كورونا يسرق البحر من الغزيين ويحرمهم الطقوس الرمضانية

كورونا ألقى بظلاله الثقيلة على شهر رمضان في غزة-رائد موسى-الجزيرة نت
كورونا ألقى بظلاله الثقيلة على شهر رمضان في غزة (الجزيرة)

رائد موسى-غزة

مع غروب الشمس، وقبيل موعد آذان المغرب، كان من المعتاد أن ترى عشرات الأسر تفترش الأرض على شاطئ البحر في قطاع غزة لتناول طعام الإفطار في شهر رمضان المبارك، سواء كان ذلك هربا من انقطاع التيار الكهربائي الذي يحوّل منازلهم إلى "قبور مظلمة"، أو بحثا عن أجواء أسرية رمضانية ينتظرونها من العام إلى العام.

عدنان أبو حجر (45 عاما) أحد هؤلاء الذين اعتادوا منذ سنوات اصطحاب أسرته المكونة من تسعة أفراد للإفطار على شاطئ البحر، من أجل متعة الإفطار في الهواء الطلق، إذ لا هواء ولا كهرباء –غالبا- في منازل الغزيين، وحيث يقطن في مخيم الشابورة للاجئين في مدينة رفح (جنوبي القطاع).

غير أن هذه العادة -وغيرها الكثير من الطقوس الرمضانية- غابت عن رمضان هذا العام في غزة، نتيجة تفشي فيروس كورونا الذي اجتاح العالم، ووصل قطاع غزة.

وكان شاطئ البحر بالنسبة لأبو حجر ملجأ للهرب من الهموم، ونزهة للأسرة والأطفال، تبعث في النفس السكينة والسرور، حيث يقول للجزيرة نت "هي نزهة غير مكلفة ماديا، وتقتصر على وجبة الإفطار المنزلية وبعض المسليات والمشروبات".

وقال أبو حجر، وهو شرطي يتقاضى 40% فقط من رواتبه الشهرية منذ سنوات، مثل موظفي غزة؛ إن "الإفطار على شاطئ البحر يأخذ طابع البساطة، ولذلك كنت أصطحب أسرتي مرات عدة خلال شهر رمضان لنروّح عن أنفسنا بعض تعقيدات الحياة وأزماتها".

وحسب تقديرات مؤسسات محلية ودولية، فإن نحو 80% من بين مليوني نسمة في غزة يعتمدون في معيشتهم على مساعدات إنسانية وإغاثية، في وقت تجاوزت فيه نسبة الفقر أكثر من 60%.

وتعد أزمة الكهرباء واحدة من أعقد أزمات غزة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي، حيث يصل عدد ساعات فصل الكهرباء يوميا إلى 16 ساعة، وتزيد على ذلك في أوقات الذروة، ومنها شهر رمضان المبارك.

‪عدنان أبو حجر خصص زاوية في منزله لأداء التراويح والصلوات جماعة مع استمرار إغلاق المساجد في غزة‬ (الجزيرة)
‪عدنان أبو حجر خصص زاوية في منزله لأداء التراويح والصلوات جماعة مع استمرار إغلاق المساجد في غزة‬ (الجزيرة)

لك الله يا غزة
ويقول أبو حجر "لك الله يا غزة، سنوات من الألم والحصار والحروب، ليأتي كورونا ويزيد معاناتنا ويخنقنا ويحرمنا البحر، وحتى متعة صلاة التراويح حرمنا منها خلال الشهر الفضيل".

ورغم شعور أبو حجر بكثير من الألم والحسرة لغياب الطقوس الرمضانية، فإنه يحث الناس على إبداع طقوس رمضانية عائلية، وإقامة شعائر الشهر المبارك في المنازل، والدعاء بأن يجنب الله غزة والبشرية الأوبئة والأمراض.

وفي ظل استمرار إغلاق المساجد في رمضان، خصص أبو حجر زاوية في منزله لأداء الصلوات وصلاة التراويح جماعة مع أفراد أسرته. 

واتخذت "لجنة المتابعة الحكومية" -التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)- إجراءات احترازية مشددة لمنع تفشي فيروس كورونا، كان آخرها استمرار إغلاق المساجد، ومنع التجمعات على شاطئ البحر.

المصدر : الجزيرة