عن التحليل والتأويل، غالبا ما تسجل تلك الحوادث ضد مجهول، أو تصنف ضمن القضايا الجنائية، لتطوى وتنسى فلا تذكر إلا عند تكرار جرائم مشابهة.

المصدر : الجزيرة