فضيحة دير شبيغل تتسع.. من الفبركة إلى الاحتيال

German journalist Claas Relotius
ريليوتيوس اختلق قصصا صحفية مختلفة حازت على اهتمام القراء (الأوروبية)

خالد شمت-برلين

أخذت فضيحة فبركة صحفي سابق بارز في أسبوعية دير شبيغل الألمانية لعدد كبير من قصصه وأخباره المنشورة بعدا واسعا بالكشف عن قيام هذا الصحفي الذي وصف بـ"سوبر ستار الصحافة الألمانية" بتضليل قراء المجلة الشهيرة بدعوتهم لتبرعات خيرية يعتقد أن أموالها ذهبت إلى حسابه المصرفي.

وذكرت تقارير صحفية ألمانية نشرت اليوم الأحد أن محرر دير شبيغل المستقيل كلاس ريليوتيوس تجاوز الفبركة والغش إلى الاحتيال باستغلاله قصة لفقها جزئيا بشأن يتيمين سوريين ادعى لقاءهما بتركيا، في دعوة قرائه عبر بريده الإلكتروني الشخصي إلى تقديم دعم مالي لهذين الطفلين.

ورجحت صحيفة فرانكفورتر الغماينة زونتاغ تسايتونغ ذهاب محصلة هذه التبرعات إلى حساب ريليوتيوس المصرفي، وأشارت إلى أنه لا أحد يعرف الجهات التي استجابت لدعوة المحرر السابق بدير شبيغل ولا حجم الأموال التي حولت إلى حسابه.

ولفتت إلى أن القصة التي استغلها الصحفي بجمع التبرعات تتعلق بطفلين سوريين يتيمين يعيشان في شوارع تركيا وزعم أنه التقاهما هناك.

‪(الأوروبية)‬ كلاس ريليوتيوس تجاوز الفبركة والغش إلى الاحتيال
‪(الأوروبية)‬ كلاس ريليوتيوس تجاوز الفبركة والغش إلى الاحتيال

كذب وتلفيق
وقالت الصحيفة إن ريليوتيوس ادعى كذبا أنه بذل مجهودا شاقا لشهور حتى تمكن من إحضار الطفلين السوريين إلى ولاية سكسونيا السفلى الألمانية، حيث تبنتهما أسرة يعمل الزوج والزوجة فيها طبيبين، ونقلت عن أيمن أوزمان المصور التركي الذي رافق محرر دير شبيغل السابق بتركيا أن أجزاء من قصته بشأن الطفلين مبالغات وغير حقيقية.

من جهتها، نفت مجلة دير شبيغل علمها بموضوع التبرعات لصحفيها السابق، وقالت إنها ستحيل كافة المعلومات التي بحوزتها بشأن اختلاق وفبركة ريليوتيوس إلى النيابة العامة في سياق شكوى جنائية.

وزاد الإعلان عن تحصيل صحفي دير شبيغل المستقيل أموال مساعدات خيرية وهمية بحسابه المصرفي وقع الصدمة التي أحدثها الكشف عن فبركات واختلاقات لقصص وهمية قام بها الصحفي.

وضربت هذه الفضيحة مصداقية مجلة دير شبيغل العريقة -التي تأسست عام 1947- في مقتل، وذكرت بفضيحة مدوية أخرى هي نشر مجلة شتيرن عام 1983 لمذكرات مزيفة للزعيم النازي أدولف هتلر، ووصف كاتب بارز في صحيفة بيلد الشعبوية واسعة الانتشار ما جرى بدير شبيغل بأنه أشبه بضبط مصور فضائح لبابا الفاتيكان متلبسا في بيت للدعارة.

‪(غيتي)‬ مجلة دير شبيغل أحالت ما لديها بشأن فضيحة الاختلاق إلى النيابة العامة
‪(غيتي)‬ مجلة دير شبيغل أحالت ما لديها بشأن فضيحة الاختلاق إلى النيابة العامة

غش واختلاق
وجاء إعلان مجلة دير شبيغل إحالة ما لديها بشأن فضيحة الاختلاق للنيابة العامة بعد إقرار هيئة تحريرها في عددها الصادر أمس السبت أن ريليوتيوس" تعمد غش قرائه وزملائه بعدد كبير من أخباره وقصصه الملفقة قليلة الصور والخالية من التسجيلات أو الأدلة".

وقالت إن الصحفي المستقيل لم يلتق بكثير من الشخصيات التي روى عنها أو اقتبس منها، واستغل مواد لوسائل إعلامية أخرى بتركيب شخصيات أضفت عليها تخيلاته صورا حقيقية.

وأبقت المجلة الألمانية على مواد ريليوتيوس بأرشيفها دون تغيير حتى إثبات الاتهامات الموجهة ضدها، وخصصت بريدا إلكترونيا لتلقي الأدلة من الرأي العام على ما وقع من فبركات.

وأوكلت إلى لجنة من خبرائها ومن الخارج إجراء تحقيق عن أدلة التزوير الصحفي، وأعلنت أنها ستوثق نتائج هذا التحقيق ومقترحات اللجنة لتحسين آلية الأمن فيها.

فبركة وجوائز
والتحق كلاس ريليوتيوس البالغ 33 عاما بدير شبيغل صحفيا حرا في عمر الـ27 وعين فيها صحفيا ثابتا قبل عام ونصف.

وتضمنت فبركاته وقصصه الوهمية 14 موضوعا من بين ستين موضوعا نشرها في النسختين المطبوعة والرقمية للمجلة خلال السنوات السبع الأخيرة، وشملت هذه التلفيقات مواضيع "أشبال الأسود" عن طفلين عراقيين اختطفهما تنظيم الدولة الإسلامية ورباهما حسب خياله، والرقم 440 بشأن سجين يمني في غوانتانامو.

وحصل ريليوتيوس لأربع سنوات متتالية على جائزة اتحاد المراسلين الألمان، وجائزة صحفي العام من شبكة "سي أن أن"، وجائزة الإعلام الكاثوليكي، وجائزة الصحافة الأوروبية وجائزة بيتر شول لاتور التي سحبت منه قبل أيام، في حين لم يحدد مانحو الجوائز الأخرى مواقفهم بعد الكشف عن فضيحة التلفيق.

وعمل صحفي دير شبيغل السابق في عدة صحف ألمانية وسويسرية وبريطانية، ودفع الكشف عن مواضيعه الملفقة بصحيفة فرانكفورتر الغماينة تسايتونغ للإعلان عن إجرائها مراجعة للتأكد من مصداقية ثلاث مواد نشرتها لريليوتيوس.

وتضمنت مواد ريليوتيوس الملفقة الحاصلة على جوائز دولية موضوع "لعبة أطفال"، وهي مقابلة قال الصحفي الألماني الذي لم يذهب إلى سوريا إنه أجراها مع طفل سوري ممن أشعلوا الثورة، و"صائد الحدود" بشأن أميركي يحرس تطوعا حدود بلاده مع المكسيك.

ومن المواضيع الأخرى "الشاهدة الأخيرة"، وهو عن مواطنة أميركية تجوب البلاد كشاهدة على تنفيذ أحكام الإعدام، فضلا عن مقابلة مع تراوتا لافرنسي إحدى الناجيات من معسكرات الاعتقال النازية، ونفت لافرنسي في تصريحات لعدة صحف صحة أجزاء كثيرة أوردها الصحفي السابق في دير شبيغل على لسانها.

المصدر : الجزيرة