توترات في ذكرى انطلاقة فتح بغزة وحماس تنفي اعتقال المئات

صورة نشرتها صفحة حركة الشبيبة الفتحاوية بموقع فيسبوك لتجمع جماهيري في غزة في إطار الاحتفالات بالذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقة حركة فتح
صورة نشرتها صفحة حركة الشبيبة الفتحاوية على فيسبوك لتجمع جماهيري بمدينة غزة في إطار الاحتفالات بذكرى انطلاقة حركة فتح

 أمجد أيمن-غزة

شابت توترات بدء احتفالات حركة فتح بذكرى انطلاقتها الرابعة والخمسين، إذ سُجلت مناوشات وُصفت بأنها داخلية بين أنصارها في مدينة غزة. وترافق ذلك مع اتهامات لقوات الأمن باعتقال المئات من أعضائها، وهو ما نفته حركة حماس.

فقبل ساعات من إيقاد شعلة الانطلاقة، فرقت الأجهزة الأمنية بعض المتظاهرين في منطقة الساحة والسرايا وسط مدينة غزة بعدما حدث عراك داخلي بين أنصار فتح، حيث انقسمت جماهيرها بين أنصار القيادي المفصول محمد دحلان التي تجمعت في منطقة الساحة، وبين أنصار الرئيس محمود عباس في منطقة الجندي المجهول.

وجرت الخلافات بين أنصار عباس ودحلان في منطقة الساحة بعد إطلاق ماجد أبو شمالة مسؤول "التيار الإصلاحي" التابع لدحلان تصريحات أمام الجماهير بأن كل أبناء فتح في القطاع موحدون ويريدون قيادة لا تؤمن بالتنسيق الأمني مع الاحتلال وتعيد لها كرامتها.

وبدا أن تلك الكلمات استفزت أنصار عباس، مثلما استُفز أنصار دحلان بعدما أطلق عباس تصريحات قال فيها إن "دحلان وأعوانه جواسيس".

‪شرطى يحرس مهرجانا لأنصار محمد دحلان بغزة في 2017‬ شرطى يحرس مهرجانا لأنصار محمد دحلان بغزة في 2017 (رويترز)
‪شرطى يحرس مهرجانا لأنصار محمد دحلان بغزة في 2017‬ شرطى يحرس مهرجانا لأنصار محمد دحلان بغزة في 2017 (رويترز)

فتح تتهم وحماس تنفي
وقبيل مهرجان إيقاد الشعلة، اتهمت حركة فتح الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس باعتقال 500 من كوادر وقيادات فتح في قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم فتح عاطف أبو سيف إن بين هؤلاء المعتقلين أمناء سر للحركة دوهمت منازلهم، وتحدث عن تهديد المطابع بمنع طباعة أي منشورات خاصة بذكرى الانطلاقة، متهما قوات الأمن التابعة لحماس بالاعتداء على عدد من أمناء سر حركة فتح في القطاع، وبينهم إبراهيم أبو علي وهو أسير محرر.

واعتبر أبو سيف أن ما جرى استهدف منعهم من إقامة فعالية إيقاد شعلة الانطلاقة، ورسالة لعدم تنظيم مهرجان الانطلاقة في مدينة غزة يوم 7 يناير/كانون الأول الجاري.

بيد أن الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم نفى حدوث اعتقالات لأعضاء من حركة فتح، وتحدث عن "استدعاءات وفق تفاهمات" لعدم حدوث مشاكل أثناء إيقاد شعلة حركة فتح وسط ميادين غزة.

وقال إن الشرطة تدخلت للفض بين المتظاهرين بعدما حدث عراك بين أنصار دحلان وأنصار عباس.

ووصف اتهام فتح للأجهزة الأمنية باعتقال المئات من عناصرها بالافتراءات، وقال إنه لا يوجد معتقلون من حركة فتح. وأكد أن ما حدث هو استدعاء 38 شخصا من كافة محافظات قطاع غزة في إطار إجراءات المحافظة على النظام والهدوء، قائلا إن من تم استدعاؤهم مكلفون على دوائر تنظيم فعاليات حركة فتح في غزة.

وقال البزم إن ما جرى كان لمنع تفاقم الاحتكاك الداخلي بين عناصر فتح وأي أعمال تخل بالأمن العام، وإنه تم إخلاء سبيل من تم استدعاؤهم، داعيا إلى وقف ما سماها حملة التضليل والهجوم على الأجهزة الأمنية في غزة.

‪البزم قال إنه جرى استدعاء 38 من أعضاء حركة فتح لضمان عدم الإخلال بالأمن أثناء الاحتفالات بانطلاقة الحركة‬ (الجزيرة)
‪البزم قال إنه جرى استدعاء 38 من أعضاء حركة فتح لضمان عدم الإخلال بالأمن أثناء الاحتفالات بانطلاقة الحركة‬ (الجزيرة)

تنظيم المهرجان
وقبل يومين قررت دائرة التعبئة والتنظيم في حركة فتح إقامة مهرجان الانطلاقة بغزة على أرض السرايا في السابع من الشهر الجاري، لكنها فوجئت بتضارب مواعيد إيقاد شعلة الانطلاقة التي كانت تقيمها سنويا في ساحة الجندي المجهول، بعد أن دعا فصيل محمد دحلان لإقامة التجمع في نفس الموعد.

وبهذا الشأن، اعتبر عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في غزة جمال عبيد أن حماس تمنح غطاء لبعض المفصولين عن حركة فتح وتشاركهم في إيقاد شعلة الانطلاقة، مشيرا بذلك إلى أنصار دحلان.

ويقول عبيد "نربأ بحماس أن تدخل في بند المحرمات في العلاقات الوطنية، بمنحها غطاء لبعض المفصولين والخارجين عن الحركة لإيقاد شعلة فتح بغزة، وهذا ما لا تقبله الحركة أبدا، مما يتسبب في تعقيد الأمور التي نجتهد في فتح على أن تكون شعلة انطلاقتنا هي الدعوة للوحدة".

ودعا حركة حماس إلى وقف ما وصفها بسياسة الاعتقالات والعودة إلى لغة الحوار والقواسم المشتركة التي تجمع كل أطياف الشعب الفلسطيني.

فتح أصبحت "فتحين"
بالرجوع إلى العامين الماضيين، لم تخلُ احتفالات حركة فتح من الخلافات الداخلية نظرا للانقسام الداخلي فيها، فتشهد جامعة الأزهر التي تسيطر عليها الحركة في غزة كل عام مشاكل داخلية بين مؤيدين لعباس ومؤيدين لدحلان، ويؤدي ذلك إلى مواجهات وإصابات بالتزامن مع احتفالات انطلاقة الحركة فيها.

وتعود المشاكل الداخلية في حركة فتح بين القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان وبين قائد فتح الحالي محمود عباس، إلى نهاية العام 2010، وخاصة بعد تأسيس دحلان التيار الإصلاحي الديمقراطي في حركة فتح بغزة مطلع العام 2015 ومحاولة فرض نفوذه في غزة عبر مساعدات إنسانية لكافة الفئات.

ويتمتع دحلان بشعبية كبيرة في غزة لأنه استطاع نشر نفوذه وكسب تأييدا له من خلال المساعدات الإنسانية عبر اللجنة الوطنية الإسلامية للتنمية والتكافل الاجتماعي التي يمولها ويديرها أتباعه بتمويل من دولة الإمارات وبعض الدول العربية الأخرى، وكذلك عبر المركز الفلسطيني للتواصل الإنساني (فتا) الذي تديره زوجته جليلة دحلان وتمول مشاريعها الأسرة الحاكمة في الإمارات.

ويقول المحلل السياسي أنور السهيلي إن قيادة عباس في الضفة الغربية ارتكبت أخطاء لن تستطيع معالجتها لأنها أعطت مساحة واسعة لدحلان كي يوسع نفوذه في غزة عبر المساعدات الإنسانية واستغلال خلافات بعض قيادات الحركة مع عباس وانضمامهم إلى جماعته، فضلا عن عقوبات الاستقطاع من رواتب موظفيه في غزة التي تصل إلى 50% منها.

ويضيف السهيلي أن دحلان عبر جمعياته مول مشاريع لدراسة الطلاب الفقراء في غزة، ومنح مساعدات للأسر الفقيرة وأجرى عمليات جراحية للعديد من الحالات الصعبة.

كما أن وسائل الإعلام المصرية والخليجية روجت له، مما مكنه من فرض نفسه كقيادي فلسطيني يحظى بتأييد جماهيري، في حين أن الرئيس عباس يعاقب غزة بالخصم من رواتب الموظفين، وهو ما يجعل حركة فتح منقسمة وتحتاج إلى إعادة حسابات كثيرة وتنازلات من الطرفين حتى تعود موحدة.

المصدر : الجزيرة